«قلعة سكمكم».. تاريخ يطل من الجبال

شاهدة على عراقة ومعالم إمارة الفجيرة
02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
الفجيرة: بكر المحاسنة

تنتشر في إمارة الفجيرة العديد من القلاع والحصون والأبراج القديمة، التي تؤكد أن الأجداد والآباء عاشوا على تراب هذه الأرض الطيبة وعمروها بإرادتهم الصلبة وعزيمتهم التي لا تلين، ومنها قلعة سكمكم التي تسمى «قلعة الجبل»، فهي شاهدة على عراقة وتاريخ الفجيرة بشكل عام ومنطقة سكمكم بشكل خاص، واكتسبت أهميتها من كونها قديماً مكاناً يلتقي فيه أبناء المنطقة لمناقشة كل ما يتعلق بأمور حياتهم، وكانت الاحتفالات بالأعياد والمناسبات تقام أمام ساحتها التي يحيط بها.
تقع «قلعة الجبل» التي انتهت هيئة الفجيرة للسياحة والآثار مؤخراً من إعادة تأهيلها وترميمها بمنطقة سكمكم الواقعة على بعد 5 كيلومترات شمال مدينة الفجيرة، ويؤكد إعادة البهاء لها إلى أننا لا نزال نرتبط بأهلنا حباً‮ ‬وتيمنّا وجذوراً‮ ‬راسخة في‮ ‬عمق الأرض كجذورها الشامخة بشموخ أهل سكمكم.
سعيد السماحي مدير هيئة الفجيرة للسياحة والآثار يشير إلى أن قلعة سكمكم تشكّل سجلاً‮ ‬تاريخياً،‮ حمل تفاصيل حياة الأهالي في هذه المنطقة،‮ ‬فمنذ نشوئها سكن الناس فيها وإليها التجؤوا خلال‮ ‬الحروب‮، لذلك عملت الهيئة على إعادة سيرتها الأولى وتأهيلها وترميمها من خلال أعمال استمرت لأكثر من سنة وشملت إصلاح كافة أركان القلعة التي تتكون من برج دائري، غرفة ومطبخ وحمام وسجن صغير الحجم وساحة خارجية أمام مدخلها الأمامي، وتمت إعادة ترميم كافة الأجزاء وبرجها لكي‮ ‬تصبح كما كانت عليه في‮ ‬الماضي، واستخدم‮ في‮ ‬الترميم المواد المحلية التي ساهمت في البناء منذ مئات السنين.
ويقول السماحي: «بنيت القلعة منذ مئات السنين على تل عالٍ يصل ارتفاعه إلى حوالي 13 متراً وهي تشرف على المنازل القديمة المبنية من الحجارة والطين وسعف النخيل المنتشرة حولها والتي عاش فيها أهالي سكمكم، واستخدمت القلعة بهدف الدفاع عن المنطقة والمناطق المجاورة والرقابة، ولحماية المناطق الزراعية التي شكلت في تلك الفترة عصباً اقتصادياً لجميع السكان، وللسيطرة على الممر الواقع ما بين الساحل والأراضي الداخلية عبر فترات التاريخ المتعاقبة».
ويضيف السماحي: «قلعة الجبل عبارة عن مبنى تاريخي ضخم شهد ماضياً يدعو للفخر ولكل جزء منها قصته، وإعادة ترميمها وتأهيلها جاء بتوجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة وولي عهده الأمين سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، لتبقى شامخة مستنشقة هواء سكمكم المحمّل بعبق الذكريات، ولتظل أحد شواهد المنطقة ومعالمها التي لم تنفصل عن أحداثها، وتكون كذلك مزاراً سياحياً يتردد عليها السياح من مختلف أنحاء العالم».
قيمة تاريخية
يعلق الوالد محمد عبيد علي، قائلاً: «بنيت القلعة منذ مئات السنين على تل جبلي ذات صخور قاسية واستخدم في بنائها الحجارة الصلبة والطين المطعم بالحصى الصغيرة وسفع وجريدة النخيل وأقيمت بطريقة هندسية، وحملت تفاصيل حياة منطقة سكمكم والمناطق المجاورة لها، وظلت القلعة مركزاً تاريخياً لسكانها حتى العصر الحديث، وهي تطل على عدد كبير من الواحات الزراعية والمنازل القديمة التي سكنها الأهالي قديماً، لذلك استخدمت لمراقبة المنطقة والدفاع عنها ضد أي اعتداء، وحماية المحاصيل الزراعية وكانت تشكل ثروة اقتصادية كبيرة وخاصة محاصيل نبات الغليون».
ويقول ياسر الحفيتي: «القلعة بكل أجزائها تحكي التاريخ العريق للفجيرة ومنطقة سكمكم، وتعبّر عن سلسلة الأحداث التي مرّت بها، حيث تتميز بالطابع الهندسي وبمكانتها وصلابتها وقيمتها التاريخية».
ويشير محمد راشد الحفيتي، إلى أن القلعة تمنح الناظر من خلالها مشهداً طبيعياً خلاباً للمنطقة المحيطة بها، ويعطي بناؤها الجميل الشامخ المتماسك انطباعاً عن متانة وقوة البناء في الماضي، ويتابع قائلاً:
«كل جزء في القلعة ينبض بالحياة والأصالة وتحمل بين جنباتها عظمة ومجد الآباء والأجداد وصبرهم على الظروف القاسية، وإعادة ترميمها يؤكد الحرص الكبير على التاريخ العريق والتراث وصونه».
ويتحدث الوالد علي الحفيتي، ويقول: «تطل القلعة على منطقة سكمكم من كافة الاتجاهات وسهولها ومزارعها وجانب مدينة الفجيرة والمناطق المجاورة لها، لذلك استخدمها الأهالي منذ مئات السنين لحماية المناطق الزراعية التي شكلت في تلك الفترة عصباً اقتصادياً خاصة مزارع التمور ونبات الهليون، كما استخدمت في الماضي للدفاع ضد هجمات عديدة من قبل اللصوص وقطاع الطرق للسطو على الماشية و المحاصيل، كما كان الأهالي يتجمعون في المناسبات أمام القلعة و تستخدم كذلك لعقد الاجتماعات في ساحتها الكبيرة قديماً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"