«إنسيلادوس».. أمل في الحياة خارج الأرض

اكتشاف الهيدروجين على سطحه
02:25 صباحا
قراءة 4 دقائق

إعداد: إبراهيم باهو

في 15 سبتمبر/‏ أيلول 2018 أنهى «كاسيني» المسبار التابع لوكالات الفضاء الأمريكية «ناسا» والأوروبية والإيطالية، رحلته بعد أكثر من 20 عاماً، كلله بالكثير من النجاحات والاكتشاف المهمة، منها دراسة 6 أقمار تابعة لكوكب زحل، والكشف عن محيط من الماء السائل تحت قشرة أحد أقماره الجليدية وهو «إنسيلادوس»، ما أعطى العلماء أملاً في أن يكون هذا القمر المكان الوحيد في المجموعة الشمسية الذي ربما يصلح للحياة خارج حدود كوكب الأرض.
في أحدث الدراسات حول القمر كشف باحثون من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في إبريل/‏نيسان الماضي، عن أدلة تثبت وجود الهيدروجين على سطحه، وجاء هذا الكشف بعد دراسة المسبار كاسيني ل«نوافير المياه» أو «المنافس المائية الحرارية» المندفعة من سطح القمر الجليدي المتصدع، ويعد الهيدروجين من اللبنات الأساسية للحياة.
بحسب العلماء، تشبه تلك المنافس الموجودة على سطح الأرض، فهي تشكل عملية يطلق عليها الدورة الحرارية المائية، إذ يزود مصدر للحرارة في باطن الكوكب مثل الصخر الحار أو المنصهر هذه العملية بالطاقة اللازمة، وعندما تتسرب مياه البحر إلى قاع المحيط تصبح ساخنة، وتتفاعل كيميائياً مع الصخور التي تمر من خلالها، وتتحول إلى سائل حمضي غني بالمعادن المذابة وغاز كبريتيد الهيدروجين.
يرى العلماء أن فوهات المياه الحرارية وما يحيطها تمثل أماكن لبيئة حيوية تعيش عليها أحياء من أنواع خاصة، وأن العامل الرئيسي في تغذية تلك البيئات الحيوية هو التمثيل الكيميائي لبكتيريا نشطة تستغل أكسدة كبريتيد الهيدروجين وحرارة تلك المنافس، لتكوين مركبات عضوية من مواد غير عضوية، من ضمنها استغلال ثاني أكسيد الكربون كمصدر في تكوين المركبات.
وكان علماء اكتشفوا نوعاً من بكتيريا الكبريت الخضراء على عمق 2.500 متر في شرق المحيط الهادي، تقوم بتمثيل ضوئي مع كبريتيد الهيدروجين كمادة اختزال من دون الأكسجين، إذ لا تصل أشعة الشمس إلى البكتيريا في تلك الأعماق، ولكنها تستغل الأشعة تحت الحمراء الصادرة من المدخنات المائية الحرارية عن طريق «كلوروسوماتها» الحساسة للضوء في تمثيلها الضوئي.
ويفترض العلماء أن نشأة الحياة ربما بدأت في المنافس المائية الحرارية، ويقول العلماء إن الظروف البيئية التي تسود في الحقول المائية الحرارية في أعماق المحيطات بالقرب من الفوهات تماثل الظروف التي كانت عليها الأرض في الدهور القديمة التي يرى فيها علماء الجيولوجيا الحيوية نشأة للحياة فيها.
ويؤكد العلماء أن وجود الهيدروجين يعني أن الميكروبات في حال وجودها يمكنها الاستعانة به للحصول على الطاقة بدمجه مع ثاني أكسيد الكربون المذاب في المياه.
كشف «كاسيني» عن سطح القمر «إنسيلادوس» وبيئته بشكل مفصل عندما أدت رحلات طيران منخفضة بالقرب منه في عام 2005، واكتشفت انبعاث عمودي غني بالماء نابع من منطقة القطب الجنوبي للقمر، ويبين هذا الاكتشاف، إلى جانب وجود تسرب في الحرارة الداخلية وعدد قليل جداً من الفوهات الصدمية في منطقة القطب الجنوبي، أن القمر من الناحية الجيولوجية، نشط في الوقت الحاضر، وغالباً ما تصبح الأقمار في أنظمة السوائل الفضائية الشاملة للكواكب الغازية العملاقة محاصرة في الرنين المداري، والذي يؤدي إلى مَيَسَان طولي أو انحراف مداري، ومن ثم، فإن القرب من كوكب زحل، بإمكانه أن يؤدي إلى حرارة المد والجزر في باطن «إنسيلادوس»، التي تقدم تفسيراً ممكناً لهذا النشاط.
يعد «إنسيلادوس» الذي اكتشفه عالم الفلك البريطاني وليام هيرشل في عام 1789، سادس أكبر قمر لزحل، وواحداً من أصل ثلاثة من أجرام للنظام الشمسي الخارجي إلى جانب البراكين الكبريتية لقمر كوكب المشتري «آيو»، والينابيع الحارة النيتروجينية لقمر الكوكب نبتون «ترايتون» حيث لوحظت الانفجارات النشطة، ويقترح تحليل للانبعاثات الغازية أن «إنسيلادوس» نشأ من مجموعة من المياه السائلة الجوفية، بالإضافة إلى المواد الكيميائية الفريدة من نوعها التي عُثِرَ عليها في الانبعاث العمودي التي زادت من التكهنات عن احتمالية أهمية هذا القمر في دراسات علم الأحياء الفلكي، وزاد من مصداقية النظرية التي توضح أن الحلقة (إي E) تكونت من المواد النابعة من «إنسيلادوس»، ففي مايو عام 2011، أفاد علماء بمؤتمر المجموعة البؤرية لمناقشة القمر «إنسيلادوس» بأنه «بدأ يظهر كأكثر البقاع، خارج كوكب الأرض في النظام الشمسي، صالحة للحياة».
وفي العام الماضي حصل علماء أمريكيون على أدلة جديدة تؤكد وجود محيط مياه سائلة ضخم تحت سطح «إنسيلادوس»، وأن عينات الماء تحتوي على الكربون، وهو عنصر كيميائي ضروري للحياة، ما يعني احتمال وجود كائنات مجهرية به، كما أن القمر يحتوي تقريباً على جميع المكونات الداعمة للحياة الميكروبية.
ويرى البعض من العلماء أن مياه «إنسيلادوس» مالحة وليست عذبة، وتشير قياسات الجاذبية إلى أن المحيط يقع على عمق ما بين 30 و40 كيلومتراً تحت سطح القمر، ويبلغ سمكه نحو عشرة كيلومترات، وثبت أن مياهه تصل إلى الغلاف الجوي لزحل، ما أدى إلى وجود خاتم من البخار المائي حوله.
وجد الباحثون أن حجم التمايل الطفيف للقمر أثناء دورانه حول زحل، قد يشير إلى احتمال ألا يكون الغلاف الخارجي (القشرة الخارجية) ل «إنسيلادوس» صلباً ومتجمداً بالنسبة إلى نواته الصلبة، ما يدل على وجود محيط مائي أسفله، ويعني هذا الاكتشاف أن جميع ما رصده كاسيني بالقرب من القطب الجنوبي ناجم عن الخزان الواسع من المياه السائلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"