«الميدان» يُعوّل على عودة المعلمين الاثنين ببناء جديد للأجيال

«هندسة» المناهج و«إدارة» الفصول هاجسهم
04:55 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: محمد إبراهيم

مع إطلالة العام الدراسي الجديد 2020-2021، يبدأ المعلمون بالتفكير في التحديات التي تحملها لهم مستجدات العام الجديد، وكيفية التكيف معها، لمزيد من صقل خبراتهم ونتاجاتهم، بما يمنحهم فرصة للتغيير والتجديد والتطوير، في وقت يبدأ فيه دوام المعلمين بمختلف مدارس الدولة الحكومية والخاصة المطبقة لمنهاج الوزارة، يوم الأحد 23 الجاري، ولكن ستستقبلهم المدارس يوم الاثنين 24 منه، عقب إجازة رأس السنة الهجرية.
التعليم الهجين فكر جديد يواكب مستجدات المرحلة، ويدفع مسيرة التعليم في الدولة قدماً نحو المستقبل، وهذا ما يفرض على المعلمين، إدراك مفاهيم التدريس الجديدة وأدواتها، في خطوة جديدة نحو تطوير مهاراتهم المهنية.
ويرى عدد من التربويين أن هندسة المناهج وطرائق طرحها وتوظيفها، وإدارة الفصول والوقت، أبرز تحديات المعلمين في العام الدراسي الجديد، لاسيما أن الميدان التربوي فقد كثيراً من الكوادر التدريسية بسبب جائحة «كورونا».


منظومة التعليم الهجين


وفي المقابل أكد معلمون أن التقليص الذي شهده الميدان التربوي، يدعو إلى مضاعفة جهود من تبقى فيه، فضلاً عن الأدوار الجديدة التي تفرضها منظومة التعليم التي تجمع التعلم «المباشر والذاتي وعن بُعد».
«الخليج» تناقش مع التربويين أبرز الأدوار الجديدة للمعلمين في ظل التعليم الهجين، فضلاً عن أهم التحديات التي تواجه مربي الأجيال، وسبل التغلب عليها.


قراءة تحليلية


البداية كانت مع قراءة تحليلية ل«الخليج» عن أعداد المعلمين، أبطال التعليم الهجين هذا العام؛ إذ بلغ إجماليهم 141 ألفاً و291 معلماً، بواقع 43,800 في المدارس الحكومية، و97,491 في الخاصة، ومن المقرر إخضاعهم لبرنامج التدريب المستمر خلال الأسبوع الأول من العام الدراسي.
ولاشك في أن أي تغيير أو تطوير يطرأ على التعليم، تصاحبه دائماً أدوار جديدة للمعلمين، بوصفهم العمود الفقري لمنظومة التعليم في أي مجتمع. ومع تطبيق التعليم الهجين، باتت للمعلمين أدوار جديدة تمكنهم من التعاطي مع معطيات «التعليم المباشر والذاتي وعن بعد»، وهذا يتطلب إدارة من نوع جديد للفصول الدراسية، فضلاً عن ضرورة هندسة المناهج وطرائق طرحها وتقديمها للطلبة في مختلف مراحل التعليم.


تحدٍّ حقيقي


وأكد التربويون خالد عبد الحميد، وسلمى عيد، واعتدال يوسف، والدكتور فارس الجبور، أن «التعليم الجديد مفهوم جديد في منظومة العلم، ولا يشكل استيعابه ومساراته تحدياً حقيقياً للمعلمين، نظراً لكفاءتهم وخبراتهم في الميدان، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في واقع الضغوط التي تأتي نتيجة مضاعفة الجهد، وزيادة النصاب ليصل إلى 30 حصة بدلاً من 24 لمعلمي المواد الأساسية، عوضاً عن المعلمين الذين أنهيت خدماتهم، نظراً لتداعيات فيروس «كورونا».
وأضافوا أنه ينبغي تركيز المعلمين على وسائل جديدة لإدارة الصفوف، لاسيما أن لدينا ثلاثة مسارات لتعليم الطلبة ضمن التعليم الهجين، فهناك من يتعلم مباشرة وفق جداول ممنهجة ومدروسة، وسيكون الحضور والانصراف وفق جدولة زمنية معلومة ومتجددة يومياً، وآخرون يتعلمون من البيوت أو ذاتياً ويحتاجون إلى المتابعة والإرشاد إلى أسلوب جديد في الإدارة الصفية، لتحقيق الجودة في النواتج التعليمية في مختلف مراحل التعليم.


إعادة هندسة


وقالوا إن إعادة هندسة شرح المناهج ضرورة ملحة، مراعاة للوقت والظروف الراهنة، والفروق الفردية بين الطلبة سواء في المدرسة أو في البيت، وهنا تقع على عاتق المعلم مسؤولية جديدة في استحداث سياسة جديدة في التعاطي مع المنهاج الدراسي، وتدريب الطلبة لتحقيق جاهزيتهم للتقييم في مختلف مراحله.
وأفادوا بأن الموضوعية في تحديد المعلم لمتطلباته، أمر ضروري، يسهم في رقي وتقدم عمله، فعليه أيضاً أن يهيّئ الغرفة الصفية بشكل مناسب لاستقبال الطلبة، وينسق مع الإدارة لصيانة ما يلزم، ويزودها بالوسائل والمواد التعليمية المناسبة، وإذا كان مسؤولاً عن مختبر أو مشغل معين، فعليه متابعة الصيانة، ووضع لمسته المتخصصة على محتوياته، حيث إن إنجاز متطلباته يوفر الوقت كاملاً للتعليم منذ بداية العام الدراسي، ويجعله يشعر بالتغيير والتجديد والجدية.


مجهود مضاعف


وفي لقاء عدد من المعلمين والمعلمات منهم سهام مرتضى، ورمضان محمد، وسارة عبدالله، أكدوا أنه من أكبر التحديات التي قد تواجه المعلم، حدوث اختلال في نظام الصف، خاصة أن التعليم الهجين جعل الصفوف الدراسية في المدارس وداخل البيوت، وهذا يتطلب مجهوداً مضاعفاً للمعلم. فعليه أن يتخذ بعض الإجراءات المؤقتة التي تحفظ النظام، من خلال خبراته ومعرفته بالأساليب المناسبة للظروف الراهنة.
وأشاروا إلى أهمية بقاء المعلم على إشرافه وملاحظته لجميع فئات الطلبة، سواء في المدرسة أو من يتلقون علومهم في البيت، مع الاستدامة في تقديم النصح لهم بالهدوء، تجنباً للفوضى التي تسود بين طلبة التعليم عن بُعد في البيوت أكثر من الطلبة الذين يتلقون تعليماً مباشراً في المدرسة، وينبغي حث الطلبة على عدم القيام بسلوكات سلبية تؤثر في سير العملية التعليمية، ويعرفهم بقيمة المعلم ويغرس في نفوسهم المبادئ الصحيحة، بتعريفهم بثواب طالب العلم وفضله.


خطط جديدة


ومن الضروري وضع قائمة بالأمور التي يعتقد المعلم أنها ستكون ضمن التحديات التي يواجهها، ويصمم الخطط للتفكير في كيفية علاجها والتكيف معها أو التغلب عليها، ويضع أهدافاً واقعية ويحدد مهامه بدقة، فهذا ما وصل إليه المعلمون: حازم مراد، وشيرين علي، وفدوى مازن، ومنى سلامة، وعمرو عبدالله.
وأفادوا بأن هناك مجموعة من التحديات قد تواجه المعلمين، مثل الارتباك وعدم التركيز، نتيجة الضغوط المتجددة وعدم التنظيم، وغياب الموضوعية؛ إذ إن عدم التنظيم يشكل تحدياً كبيراً يعوق عمل المعلم.
وأكدوا أن التنظيم يعد أساس العمل، وكلما كان المعلم أكثر تنظيماً، كان من السهل عليه البدء في أداء واجباته التدريسية بنجاح، موضحين أن تنظيم الصف افتراضياً أو مباشراً، والإجراءات العملية الأخرى، تعد أسس الضبط والنظام الصفي اللذين سيتيحان للمعلم وللطلبة، الانخراط الفاعل في عملية التعليم والتعلم.
وأوضحوا أن الاطلاع الواعي على أدلة المعلم والاستفادة منها، خاصة من مقدماتها التي تشرح الطرق والأساليب المناسبة لتدريس محتوى الكتب المدرسية، وكذلك قراءة الكتب الجديدة أو المعدلة، تمثل ضرورة ملحة في تميز معلم عن آخر، فضلاً عن أهمية الاطلاع على ملاحظات التأمل الذاتي التي وضعت على مذكرات التحضير.


طريقة إلقائية


ريبال غسان العطا، وحنان شرف، وإبراهيم القباني، أكدوا أهمية ابتعاد المعلم عن الطريقة الإلقائية، ولا يلجأ إليها إلا عندما لا يجد طريقة أخرى لعرض المادة؛ لأن الإلقاء الطويل يؤدي إلى انصراف الطلبة عن الدرس، ويدفعهم إلى المشاغبة والخروج عن النظام، لاسيما أن لديه هذا العام طلبة داخل الصف يتعامل معهم مباشرة، وآخرين يتابعون الشرح عن بعد.
وأضافوا: «أما إذا اضطر إلى استخدام تلك الطريقة، فيجب أن يراعي استخدام الوسائل التعليمية المناسبة، وتوظيف التكنولوجيا، واستخدم التلميحات غير اللفظية، كالإشارات والإيماءات وتعبيرات الوجه، واستعمال طبقات الصوت ونبراته في تمثيل المعاني والمشاعر والأحاسيس المختلفة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه يستحسن أن يقوم بالتنويع بين استعمال الإلقاء والمناقشة بين الحين والآخر، ويراعي التنويع في طرق العرض لإبعاد الرتابة والسأم والملل من نفوس الطلبة».


مهام المعلم


وأكد المعلمون منى محمد، ومنال سعيد، وياسين مراد، أن مهام المعلم دقيقة تحتاج إلى خبرات كبيرة تساعده على إعداد أجيال المستقبل، لذلك ينبغي عليه الاستفادة من الدورات التدريبية التي تعقد في بداية العام الدراسي، لتطوير ذاته وكفاءته المهفنية، ويحرص على مزيد من التطور بالقراءات المتخصصة، وتصفح الإنترنت، والتواصل مع المعلمين الآخرين لتبادل الخبرات والتجارب، وألا يتردد في طلب المساعدة والمشورة من الخبراء والمتمرسين في التعليم، الذين يعدون أهم مصادر المعرفة.
وأشاروا إلى أهمية الاحتفاظ بدفتر يوميات خاص خلال العام، يدوّن فيه أهم الملاحظات عن الأحداث والأفكار، وقراءتها والتأمل فيها، ثم التقييم الموضوعي لما أنجزه بنجاح، للاستفادة من تلك النتائج في الممارسات المستقبلية.


تعيينات جديدة


وترتبط التعينات الجديدة للمعلمين ارتباطاً وثيقاً بالاحتياجات الفعلية للميدان خلال العام الدراسي، وحتى هذه اللحظة، لم تعلن وزارة التربية والتعليم عن قائمة التعيينات الجديدة. ومن المتوقع أن تستند إلى قوائم معلمي الاحتياط على تطبيق «علم من أجل الإمارات» لسد النواقص التربوية، إن وجدت.
معلمو الأنشطة
وتشهد المدارس في ظل التعليم الهجين، تقليصاً في أعداد المعلمين بمختلف التخصصات، لاسيما معلمي الأنشطة، مثل التربية الرياضة والبدنية والفن والموسيقى وغيرها؛ إذ جاء نصيبهم الأقل ضمن الخطة الدراسية المعتمدة العام الدراسي 2020-2021.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"