صراع العملاقين

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

رغم الحشد الأمريكي منقطع النظير ضد روسيا؛ بهدف إلحاق هزيمة مذلّة بها على التراب الأوكراني، وإضعافها لعقود مقبلة، عبر الدعم غير المحدود لكييف، بالشراكة مع دول «الناتو» الأخرى، فإن التحدي الجيوسياسي والاقتصادي المُلحّ لواشنطن لا يتمثل في موسكو، بقدر ما يتمثل في بكين؛ التي تُعدّها الولايات المتحدة منافساً اقتصادياً يمكن أن يسقط هيمنتها العالمية؛ بسبب ثقل بكين السياسي والاقتصادي، وقدرات جيشها الكبيرة والمتطورة، وحساباتها المتوازنة والمحسوبة.

لقاء الرئيسين الصيني شي جينبينغ، ونظيره الأمريكي جو بايدن، على الرغم من أهميته في الإسهام في خفض التصعيد بين البلدين إلى حدود آمنة نسبياً، فإنه لا يمكن البناء عليه لتعزيز الثقة، أو عدّه اختراقاً كبيراً للعلاقات المتأزمة والخلافات الكبرى، أو بداية جديدة لعلاقات تقوم على المصالح المتبادلة. فبايدن قبل لحظات من القمة أعلن أنّ الصين في عهد شي تعاني مشاكل فعلية، وهذا مؤشر على أن ما يحدث بين العملاقين العالميين هو كسر عظم، وصراع يمس طموح كل طرف، فأمريكا ترى في الصين تهديداً عبر نواياها في الصعود قطباً عالمياً، يزاحمها على قيادة العالم، بينما الصين ترى أن واشنطن تسعى إلى بناء حلف على غرار «الناتو» على حدودها.

وعلى الرغم من الحراك الدبلوماسي، وآخره اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين، فإن الشكوك تخيّم على علاقاتهما، فواشنطن تعد تطور الترسانة العسكرية الصينية استهدافاً مباشراً لها، ولحلفائها؛ لذا تعمل على محاصرة بكين عسكرياً عبر دعم دول محيطة بها، كاليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، وتسعى إلى استفزازها في البحر الجنوبي، إضافة إلى الدعم غير المحدود لتايوان، في حين أن الحرب التجارية على أشدها، وهذا ما يجعل ثقة العملاق الآسيوي بواشنطن ضئيلة جداً، فبكين ترى أن الكم في هذا العداء من قبل أمريكا هدفه توريطها في حروب تضعفها، فهي ترى أن الخطوة الأولى نحو التعاون البنّاء ليس باللقاءات، وإنما «بوقف صب الزيت على النار، وعدم إذكاء الصراعات خدمة لمصالح واشنطن على حساب الآخرين».

في المقابل، إضافة إلى أن واشنطن ترى في الصين تهديداً تجارياً وعسكرياً، فإنها ترى في الشراكة الاستراتيجية بين بكين وموسكو، خطراً داهماً، خصوصاً أنهما أعلنتا مراراً عزمهما إنشاء نظام دولي جديد، وهذا يعني هدم النظام القائم الذي تديره واشنطن.

المرحلة المقبلة، عنوانها الصراع بين الصين وأمريكا، على الرغم من أن ظاهر الأمر يشير إلى أنهما تسعيان إلى المحافظة على أرفع الخطوط التواصل لتجنب صدام هما في غنى عنه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ymav5w6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"