نور وهداية

21:47 مساء
قراءة دقيقتين


ميثا السبوسي

انبلج فجر التاريخ ليعلن عن قدوم نور ساطع امتد في الأفق.. جاء ليضخ حياة في الحياة مرة أخرى.. ليوحد الشتات، ويلملم ما بعثره الضياع.. جاء ليشعـــل بريــق الهداية والسلام..
ليخبر عن طريق النجاح.. كلامه يلامس أنفاس القلوب، ويعالج أوجاع الروح.. إذا ذكر تعطر بنفحاته المكان، وفاحت أنسام طيبه الأرجاء.. هدوء وطمأنينة وإحساس بالأمان.
كأنه الشمس الوضاءة، أبيض مشرئبا، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد.. وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق لا نزر ولا هذر.. كأنه خرزات نظمن يتحدرن.. ورائحته أطيب من المسك والعنبر.. وكان ملمس كفه حريراً وديباجاً..
يخطو تمشياً ويمشي هواناً.. جمعت عنده من الأخلاق أكرمها، ومن الفضائل أبلغها، امتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، ونصاعة اللفظ وجزالته، أوتي رونق الكلام.. وقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
بالحلم والأناة نال قلوب البشر، وغاص في أعماقها وتمكن منها، دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بالفظ ولا بالغليظ، يتغافل عما لا يشتهي، وقد ترك نفسه من ثلاث: الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه.
أشد الناس تواضعاً، فقد كان يخدم نفسه ويعمل في بيت أهله، وأبعدهم عن الكبر.. عادل في قضائه، وفيّ إذا قطع عليه عهداً.. صادق في كلامه، أمين على ما استودع عنده.. رقيق القلب، تلفه رأفة ورحمة بمن حوله، كان شديد الحياء.. خافض الطرف، لا يثبت نظره في وجه أحد.. أوقر الناس في مجلسه.. لا يشافه أحداً بما يكره حياء وكرماً للنفس، ولا يسمي رجلاً بلغ عنه شيء يكرهه، بل يقول: ما بال أقوام يصنعون كذا.
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، أنصتوا له حتى يفرغ، وإذا سكت تكلموا.. يتفقد أصحابه ويسأل عنهم، يحسن الحسن ويصوبه، يقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر..
فقد أحبه أصحابه إلى حد الهيام، وودوا لو يفتدونه بالقريب ولا يخدش له ظفر، فقد كان عليه أفضل الصلاة والسلام محلى بصفات الكمال المنقطعة النظير، أدبه ربه فأحسن تأديبه، ورفع شأنه بعلياء صفاته، حتى قال عنه: (وإنك لعلى خلق عظيم).. فقد أضاف منهجاً للتاريخ صالحاً للبشرية في كل زمان ومكان.
أثر عليهم بحسن أخلاقه، وسمو معانيه، فأمتد تأثيره للعالـــم حتى بــات من أعظــم الشخصيات أثراً على مر التاريخ.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"