جمـع التمـــور وتجفيفهــا.. مهنة عريقة تتوارثها الأجيال

تتطلب جهداً كبيراً ومهارة عالية
02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
الفجيرة: بكر المحاسنة

مع نهاية شهر يوليو من كل عام يبدأ الأهالي وأصحاب المزارع في كافة مناطق الإمارات بجمع التمور الناضجة ووضعها على «المسطاح» المصنوع من سعف وخوص النخيل في مكان نظيف معد خصيصاً لتجفيفه تحت أشعة الشمس في المزارع، وذلك قبل تخزينه أو بيعه في الأسواق. وتتطلب عملية جمع التمور وتجفيفها، الجهد الكبير والمهارة العالية، للتعرف أكثر إلى هذه المهنة المتوارثة من الآباء والأجداد كان لنا هذا التقرير..
الوالد سعيد راشد الكندي، من أحد مناطق الفجيرة الجبلية، يقول: «موسم جمع التمور من المواسم التي تبشر بالخير والعطاء والرزق؛ حيث تبدأ عملية جمع التمور بالصعود إلى أعلى النخلة وقطع عذوقها «قطف التمر» وإلقائها في مكان محدد على الأرض وبعد ذلك نجمع التمور في أوعية خاصة مصنوعة من سعف النخيل والقش، وفي العادة يتم نفض عذوق النخلة بواسطة المنفض، ثم توضع التمور على «المسطاح» تحت أشعة الشمس لأشهر عدة لكي تجف، على أن تتم بعد ذلك تنقيتها من الشوائب؛ حيث إن بعض التمور التي لا تصلح للأكل أو من نوعية صغيرة وغير مرغوب فيها فيتم فصلها وتقديمها كطعام للمواشي والجمال».
ويوضح الكندي، أن تقسيم التمور أكبر الصعوبات أثناء هذه العملية؛ حيث يتم فرز كل حبة بشكل منفصل، وفقاً للنوعية وهل تصلح للأكل أم لا، وفي عملية جمع التمر لا يتم غسله بعد عملية التجفيف، لكن يُعبأ من «المسطاح» مباشرة في علب بلاستيكية أو صناديق كرتون، لأن تعرضه للماء يصيبه بالتعفن أثناء عملية التخزين، لكن عند تناوله للأكل يجب أن يتم غسله وتنظيفه بالماء.

ويؤكد الكندي، أن موسم جمع التمور الناضجة يكون على مراحل حسب نوعية التمر وطبيعة المنطقة وحرارة الطقس. ويقول: «كنا في الماضي بعد تجفيف التمور على المسطاح نخزنها في الأواني الفخارية في مكان جاف بعيداً عن الرطوبة والماء، وبعض المناطق الجبلية كانت تخزن التمور في مخازن القمح «المرفع» المنتشرة في مناطق الطويين ومناطق دبا».


الطرق القديمة


الوالد أحمد بن علي العبدولي، يقول: «جمع التمور وتجفيفها وتخزينها يعد من المهن القديمة المتوارثة من الأولين، والتي تبدأ بعد تباشير الرطب بأسبوع، والتي ما زلنا نعتمد على جمع التمور بالطرق القديمة وبواسطة الأدوات اليدوية القديمة على الرغم من وجود الأدوات والابتكارات الحديثة، وما زلنا نعتمد على طرق تجفيف التمور بواسطة «المسطاع» وحفظها بأدوات فخارية أو أدوات مصنوعة من سعف وجريد النخيل وهي من الطرق القديمة التي تحفظ التمور بجودته العالية دون أن يتغير مذاقه أو تخرب حبات التمر».
خالد بن جميع، الباحث في تراث الإمارات يقول: «على الرغم من التقدم والتطور الكبير الذي نعيشه في الإمارات، فإن الطرق القديمة في تجفيف التمور لا تزال مستخدمة حتى وقتنا الحاضر وأبرزها «المسطاح» وهو مكان تجفيف التمر أو «السح» باللهجة المحلية، والمسطاح مصنوع من النخيل يوضع عليه التمر لتجفيفه وبعد التجفيف يتم وضعه بالسلال المصنوعة من القش وجريد وسعف النخيل ليتم نقله بعدها إلى أماكن التسويق أو تخزينه في أماكن معينه لأكله في مواسم الشتاء».
ويوضح ابن جميع، أن المسطاح المصنوع من جريد وسعف النخيل بطرق هندسية قديمة هو من أفضل وسائل تجفيف التمور، وبعد أن يجف التمر إلى المسطاح ينقى التمر الجيد من السيئ إلى أن يتم فرز النوعية الرديئة وتسمى «الحشف» الذي يقد للبهائم.
ويشير ابن جميع، إلى أنه يتم في عملية جني التمور «استخدام الحابول والمنفض»؛ حيث يقوم صاحب المزرعة بالصعود بالحابول إلى أعلى النخلة ويسحب معه المنفض الذي ينفض فيه التمر الناضج وينزله للشخص الواقف أسفل النخلة الذي بدوره يقوم بأخد التمر إلى المسطاح وبعد ذلك يتم تنظيف عذق النخلة من التمور، ويوضع العذق بجانب المسطاح بعد أن يجف يصبح «عسو» ويستخدم لنظافة البيوت ولأمور عدة.
ويضيف: «كان الأهالي وأصحاب المزارع يجتمعون كل يوم عند أحد لزفانة الدعون، والدعن بعد ما يفرد يصبح مسطاح، ويستخدم الدعن لبناء البيوت القديمة والخيام في الماضي وهو مصنوع من النخيل أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"