العالم يقرأ من الشارقة

23:51 مساء
قراءة دقيقتين


صفية الشحي

لقد اعتاد العالم على أن حب المعرفة وإعلاء شأن العلم النافع والفكر المنير هما علامة الشارقة الفارقة، وربما لم يشكل الأمر سبب دهشة كبيرة عند أهل الإمارات والمنطقة عندما علموا أن القائمين على معرض الشارقة الدولي للكتاب في هيئة الشارقة للكتاب سيطلقون النسخة الـ 39 من هذا الحدث العالمي، مؤمنين بأن لا جائحة قادرة على كسر هذا الالتزام الأخلاقي والإنساني، وبأن هذا المهرجان عائد في فصل استثنائي ليقود القلوب والعقول عبر مسار الريادة المعرفية التي تتصدرها صناعة الكتاب والنشر في الإمارة «القارئة».
يقرأ الناس كما لم يفعلوا من قبل لأن الأوقات الصعبة أثبتت أن القيمة الحقيقية كامنة في العقول التي تنتج فكراً وإبداعاً، وأن الكلمة هي من توحد الأرواح في الشدائد، كما أن في الشعر والتاريخ والقصة والرواية آلاف القرائن الدالة على تلك الثروة العظيمة التي تولدها النفوس البشرية، حين توضع القيمة والمعنى قبل المادة والآلة.
إن ألمع الأسماء الأدبية والفكرية عربياً وأجنبياً، تجد اليوم موطئ قلب وروح في أرض الشارقة الغالية، وعبر الجسور الافتراضية التي مدتها الإمارة مع 19 دولة، سيتم تبادل التجارب الإبداعية المختلفة بعشرات اللغات، كما أن هناك ما يزيد على 80 ألف عنوان، إضافة تعدنا بها ١٠٢٤ دار نشر إماراتية وعربية وعالمية من 73 دولة.
أما مؤتمر الناشرين السنوي فقد طرح قضايا هي الأهم في هذه اللحظات حين يمر العالم بأزمة هوية ومعرفة ووعي، ويغرق هذا الفضاء بملايين الأخبار والقصص والصور المزيفة المدعومة بتكنولوجيات فائقة التطور، فقط تطرق الخبراء والمختصون في هذا الجانب إلى قضايا مثل ظاهرة القرصنة التي تستهدف جهود سنوات يبذلها الكتاب من طاقاتهم وأوقاتهم، وحقوق النشر الإلكتروني الذي بدأ بفرض شروطه على سوق النشر، إضافة إلى الكتاب الصوتي الذي بدأت الأنظار بالاتجاه إليه بشكل جدي في عالمنا العربي.
إن معرض الشارقة الذي رفع شعار «العالم يقرأ من الشارقة» يؤكد على الدور الكبير الذي يجب أن يلعبه الكتاب والشعراء والمفكرون، في إعادة صياغة نظرتنا للحياة بتجاربها الثرية، وفي تشكيل فهم أعمق للظواهر من حولنا، كما أن هذا الحدث المستمر حتى الرابع عشر من هذا الشهر، هو رسالة للجيل الجديد من القراء والكتاب تحمل في طياتها دعوة لإعادة النظر في الأولويات، خصوصاً عندما نطرح قضايا أساسية معنية بوجودنا واستمراره كجزء من حركة الكون التي لا تهدأ.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"