الخوارزميات لإنقاذ الشعر العربي

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تشك في أن الشعر أكبر من أن نقول فيه كلمةً كنسمةٍ عابرة، ونوصدَ الباب؟ قلّة من الشعراء والنقاد سيصرّون على أن شعرنا بخير، وكان النقاد دائماً أكثر الأدباء جدلاً. لكن النهج الأقوم، هو أن تجترح فتقترح أفكاراً إيجابيةً تساعد الشعراء على شق دروب غير مسلوكة. ليس سهلاً خوض غمار ما بعد التجمّد الحالي، فقد وصل هذا الفن العريق إلى قاموس المرور: الطريق غير سالك، النقطة العمياء، قف. ماذا وراء اليوم التالي لمغادرة غرفة الإنعاش؟ لم يعد شعرنا يحتمل الركود والجمود والخمود. قديماً، جمع المجد من أطرافه: صنّاجة العرب، شاغل العصور. المتنبي نفسه جعل السقف إيفريستيّاً: «وتركُك في الدنيا دويّاً كأنما.. تداولُ سمعَ المرء أنملُهُ العشرُ». بعده بثلاثة قرون قال جلال الدين الرومي: «صهٍ، إلى متى تئنّ، فحتى مئة قرن، سيظل العالم يدور على آهاتي، ويلفّ على حسراتي».

أبو الطيب والمولوي أرقامهما غينسيّة، الأوّل يطالب بترك هدير عالمي، والرومي يعاتب الشاعر: ما لك تظنّك جِرْماً صغيراً، وأنت ستبقى صادحاً كالتينور الأوبرالي، طوال عشرة آلاف عام؟ ماذا دهاك أيها الشاعر العربي؟ منذ الشاعر الجاهلي لم يمض حتى سبعة عشر قرناً. لماذا انكسر نبض الإيقاع والموسيقى؟ صار الشاعر الحداثوي يخادعنا بتوزيع المفردات إخراجيّاً على السطور؟

المناعة المكتسبة في الموسيقى أقوى ممّا عليه في الشعر. مثلاً: المخادع الغشاش لا يستطيع أن يلعب دور باجانيني في عبقرية العزف على الكمان، ولا نبوغ فرانز ليست في البيانو. بينما يحاول الكثيرون في ألاعيب النصوص التجريبية، ادّعاء الفن بألعاب تشكيلية. لكن التاريخ يعرف جيّداً الزبد الذي يذهب جُفاءً، ويعرف ما ينفع تاريخ الأدب والفن، فيمكث في علياء التألق.

لنكن عمليين إيجابيين. على شعرائنا الذين يريدون حقّاً الخروج من هذا المأزق الشعري التاريخي، أن يخوضوا تجارب لم يعرفها تاريخ الشعر عبر العصور. على أبناء عصر الذكاء الاصطناعي، أن يؤمنوا بالبحث العلمي، أن يستعينوا بالخوارزميات في إعادة النظر كليّاً في الدوائر الشعرية في العروض والقوافي. أن يجرّبوا خوارق الذكاء الاصطناعي، في خلق الآلاف من الإيقاعات الجديدة بفضل الإمكانات اللانهائية بين جميع تنويعات تفعيلاتنا. حرام أن نضيّع ثروة إيقاعاتنا وندّعي أن للنثر موسيقى وإيقاعات داخلية. هل نهبط إلى مستوى الكذب على المفهوم العلمي للإيقاع؟ احترموا العلم إن تجاوزتم احترامنا.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاعتدادية: الشعراء في ميراثنا رمز للإبداع، فليهبّوا لإنقاذ الإبداع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y6p4fztu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"