حليمة البلوشي: نعشق التمريض

شكرا خط دفاعنا الأول
04:38 صباحا
قراءة 4 دقائق
حوار: إيمان عبد الله آل علي

ترعرعت حليمة محمد البلوشي في أسرة تعشق مهنة التمريض، فمعظم فتيات الأسرة امتهنته، وحرصن على التواجد في خط الدفاع الأول ضد فيروس «كورونا» المستجد، متسلحات بالعلم والأمل والإيمان؛ للانتصار على العدو الخفي. البلوشي تغير نمط حياتها كلياً بعد انتشار «كوفيد 19» في الدولة، لتعمل 12 ساعة يومياً، وتواجه تحدياً كبيراً، متمثلاً بدعم المصابين بالفيروس من الناحية النفسية، فالبقاء في غرف العزل الطبي، وعدم التواصل المباشر مع الأهل يؤثر في نفسيات المرضى، وتعمل مع فريق التمريض على نشر روحهم الإيجابية. وهي تعمل ممرضة ومسؤولة عن أحد فرق التمريض في أحد مستشفيات العزل التابعة لوزارة الصحة ووقاية المجتمع.

تقول حليمة البلوشي: أخرج للعمل من الساعة السابعة صباحاً، وأعود إلى المنزل في الساعة السابعة مساء، بدوام متواصل لقرابة 12 ساعة، وأكملت الآن 15 عاماً في مجال التمريض، مهماتي عديدة، تتمثل في التعاون مع الكادر الطبي؛ لتوفير أفضل رعاية للمرضى، وكذلك أقوم بتوزيع الأدوار والمناوبات على الكادر التمريضي، وأشرف على التزام الجميع بارتداء الملابس الوقائية بالطريقة الصحيحة؛ لحماية أنفسهن والمجتمع الطبي من عدوى «كوفيد19» ومتابعة صحة الكادر التمريضي.

فضلاً عن الأمور الإدارية، نقدم الرعاية لمرضى «كورونا» ما يقارب 3 إلى 4 مرات في المناوبة وقد تزيد على ذلك حسب حدة حالة المريض، تتمثل الرعاية التمريضية في التأكد من العلامات الحيوية، وإعطائهم الأدوية، وتقديم العلاج للحالاتv التي تصاحبها مضاعفات، والمرضى الذين تصاحب إصابتهم حرارة عالية تكون الرعاية مشددة عليهم فيكون المرور عليهم كل 4 ساعات، متسلحين بالزي الوقائي.

عائلة تحب التمريض

عن علاقتها بالتمريض، تقول حليمة البلوشي: هو مهنة عشقناها في عائلتنا، فلدي 3 أخوات وبنات خالاتي وعمي أيضاً يعملن به، والآن إن هناك اثنتين من شقيقاتي تدرسن التمريض، وإحداهما بدأت التطوع في المرحلة الحالية؛ لدعم القطاع الطبي، والأخرى لم تستطع التطوع؛ لأنها حامل. والتمريض مهنة سامية، ونشجع المجتمع على الالتحاق بها، وزوجي أيضاً شجعني لأدعو ابنتي عندما تكبر للعمل في مجال التمريض، وهو يدعمني كثيراً بعملي، على الرغم من انشغالي الكثير في الفترة الأخيرة، وانعزالي في غرفة مستقلة في البيت.

لحماية نفسها من العدوى

عن طريقتها لحماية نفسها من العدوى، تقول حليمة البلوشي: غسل اليدين لمدة 20 ثانية باستمرار أفضل سلاح ضد العدو الخفي، فضلاً عن ارتداء الملابس الوقائية الكاملة والقفازات والكمامات وغطاء للرأس وللحذاء، وتنظيف الأسطح باستمرار؛ لحماية الكادر التمريضي والطبي من العدوى، إضافة إلى ذلك يتم إجراء فحص «كوفيد 19» للممرضين كل أسبوعين، وفي حال كانت هناك أي أعراض للمرض فتجرى الفحوص بشكل فوري، وهناك رقابة مستمرة من فرق مكافحة العدوى في المستشفيات لكل الكوادر الطبية والتمريضية.

وعند الوصول للمستشفى نصل للمنطقة الآمنة، ونرتدي الزي الرسمي للتمريض، ثم اللبس الواقي، وعند الدخول على مريض «كورونا» نأخذ كل الإجراءات الاحتياطية؛ لحماية أنفسنا من العدوى، لأننا نعد أنفسنا في منطقة خطرة، وعند الانتهاء من تقديم الرعاية الطبية، وتحديداً في المنطقة ما بين غرفة المريض والمنطقة الخارجية نتخلص من الملابس العازلة، لننتقل إلى المنطقة الخارجية التي تعد آمنة.

الجانب النفسي

التحدي الأكبر الذي تواجهه حليمة البلوشي هو دعم المصابين من الناحية النفسية، وتقول عن ذلك: البقاء في غرف العزل الطبي وعدم التواصل المباشر مع الأهل قد يؤثر في نفسيات المرضى، ودورنا كبير ومهم في دعمهم، ونشر الروح الإيجابية في قسم «كوفيد19» والتحدي والإصرار على هزيمة العدو الخفي، والتحلي بالأمل والإيمان للشفاء والتصدي لوباء «كورونا».

جهود وزارة الصحة ووقاية المجتمع كبيرة في دعم الكادر التمريضي الذين يعملون في أقسام «كوفيد 19» عبر توفير سكن خاص مستقل لهم، ليحموا أسرهم وأنفسهم من العدوى، ولكني اخترت البقاء في المنزل، وعزلت نفسي عن أسرتي وأبنائي، ولدي 6 أبناء، وابنتي الكبرى التي لم يتجاوز عمرها 11 سنة، تتولى شؤون إخوانها الأصغر، وأفتقد كثيراً لجلوسي معهم واحتضانهم وتقديم الرعاية لهم، وأكملت قرابة شهر لم أزر والدتي خوفاً عليها.

دروس

الدروس التي تتعلمها حليمة البلوشي من وباء «كورونا» لا تنتهي، سواء على الصعيد المهني أو الإنساني أو الأسري،. وتقول: النعم التي لدينا عديدة، والتكاتف الكبير الذي نجده في المجتمع أوضح للعالم حقيقة المجتمع الإماراتي، ومستوى الخدمات الطبية في الإمارات، وعلى الصعيد الإنساني، نجد التعاون الكبير بين الكوادر التمريضية، فالممرضة الحامل ندعمها ولا تدخل على مريض «كورونا»، وننوب عنها، والمشاكل والتحديات التي تواجهنا تحل وتعالج مباشرة من قبل المسؤولين في وزارة الصحة ووقاية المجتمع.

وتضيف: رسالتنا الأهم اليوم لكل أبناء مجتمع الإمارات، هي دعوتهم للالتحاق بمهنة التمريض، فالدولة بحاجة إلى أبنائها المواطنين في القطاع الطبي، والتمريض مهنة سامية، وأبناء الوطن بإمكانهم العمل في هذا القطاع والتميز فيه، خاصة أن هناك حوافز وامتيازات تضمن الاستقرار الوظيفي لهم، فرسالة خط الدفاع الأول اليوم تتمثل في دعوة المواطنين للالتحاق بمهنة التمريض، وكلمات قيادتنا الحكيمة في حق العاملين في خط الدفاع الأول أكبر محفز لنا جميعاً للاستمرار في العطاء، والعمل بحب واتقان من أجل أمن وسلامة مجتمعنا، ورسالة أم الإمارات لنا كانت وساماً على صدرنا، ومصدر فخر واعتزاز لكل ممرض، وفرصة لنا للتميز في عملنا، ومواصلة تعلمنا من أجل الارتقاء بوظيفة التمريض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"