عادي

تعزيز الشمولية وصحة قلب المرأة

11:47 صباحا
قراءة 5 دقائق
ceo

مقال قيادة فكرية | د. فرحانه بن لوتاه، استشارية الطب الباطني، تخصص أمراض الغدد الصماء والسكري، رئيسة عيادة أمراض القلب و عمليات الأيض في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري


شهد العالم في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في الاهتمام بالصحة العامة وصحة القلب والأوعية الدموية بشكل خاص، ولم تكن دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بمنأى عن هذه الجهود، إذ تقوم بمبادرات توعوية متنوعة بهذا المجال على مستوى القطاعين الحكومي والخاص لتحفيز أفراد المجتمع على تعزيز العناية بصحتهم. ولاقت هذه المبادرات استحسانًا واسعًا لدى الأوساط الطبية، خصوصاً في ظل الحاجة لمثل هذه التحركات الجادة بسبب الارتفاع المستمر في معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بالمنطقة.


وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الأمراض تمثل السبب الرئيسي للوفاة عالميًا  
. ويرجع سبب ذلك إلى ارتفاع معدلات عوامل خطر الإصابة بتلك الأمراض، مثل السمنة وهي عوامل تنتشر بشكل متزايد لدى البالغين الأصغر سناً  . وكشفت دراسة أخرى أن حوالي نصف المرضى الذين دخلوا المستشفيات   بسبب إصابتهم بنوبات قلبية حادة كانوا تحت سن الخمسين وأن واحدًا من كل عشرة منهم كان أقل من سن الأربعين.


وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يحمل شعار "تعزيز الشمولية"، تتجدد الدعوة لرفع مستوى الوعي بهذا المرض بين الجميع، بغض النظر عن العمر أو الجنس، وتوفر هذه المناسبة فرصة مميزة لكسر الحواجز التقليدية التي قد تحول دون حصول الجميع، وخاصة النساء، على الرعاية الصحية المناسبة والمعلومات الضرورية للحفاظ على صحة قلوبهن.


وتُظهر الدراسات أن النساء يواجهن خطرًا يقارب الضعفين لتكرار الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بالرجال. لذلك، نحث النساء أن يتخذن خطوات فعّالة نحو تحسين صحة قلوبهن لمستقبل أكثر إشراقًا وصحة.


وقد لاحظتُ أنه بالرغم من الإحصائيات التي تشير إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنه لم تُجرَ نقاشات كافية حول تأثير هذه الأمراض في النساء. ويسود اعتقاد خاطئ بأن الرجال أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنةً بالنساء، ما يستدعي التنويه المستمر لتصحيح هذا المفهوم الخاطئ. والحقيقة هي أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية في سن مبكرة  مقارنة بالنساء، حيثيحمي هرمون الاستروجين النساء من الإصابة بأمراض القلب حتى مع انخفاض مستوياته بعد سن اليأس. ولذلك، يكون متوسط عمر الإصابة بنوبة قلبية عند النساء حوالي 70 سنة  مقارنةً بـ 65 سنة لدى الرجال.

إلا أن النساء أكثر عرضة للوفاة جراء النوبات القلبية مقارنة بالرجال. وتُعزى هذه المشكلة إلى التشخيص غير الدقيق للنساء المصابات بأمراض القلب والأوعية الدموية وعدم توفير العلاج اللازم لهن، بسبب ظهور أعراض غير واضحة ويصعب اكتشافها، خاصة إذا كان التشخيص يقتصر على فحص الأعراض "المألوفة" للنوبات القلبية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بأعراض غير نمطية للنوبات القلبية مثل الإرهاق الشديد وضيق التنفس ما يزيد من تحديات إجراء تشخيص دقيق للمرض.


علاوة على ذلك، تؤدي بعض الأمراض التي تُصاب بها النساء فقط إلى زيادة خطر إصابتهن بمرض الشريان التاجي. وتشمل هذه الأمراض التهاب بطانة الرحم ومُتلازِمة المِبيَض مُتعدِّد التكيُّسات وسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم الذي يظهر أثناء فترة الحمل. وتدل هذه الحقائق على أنه بالرغم من الاعتقاد الشائع بأن الرجال هم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، إلا أن النساء يواجهن خطرًا أكبر للإصابة بأمراض القلب وقد يعانين من أعراض وعوامل خطر مختلفة.


تمكين المرأة من صحتها لتولي مسؤولياتها القيادية 
ونحن نحتفل باليوم العالمي للمرأة، أحب أن أسلط الضوء على الأهمية الكبرى لضرورة تمكين النساء من الانتباه الشديد لحالتهن الصحية بشكل عام، وصحة قلوبهن على وجه التحديد فهو أمر بالغ الأهمية، فغالباً ما نبذُل - نحن النساء-، جهودًا مضنية في تقديم كل سبل الرعاية والاعتناء بأهم الأشخاص في حياتنا مثل والدينا وأزواجنا وأطفالنا وحتى الأصدقاء، بل ونضعهم كأولوية أولى على رأس اهتماماتنا، بينما ننسى في كثير من الأحيان الاعتناء بصحتنا. لقد حان الوقت لأن نظهر لأنفسنا نفس المستوى من الرعاية، ونمنح أنفسنا الاهتمام اللازم لنعيش حياة صحية ومتوازنة. حتى نكون قادرات على تقديم الدعم والرعاية لأحبائنا بطريقة أكثر فعالية.

دعونا نتعرف الى أهم التحديدات التي قد تواجه المرأة، وكيفية مواجهتها من خلال مجموعة من الخطوات الاستباقية، حتى نتمكن من خلق مستقبل أفضل لجميع النساء، لا تسرق فيه أمراض القلب حياة أعز الأشخاص في حياتنا.

وحتى نتمكن من تحقيق ذلك يجب اتباع بعض الإجراءات المهمة التي تعمل على تحسين صحتك القلبية وخلق مستقبل أكثر صحة وسعادة لنفسك:

•    التعرف الى عوامل الخطر الخاصة بك: من الضروري معرفة مصادر الخطر التي قد تتسبب في إصابتك بأمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك من خلال تتبع تاريخ الإصابة بهذه الأمراض داخل عائلتك، للوقوف على مدى احتمالية إصابتك بها سواء كانت ضعيفة أو متوسطة أو عالية أو عالية جدا.

•    الكشف عن مستويات الكوليسترول الضار " LDL-C" : يعد الكشف عن مستويات الكوليسترول الضار أو الـ "LDL-C " أمر حاسم  وضروري باعتباره عامل أساسي في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يمكن عن طريق إجراء هذا التحليل تقييم عوامل الخطورة، فإذا ما كان المريض من الفئة منخفضة الخطورة فلا يجب أن يتجاوز معدل الكوليسترول الضار لديه 116مليجرام لكل ديسيليتر، أما إذا كان من الفئة متوسطة الخطورة فمن الضروري ألا تتجاوز مستويات الكوليسترول الضار لديه حاجز الـ 100 مليجرام لكل ديسيليتر، بينما مريض الفئة عالية الخطورة فيجب أن يقل مستوى الكوليسترول الضار لديه عن 70 مليجرام لكل ديسيليتر، أما المرضى من فئة المخاطر العالية جداً فيجب أن تكون مستويات  الكوليسترول الضار لديهم أقل من 55 مليجرام لكل ديسيليتر، وعن طريق هذا الإجراء يمكنك اتخاذ قرارات مستنيرة وتدابير وقائية فعالة.

•    إدراج فحص مجموعة الدهون ضمن الفحوصات الدورية: من الضروري إدراج فحص مستويات الدهون ضمن الفحوصات الطبية الروتينية الخاصة بك لمراقبة مستويات الكوليسترول بشكل عام. سواء الكوليسترول الكلي والـ HDL (الكوليسترول المرتفع الكثافة) والـ LDL (الكوليسترول منخفض الكثافة) والدهون الثلاثية. وذلك للمساعدة في الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

•    تبني أسلوب حياة صحي متوازن: للوصول إلى حياة صحية مليئة بالنشاط والحيوية، بعيدة بقدر الإمكان عن الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب يجب أن تُعطي الأولوية لاتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة بعض الأنشطة الرياضية بصورة منتظمة، بالإضافة إلى الإدارة الجيدة لعوامل الضغط النفسي مثل التنفس العميق، والتي بدورها تساعد في التخفيف من التوتر.

•    نشر الوعي بأهمية صحة القلوب: إن نشر الوعي بين الأهل والأصدقاء والمجتمع المحيط بك، بأهمية الكشف على صحة القلب والأوعية الدموية والقيام بإجراءات وتدابير للوقاية منها، يمكن أن يساهم بشكل كبير جدا في خفض معدلات الإصابة بتلك الأمراض.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3x3wxr7x

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"