الإجهاض (1-2)

03:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

الإجهاض في معاجم اللغة مصدر الفعل (أجهضت الحامل) أي ألقت ولدها لغير تمام، ويذكر الدكتور أحمد كنعان في «الموسوعة الطبية الفقهية» أن الإجهاض هو إلقاء الحامل الحمل ناقص الخلق أو ناقص المدة، ثم يقول: ويسمى الإجهاض إسقاطاً وطرحاً وإملاصاً، فإذا نزل قبل أن يتم 20 أسبوعاً في بطن أمه، أو كان وزنه أقل من 500 جرام سمي سقطاً، وإذا نزل في الفترة العمرية من 24-36 أسبوعاً سمّي خديجاً.
أما عن أسباب الإجهاض فقد ورد في موسوعة «صحة العائلة» التي ألفها فريق من الاختصاصيين الأجانب، وأشرف عليها الدكتور «Tony Smith
» أن الإجهاض أو الإسقاط قد يحدث عندما ينتهي الحمل قبل بداية الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل.
وقد يحدث بسبب إصابة الجنين ببعض الشذوذ الخلقي، أو بسبب بعض العيوب عند الأم مثل تشوهات الرحم، أو الاضطرابات الهرمونية، أو قصور القلب، أو الاضطرابات النفسية، أو مرض السكري، وغيرها.
وحالات الإسقاط في معظم الأوقات تحصل بصورة عفوية، وفي هذه الحالات يكون محموداً لأنه يريح الأم من حمل جنين مشوّه لو ولد، صار عالة على أهله والناس.
إذا عرفنا بأن الإجهاض قد يحدث عفوياً أي من غير قصد أو تعمّد من الأم الحامل، فإن هناك إجهاضاً متعمداً أيضاً، فينزل الجنين إما بقوة الدواء أو الضرب على البطن أو غيره من الوسائل.
ينتشر الإجهاض غالباً في المجتمعات التي تبتعد عن الإيمان بالله، وتستمع إلى النداءات الشيطانية، وتستجيب للنفس والهوى، فتجهض الأم الحامل جنينها بقصد التخلص من العار، لذلك فإن الشرع والقانون الوضعي ينظران إلى الإجهاض للسبب الذي ذكرناه أو لأسباب أخرى غير شرعية بأنه جريمة.
وقد أوردت بعض الإحصاءات أن حالات الإجهاض في البلدان النامية وحدها بلغ عددها في عام 1974، 13 مليوناً، وارتفع في العام 1984 إلى أكثر من 50 مليون إجهاض، وفي أواخر القرن العشرين الميلادي تجاوز العدد 70 مليون إجهاض وهذا ما أوردته منظمة الصحة العالمية في إحصاءاتها.
هذه النسبة العالية من حالات الإجهاض لا تشكل مصدر خطر على الأطفال المجهضين فقط بل على النساء أيضاً، إذ ماتت في الحالات التي ذكرناها أكثر من مليونين من الأمهات الحوامل بهم، وأصيبت ملايين أخرى بالعقم الدائم.
من هنا فإن الإسلام يعاقب على جريمة الإجهاض ويراه بأنه تعدٍّ على مخلوق حيّ، ولاسيما إذا نفخت فيه الروح، والله تعالى يقول: «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً»، (الآية 32 من سورة المائدة).
ومن المعلوم أن الطفل يمرّ بعدة مراحل وهو في بطن أمه: أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
إذن الاعتداء عليه بعد نفخ الروح، كالاعتداء على الإنسان الحي، ومن تسبب في إسقاطه وجب عليه دفع ديته الشرعية.
يقول الإمام الأكبر الشيخ شلتوت: «إن إسقاط الحمل بعد نفخ الروح فيه، حرام وجريمة إذا كان من غير عذر شرعي، وفي إسقاطه الدية إن نزل حياً، وهي نصف عشر الدية أي 5٪ من الدية، وعقوبة مالية أقل منها إن نزل ميتاً».
وللحديث بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"