المعايير الشرعية ميزان العدل

ورِقٌ ودين
03:23 صباحا
قراءة دقيقتين
د.إبراهيم علي المنصوري *

المعايير الشرعية هي الضوابط الشرعية والتقنية التي تتميز بالدقة العالية والموضوعية، ويُراد منها رفع جودة أداء المؤسسات المالية الإسلامية.
ومما قد يُبادر الذهنُ إلى طرحه من أسئلة: ما الأسباب التي تدعو إلى وضع معايير تضبط العمل المصرفي الإسلامي؟ وهل كانت المؤسسات المالية الإسلامية قبلها تعجز عن الضبط والسير بمنحنى الأداء نحو الأعلى من حيث الجودة وحماية حقوق المساهمين والمتعاملين؟
برزت الحاجة إلى وضع المعايير من أجل تحقيق التطابق في التصورات والتطبيقات بين الهيئات الشرعية العاملة في المؤسسات المالية الإسلامية، لتجنب التضارب في الأداء، وتفعيل دورها مع البنوك المركزية، وكذلك ضبط العمل المصرفي الإسلامي بقوانين وأعراف مصرفية موحدة في مقابل المؤسسات التقليدية والدولية. كما تهدف المعايير الشرعية إلى صون المؤسسات المالية الإسلامية من الانحراف والتقليل من الاهتمام بالمصلحة الخاصة على حساب المبادئ والمصلحة العامة.
وهذا يقودنا إلى فهم آلية وطرق توحيد الفتاوى من خلال المعايير الشرعية، ومنها اعتماد كل الفتاوى الفقهية، واختيار الرأي بناء على قوة الدليل الفقهي، ومناسبته للواقعة مع مرونة التطبيق، كما يمكن اعتماد مذهب فقهي معين للتطبيق، من حيث اختيار الراجح وفق الدليل الشرعي حسب المذهب في كل بلد.
ومن جهة أخرى، لابد من بيان أهم المبادئ الأساسية التي من أجلها تم إنشاء المعايير الشرعية، منها الاستقلالية الكاملة للهيئات والمجالس التي تقوم بإصدارها، وإلزاميتها من خلال إصدار المراسيم التشريعية من قبل الجهات المختصة، وتكون ملزمة لكل المؤسسات المالية الإسلامية كما هو المعمول به حالياً في العمل المصرفي الإسلامي في بعض الدول الإسلامية والعربية كدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ألزمت الهيئة العليا الشرعية التابعة للمصرف المركزي الإماراتي جميع المصارف الإسلامية بتطبيق المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI كمرحلة انتقالية إلى حين إصدار معايير شرعية من قبل الهيئة العليا بالدولة. وساهم ذلك في توحيد الرؤى والفتاوى لدى لهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
وهنا ندرك أن العمل المصرفي الإسلامي، شأنه شأن أي عمل، يحتاج إلى الضبط والتقنين، من أجل تحديد مستويات الجودة المنوطة بكافة أعماله، وحماية حقوق المساهمين والمتعاملين، وأي أطراف أخرى لها علاقة بالعقود المبرمة فيه، من خلال جهة رقابية تشرف على أعماله بشكل كامل، وهي الهيئة الشرعية التابعة للمصرف الإسلامي والهيئة العليا التابعة للمصرف المركزي.
وفي كثير من الأحوال تمنح المعاييرُ القوانينَ صفة الوضوح؛ فالمُشرِّع يحتاج إلى قواعد تُقرر صلاحية الإجراء؛ ليُصدر القانون المناسب لها، ومن خلال تطبيق المعايير الشرعية يُدرك أصحاب القرار في المؤسسات المالية الإسلامية والعاملون فيها أهمية توافق أعمالهم معها، وأن عليهم تعديل الإجراءات وتصويب الأداء وفق ما تقرره لهم الهيئة الشرعية التي تراقب تطبيق هذه المعايير في حال مخالفتهم لأي معيار منها.

* أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية
المساعد بجامعة الشارقة
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"