الشخصية رباعية الأبعاد

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين



صفية الشحي

«البيرسونا» هو مصطلح تسويقي يتم استخدامه للدلالة على شخصية خيالية نقوم بإنشائها بناء على البحث بهدف تمثيل مجموعة من المستخدمين للمنتج أو الخدمة، ويساعد هذا الأنموذج على فهم احتياجات المستخدمين وتجاربهم وسلوكياتهم أثناء عملية الشراء، وهذه الممارسة تعد معيارية في العديد من التخصصات التي تركز على الإنسان لجمع بيانات الشخص ومعرفة تفضيلاته بناء على محاور أربعة هي الهدف، الدور، التواصل والخيال.
ظهر مؤخراً وبالتحديد في المجتمع التعليمي مفهوم «البيرسونا» ثلاثية الأبعاد والذي يقدم تصوراً للمهارات التي يجب أن يتمتع بها إنسان المستقبل بما يخاطب جيل الثورة الصناعية الرابعة، ويدفع القائمين على العملية التعليمية لتعزيز ورعاية هذه الشخصية، ويتألف هذا الأنموذج من أبعاد ثلاثة هي الرقمي المعني بالبناء والإعداد الرقمي والتمكين التكنولوجي وفق المستجدات في المهارات العالمية وتحديات سوق العمل، البعد الاحترافي المعني بتعزيز قدرة الأفراد على الارتقاء بتعليمهم للوصول إلى الاحتراف في التخصصات المختلفة، وأخيراً البعد الريادي والذي يتطلب بناء الابداع والاستعداد لخوض المخاطر وكذلك الابتكار في مجال حل المشكلات وريادة الأعمال.
تعكس استراتيجية الإمارات الوطنية لتمكين الشباب الأبعاد السابقة الذكر من خلال تحديدها لسياسات وإجراءات وخطط عمل تسهم في تمكين الفرد، والاهتمام بالمجالات التي تعنيهم مثل التعليم، التدريب، التطوير، التوظيف، العمل التطوعي، الأداء الرقمي وتنمية الذات والمجتمع، وتسهم مؤسسات تعليمية رائدة في دعم هذا التوجه مثل «كليات التقنية العليا» التي تتبنى مشاريع مهمة داعمة للطلبة مثل المحترف المتعلم القادر على استثمار قدراته الرقمية في دعم تطوره المهني، مشروع دمج الشهادات الاحترافية العالمية ضمن مناهج التعليم وفق التخصصات التي تطرحها الكلية، وأخيراً مشاريع «فضاءات الابتكار» و «المناطق الاقتصادية والابداعية الحرة» لتوليد الأفكار ورعايتها ودعم رواد الأعمال الشباب والشركات الناشئة..
إن هذه الأبعاد الثلاثة التي تمثل أوجهاً أساسية للشخصية الإماراتية المستقبلية التي نطمح إلى بنائها وضخها في قطاعات العمل المختلفة الحكومية والخاصة، تعكس وجهة نظر عالمية لجيل الألفية الجديدة والذي يجب ألا نحصر تأسيسه وتعليمه ضمن حدود ما تقدمه المؤسسات الأكاديمية، وإنما يجب أن يتحول إلى شخصية متعددة الأبعاد والاهتمامات والمهارات دون أن ننسى بعداً رابعاً أساسياً وهو الإنساني المتعلق بتطوير الذات واكتشاف الغاية ودور الفرد الأساسي في المجتمع، إلى جانب تطوير الأهداف بأنواعها المختلفة وبشكل مستمر، وصولاً إلى تصميم شخصية متكاملة رباعية الأبعاد تمثل طموحات هذا الوطن وجهوده للاستعداد للخمسين عاماً القادمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"