عادي

«حسابات الربح والخسارة».. لماذا وقف إطلاق النار في غزة صعب المنال؟

20:01 مساء
قراءة 4 دقائق
«حسابات الربح والخسارة».. لماذا وقف إطلاق النار في غزة صعب المنال؟

رغم الجهود القوية والمكثفة والضغوط الدبلوماسية التي تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإقرار مقترح وقف إطلاق النار في غزة، فإن الأمر يبقى صعب المنال إلى حد بعيد، بحسب عدد من المراقبين والخبراء.

  • جوهر الخلاف

يعود جوهر الخلاف حول الصفقة ثلاثية المراحل، وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين وخبراء، إلى هدف حماس المتمثل في تأمين وقف دائم لإطلاق النار منذ البداية، وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من غزة قبل تسليم معظم الرهائن.

بينما تقول إسرائيل إنها مستعدة للتفاوض على وقف دائم للحرب، التي دخلت الآن شهرها التاسع، ولكن فقط بعد تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكمية، وهو ما يتعارض بالطبع مع أهداف حماس المتمثلة إبقاء سيطرتها على قطاع غزة الساحلي.

ويقول النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي شاؤول شاي، «إن الرهائن هم الأوراق الوحيدة التي تملكها حماس كوسيلة ضغط ضد إسرائيل، لذا فإن مطلبها الأساسي هو الحد الأقصى». وأضاف: «ما تريده حماس هو أن تنسحب إسرائيل وتنهي الحرب، وأن تستمر حماس في حكم غزة، مع كل ما يترتب على ذلك، في حين أن مصير الرهائن ليس واضحاً تماماً».

  • هل النهاية قريبة؟

ورغم أن إسرائيل بدت أكثر قرباً للتفكير في نهاية للحرب الآن بعد أن بدأت عمليتها البرية في مدينة رفح في غزة، والتي اعتبرتها المعقل الأخير للمسلحين، لكن حماس أظهرت مرونة وظهرت من جديد وسط غزة، حيث اعتقدت إسرائيل أنها طهرتها من المسلحين.

ويقول زكريا القاق، الخبير الفلسطيني في الأمن القومي، إن حماس «ليس لديها حافز كبير للتسوية والتخلي عن أي دور مستقبلي بعد الحرب». وأضاف: «لا تريد أن تخسر سياسياً بينما لا تزال صامدة عسكرياً.. قوتها المتحدية المتبقية هي انتصارها».

وتقول حماس في بيانات متعددة إنه على الرغم من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل قبلت الخطة، فإن كل ما سمعته من نتنياهو هو مواصلة الحرب.

وبالإضافة إلى الضمانات الأمريكية بوقف دائم لإطلاق النار، تطالب حماس الآن بأن تعمل روسيا والصين وتركيا كدول ضامنة وموقعة على وقف إطلاق النار. وهذا الطلب لن يكون مقبولاً بالنسبة لإسرائيل.

  • الترتيب الزمني للمقترح

وتبدأ الخطة المكونة من ثلاث مراحل بوقف فوري ومؤقت لإطلاق النار والعمل على إنهاء دائم للحرب وإعادة إعمار غزة. وتدعو الخطة أيضاً إلى إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين في غزة، من مدنيين وجنود، مقابل إطلاق سراح عدد أكبر بكثير من الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية.

وبدأت سلسلة ردود الفعل من المقترحات والاقتراحات المضادة في أواخر إبريل/نيسان، عندما قدمت إسرائيل مسودة اقترحها إلى الرئيس الأمريكي السابق أوباما.

وعرضت إسرائيل تنازلين على الأقل، حيث سمحت للفلسطينيين النازحين من شمال غزة بالعودة إلى منازلهم، وخفضت عدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم من 40 إلى 33 في المرحلة الأولى من الصفقة. ومن بين أكثر من 250 شخصاً تم أسرهم خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال 116 منهم في غزة، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

وفي 6 مايو/أيار، أعلنت حماس أنها قبلت الاقتراح، لكن اتضح أنها كانت تقبل نسخة معدلة. وقالت إسرائيل في ذلك الوقت إن هناك فجوات كبيرة لا تزال قائمة بين الجانبين.

وبعد أسابيع، ردت إسرائيل بالمسودة الأخيرة، التي طرحها بايدن في خطاب ألقاه في 31 مايو، ثم أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويقول المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون إنه يشبه إلى حد كبير مسودة 6 مايو التي قبلتها حماس.

وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الاقتراح تمت الموافقة عليه بالإجماع من قبل حكومة الحرب المصغرة في إسرائيل، على الرغم من أن أعضاء اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو الحاكم وفي مقدمتهم الوزير إيتمار بن غفير، تعهدوا بأنه إذا واصل الطريق، فسوف يسقطون حكومته.

وأمام هذه التهديدات تجنب نتنياهو تبني الاقتراح علناً، لكن إدارة بايدن تقول إن إسرائيل توافق عليه بالكامل. وقال مسؤول حكومي إسرائيلي هذا الأسبوع إن الاقتراح مكن إسرائيل من تحقيق أهدافها الحربية. وأضاف: «إسرائيل قبلت الاقتراح كما كان وكما هو».

  • الأوضاع الميدانية

ويأتي هذا الجدل بعد أسبوع متقلب بين الإسرائيليين وسكان غزة، فبينما كان الإسرائيليون مبتهجين بعملية الإنقاذ الجريئة لأربعة رهائن من غزة، نعى الفلسطينيون العشرات من سكان غزة الذين قتلوا خلال الغارة على مخيم النصيرات (أكثر من 200 قتيل، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة). ويقول محللون إن ارتفاع عدد القتلى من المرجح أن يؤدي إلى تشديد موقف حماس التفاوضي. وبعد أيام، قُتل أربعة جنود إسرائيليين وأصيب عدد آخر بعد أن فجر مسلحو حماس مبنى في رفح، حيث كانت تعمل القوات.

ويشير الوسطاء الدوليون إلى أن «مصدر قلقهم الأكبر هو أن سد الفجوات قد يستغرق وقتاً طويلاً، في ظل الحاجة إلى إنهاء هذا في أقرب وقت ممكن. وتعهدت إدارة بايدن بمواصلة العمل مع الوسطاء لسد الفجوات، ولكن بعد أيام من الدبلوماسية المكثفة في المنطقة، فإن الجهود التي استمرت أشهراً لإنهاء الحرب تبدو عالقة أكثر من أي وقت مضى، حيث يتمسك كل جانب بعناد بالمطالب القصوى غير المقبولة للطرف الآخر. وهو ما دفع بايدن للقول: «لم أفقد الأمل، لكن الأمر سيكون صعباً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4brthexj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"