«شارع الحوادث».. بسمة للأطفال المرضى

02:40 صباحا
قراءة 3 دقائق
الخرطوم: عماد حسن

يمتلك الشباب السوداني طاقات هائلة، تتنوع بتنوع استغلالها إيجاباً أو سلباً، ومن بين إبداعاته المختلفة نجح الشباب في تبني عدد من المبادرات المجتمعية والخدمية، ظهرت نتائجها سريعاً ووجدت ترحيباً حاراً وكبيراً من المواطنين، وعلى رأسها مبادرة «شارع الحوادث»
انطلقت قبل عشر سنوات، واختلفت الروايات حول نشأتها، وسرعان ما احتلت حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام، لبساطة فكرتها وسرعة تبلورها في واحد من أهم أفرع التكافل والتعاضد، وشارع الحوادث اسم يرتبط بالمستشفيات، حيث يطل قسم الحوادث على هذا الشارع.
إحدى الروايات تقول إن أحد الشباب كان جالساً في شارع الحوادث واقتربت منه امرأة تسأله المساعدة في شراء حقن وأدوية لابنتها، وهنا دفع الشاب كل ما لديه والتفت إلى من بجواره وطلب منه المساعدة ففعل، ومضى إلى ثالث ففعل، ورابع وخامس حتى اكتمل المبلغ.
ولدت الفكرة إذن، ودعا الشاب عدداً من أصدقائه إلى التجوال في شارع الحوادث ليلاً ونهاراً، لاصطياد من لا يجد ثمناً للدواء، وأيضاً اصطياد من يمكن أن يدفع ثمنه. وعلى الرغم من أن هناك رواية موثقة عن مجموعة من الشباب كانت تقدم برامج ترفيهية للأطفال المصابين بالسرطان، لمساعدتهم على التأقلم مع المرض، واكتشفوا أنهم أحوج إلى الأدوية أكثر، فبرزت الفكرة، فإن المهم هو انتشار الفكرة ونيلها حيزاً من الرضى والدعم من كل من سمع بها، حتى أصبحت المبادرة بنكاً متحركاً يلجأ إليه كل من يحمل «روشتة» دواء؛ بل إن المبادرة تطورت مع تدافع المتطوعين وتجاوب الناس، وأسست لنفسها مكاتب لتسيير العمل اليومي، وانتشرت فروعها في المستشفيات.
وما إن خلقت المبادرة لنفسها شخصية مستقلة وأصالة تعبر عن شباب من الجنسين، يصطحبون إرثاً ثقافياً سودانياً يتفاعل طوعاً مع مكون إنساني، حتى التفتت إليها جهات حكومية آنذاك، وبدأت محاربتها بشدة من دون أية مبررات.
يقول أحد المبادرين الشباب: «المبادرة التي جاءت برداً وسلاماً على مواطنين يحتاجون الدواء والعلاج، تحتاج إلى دفعة جديدة هذه الأيام، حيث تنخر أزمة الدواء صحة الناس، ويحجب ارتفاع أسعارها نعمة الصحة والعافية».
ويضيف شاب آخر: «كان الهدف من وراء تكوينها هو استيعاب الشباب وتمكينهم من قدرات كامنة، وتطوير ما لديهم من مواهب ومن ثم توظيفها في أعمال إنسانية ومجتمعية تعبر عن «البوش» السوداني، بكل معاني المشاركة الوجدانية.
أما الآن فنحن في حاجة ماسة إليها، لمحاربة ارتفاع أسعار الدواء والمساعدة في تخفيف الغلاء، بعد أن نجحت المبادر سابقاً بشهادة الجميع، في تقديم مساعدات نوعية ومادية لكل من يحتاج إليها، خاصة أنها تحظى باهتمام رجال أعمال وخيّرين، وتضخم رصيدها حتى لفت انتباه السلطات التي فشلت في توفير الدواء».
ويرى كثيرون أن المبادرة تقدم نموذجاً تطبيقياً لإمكانية التراحم بين الجميع والانفعال الإيجابي المشترك بقضايا الوطن حتى يغادر المرض أوردته وشرايينه. وتعكس المبادرة انفراد الشباب بفعل محسوس وإبداع جديد يصب في صالح المجتمع، بدلاً من الانشغال بانتظار الحكومة والنخب التي فشلت في تأسيس دولة تلتزم بصحة ورفاهية مواطنيها.
المبادرة التي أسست أرضية للتكاتف والتكافل اختفت من وسائل الإعلام وفقدت زخمها وبريقها، لكنها لا تزال باقية على الأرض، حيث اكتفى شبابها بالعمل بصمت يمنحها قوة دفع وتفاؤل بالاستمرار.. هكذا يقول أحد الشباب الذين يرفضون نشر أسمائهم ويكتفون بعنوان وأهداف المبادرة كقاسم مشترك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"