بين استراتيجية الإبادة والغزو البري

00:33 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاطف الغمري

دفع تأجيل إسرائيل خطتها للزحف البري العسكري على غزة، إلى إثارة تساؤلات لدى الجهات الدولية المتابعة لهذه العملية، عمّا إذا كانت إسرائيل تنوي تنفيذ خطة بديلة – ولو مرحلياً – لتنفيذ «استراتيجية الإبادة» بالغارات المكثفة على كل شبر من أرض غزة، وتوسيع عمليات القتل الدموي الجماعي، للرجال والنساء والأطفال، ثم قياس نتائجها قبل أن تقرر المضي في خطة الزحف البري الواسعة.

ثم فوجئ العالم، مساء السبت 27 أكتوبر الماضي، بالغارات الجوية والبرية ومن البحر ليلاً، غير المسبوقة من حيث الكثافة والقوة التدميرية، وهو ما قال عنه رئيس جمهورية كولومبيا «إن البشرية تواجه الآن إبادة جماعية».

قبل ذلك، ظل هناك إحساس لدى الإدارة الأمريكية بأن نتنياهو مصمم على المضي في الغزو الشامل، وهو ما أشار إليه مؤخراً، في حديثه للصحفيين بأنه ليس لدينا سوى مهمة واحدة وهي تدمير «حماس»، ولن نتوقف حتى نحققها. ثم لحق به وزير الدفاع، يواف غالانت، ليقول سوف نبدأ العمليات البرية العسكرية في الوقت المناسب، وفي الوقت نفسه، نبحث عن خيار استراتيجي بديل، وهو ما فسره، المتابعون لما يجري، بأنه يعني زيادة عمليات التدمير والقتل الجماعي، حسب نظرية إبادة البشر.

وهناك مصادر وُصفت بأنها متعددة وعلى اطلاع بخطط إسرائيل نقلت عنها شبكة تلفزيون «سي. إن. إن» قولها إن مسؤولين عسكريين أمريكيين يحاولون إبعاد إسرائيل عن فكرة الهجوم الدموي على البشر، وهدم المنازل، ومساعدتها على اتخاذ بدائل استراتيجية مختلفة، وأن هؤلاء الخبراء يستعيدون في أذهانهم دروساً مستخلصة من حرب العراق، خاصة معركة الفلوجة عام 2004.

هنا قال مصدر قريب من تفكير إدارة بايدن، إنه لا يعتقد بأن إسرائيل لديها حتى حينه، استراتيجية نهائية بشأن الخطوة القادمة، وأن أمريكا زاد قلقها من أن استراتيجية الزحف البري يمكن أن تؤدي إلى احتلال دموي وطويل الأجل.

في السياق نفسه، قال بول روجرز أستاذ دراسات السلام بجامعة براد فورد لصحيفة «الغارديان»، إن الهجوم البري الإسرائيلي على غزة يمكن أن يعتريه الإرهاق.

ولحق بالمنشغلين بالاحتمالات غير المؤكدة التي تأمل فيها إسرائيل من سياستها الراهنة، تومس فريدمان، الكاتب البارز في مقاله بصحيفة «نيويورك تايمز»، بقوله إن إسرائيل على وشك ارتكاب خطأ مروع، إذا لم ينجح بايدن في جعل إسرائيل تفكر ملياً في ما لديها من أفكار. وأن الغزو الشامل لغزة سوف يجلب على أمريكا وإسرائيل معاً، تعقيدات، فإسرائيل مندفعة بتهور، ومن دون أي التزام واضح منها بالسعي نحو حل الدولتين، وتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية، وأنها بذلك ستشعل حريقاً هائلاً.

وتوالت الهجمات بأعلى حجم من القوة التدميرية لتؤكد صحة ما يقال عن أن إسرائيل تنفذ استراتيجية إبادة البشر، ثم يعلن الجيش الإسرائيلي أنه «إذا لم تسفر هذه العملية عن النتائج المطلوبة فسوف نعود للزحف البري».

غير أن أكثر من جهة من الجهات الغربية المتابعة لما يجري راحت تعتبر أن إسرائيل تمزج الآن بين الاثنين.. خطة الزحف البري – بقدر محدود في البداية – وبين استراتيجية إبادة البشر، مع حرص على إحاطة طبيعة تلك العمليات بالغموض، وهو الوصف الذي أطلقه عليها خبراء معهد بروكنجز الأمريكي.

أيضاً وصفت شبكة «سي. بي. سي»، ما يجري بأنه عملية غزو فعلي، وكان هذا التعبير ينطبق على ما قاله دانيال هاجاري، المتحدث بالجيش الإسرائيلي، من أن إسرائيل تدفع بالمزيد من الجنود للقتال على الأرض. وهو ما استقرت عليه شبكة VOX بقولها إن إسرائيل تجمع عملياً، بين خطتي الحرب، بعملية برية، مصحوبة في الوقت نفسه بقصف جوي تدميري متواصل، فيما عرف بخطة إبادة البشر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynabh7e3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"