عصر «كورونا» مرشح للاستمرار

02:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

يبدو أن العصر الحالي سيطلق عليه عصر كورونا؛ حيث ما يزال العالم يكافح الفيروس منذ أكثر من تسعة شهور من دون أن يجد علاجاً شافياً. فكل ما نشر عن أدوية ولقاحات، ما زال موضع شك في فاعليته تجاه الفيروس؛ بل إن الدول التي أعلنت عن خلوها من الفيروس؛ مثل: نيوزيلاندا والصين، عاد الفيروس للانتشار فيهما، وكذلك ارتفعت وتيرة العدوى في أوروبا، فيما نهش الفيروس بقوة القارتين الأمريكيتيين إلى جانب الهند وجنوب شرق آسيا.
وإذا كان الطاعون الأسود استمر عامين في انتشاره، وأباد الملايين في بداية القرون الوسطى، وتمت مكافحته بوسائل وأدوية بدائية، فإن الجائحة الحالية هي أقل فتكاً؛ لكنها أكثر انتشاراً. والغريب أنه مع تطور الطب والوسائل الوقائية المتعددة، فإن تردي الوقاية؛ أدى إلى انتشار العدوى بقوة، ويتوقع أن تتصاعد، فالوعي الشعبي عالمياً يعد ضعيفاً جداً، ويضغط الفيروس على الاقتصاد العالمي، ويواصل الركود انتشاره. والغريب أن شركات الأدوية التي تدعي تطوير لقاحات للفيروس، تحصد أرباحاً خيالية مع أن اللقاحات لم تكتمل اختباراتها سريرياً، فالجميع في سباق؛ لإنتاجه مع أن بعض العلماء الحصيفين يؤكدون أن أي لقاح يحتاج ما بين عشرة إلى خمس عشرة سنة؛ لإثبات نجاعته.
مثال على ذلك شركة «موديرنا» الأمريكية، مع دخول لقاحها المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على البشر؛ وهي المرحلة الأخيرة التي تسبق التسويق. باتت قيمة الشركة نحو 30 مليار دولار في بورصة «وول ستريت»؛ حيث ارتفعت قيمة سهمها بنسبة 250% منذ مطلع العام.
وحققت أسهم الشركات المنافسة أيضاً ارتفاعاً مشابهاً، مع 350% لشركة «إينوفيو» وحتى 3580% لشركة «نوفافاكس» وهما شركتان أمريكيتان، و103% لشركة «بايونتيك» الألمانية؛ حيث تدفقت الأموال على شركات التكنولوجيا الحيوية بشكل كبير، وتلقت دعماً من مختلف الحكومات، وسارع المستثمرون إلى المضاربة في أسهمها على أمل أن تحقق أرباحاً كبيرة؛ بعد تطوير اللقاحات؛ لكن هذا الأمر مجرد مضاربة نظرية؛ لأن أي لقاح دون مشاكل، يتطلب عقداً من الزمن، ليكون مقبولاً؛ ولأنه يوجد مئة لقاح قيد التطوير، والمردود المالي المنتظر لا يصل إلى مئات المليارات؛ بل أقل من ذلك بكثير؛ بسبب المنافسة الشديدة المتوقعة؛ حيث إن تدخل الحكومات في تمويل الشركات؛ لإنتاج لقاحات بسرعة؛ أدى مثلاً إلى تلقي شركة أمريكية واحدة 38 مليار دولار من الحكومة الأمريكية. فثمة معركة مضاربات بالأسهم، تجري في المختبرات أقل حدة من المعركة ضد الفيروس؛ بل ذهبت بعض الشركات إلى الإعلان عن أنها ستسوق لقاحاتها بأسعارعالية، وكأنها تريد أن يكون مخصصاً للنخب، وليس لكل سكان المعمورة، بينما يمكن لشركات صينية أو روسية أن تسوقه بأسعار شعبية، ما يمكن أن يدمر الشركات الكبرى.
وبحسب وكالة «بلومبيرج» للأنباء، فقد تم اكتشاف السلالة التي انتشرت في وقت سابق في أجزاء أخرى من العالم، ففي ماليزيا هناك 45 حالة، بدأت بشخص عاد من الهند، وانتهك الحجر الصحي المنزلي.
وحثت منظة الصحة العالمية سكان الفلبين وماليزيا على توخي الحذر، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة؛ لمنع تفشي هذه السلالة، التي انتشرت في بلدان أخرى عدة؛ بينها: الولايات المتحدة والصين وأوروبا.
بالطبع لوحظ أيضاً حدوث ارتفاع في عدد الإصابات والوفيات في الدول العربية؛ حيث يصل المعدل اليومي للوفيات مئة حالة، إلى جانب 10 آلاف إصابة مع غياب إحصاءات دقيقة في كل من ليبيا والعراق وسوريا واليمن، كما أن الضفة الغربية الفلسطينية شهدت وقوع 300 إصابة يومياً مع وجود وفيات يومياً، وهي أرقام في تزايد مستمر؛ بسبب الإهمال في الوقاية؛ وعدم قدرة السلطة على فرض الإغلاق على الأماكن المصابة؛ حيث يمنع الاحتلال نشر قوات الشرطة والأمن خارج المدن؛ بعد وقف التنسيق الأمني، كما أن العمال باتوا ينقلون الفيروس من إسرائيل التي بلغ عدد الإصابات فيها ما يعادل عددها في الصين، دون مقارنة عدد السكان أي أكثر من 84 ألف إصابة. فالحقبة الكورونية يبدو أنها ستستمر لفترة غير محدودة، وعلى العالم أن يستعد للمرحلة الشتوية،التي يختلط فيها فيروس الإنفلونزا مع فيروس كورونا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"