عائشة سيف: التميّز جزء من شخصيتي

سنوات التدريس الـ 11 الأصعب في حياتها
18:18 مساء
قراءة 6 دقائق

عائشة سيف اسم له وقعه في مجال التربية والتعليم، وصاحبة تجربة غنية جعلتها تنتقل من نجاح إلى آخر بثقة .

ورغم النجاحات التي حققتها على الصعيد المهني، ومنصبيها . أمينة عامة لمجلس الشارقة للتعليم، وقائمة بأعمال المديرالتنفيذي لجائزة الشارقة للتفوق التربوي، فهي شخصية تتصرف بتواضع كبير، وهي نتاج حصيلة من التجربة الغنية والثقافة التي أهلتها للتميز والمناصب القيادية في مجالها .

وتميزها تشير إليه إنجازاتها البارزة في مختلف المناصب التي تولتها، وتبرهن عليه أيضاً العديد من الجوائز وشهادات التقديرالتي نالتها، كجائزة محمد بن راشد للإدارة العربية، فئة المرأة الإدارية العربية المتميزة عام 2006-،2007 وجائزة خليفة للمعلم عام2002-،2003 وجائزة الشارقة للتميز التربوي عام 97-،98 وغيرها من شهادات الامتياز والمراكز الأولى في العديد من المسابقات .

في هذا الحوار مع عائشة سيف تحدثنا عن مشوارها وتجربتها الإنسانية والمهنية الواسعة التي سخرت خلالها حياتها ووقتها الموزع بين عملها الذي اعتبرته رسالة مقدسة، وأسرتها المكونة من زوج وطفلين .

تشير إلى أنها تخرجت عام 1993 في كلية التربية بجامعة الإمارات تخصص تربية ابتدائية، لكنها عملت قبلها في مجال التعليم منذ عام ،1985 بعد حصولها على دبلوم التأهيل التربوي الذي التحقت به للعمل كمعلمة فصل بمدرسة الناصرية، حيث تولت تدريس اللغة العربية والرياضيات والعلوم والتربية الإسلامية للصف الأول الابتدائي، وأمضت في مجال التدريس 11 عاماً، كانت، حسب وصفها، أحلى مرحلة في عمرها وأصعبها في ذات الوقت، ومن هنا يبدأ الحوار:

لماذا تعتبرين سنوات التدريس الأصعب في حياتك؟

- لأنني أعتبر أننا كنا الجيل الذي أخذ على عاتقه بدايات التدريس، وواجه كل معوقاتها، ففي هذا الوقت كان الأطفال لايدخلون الحضانات أو رياض الأطفال ولكن كان التلميذ يدخل المرحلة الابتدائية مباشرة، فنتسلم طفلاً في السادسة لا يعرف حتى كيف يمسك القلم لنبدأ معه من البداية . هذا غير العملية التعليمية نفسها التي كانت أصعب كثيراً، فالمناهج كانت وفق نظام الجزء من الكل، فكنا نبدأ معهم بالجمل لنعلمهم ألف باء، وطبعا كنا نتعرض لكثير من المواقف الأخرى، فالأطفال أحيانا كانوا يهربون من المدرسة، فكنا نحن من نسعى وراءهم لإرجاعهم حتى يستكملوا تعليمهم، كانت مرحلة صعبة ولكنها الآن من أعز الذكريات لدي .

تدرجت في مناصب مختلفة، ولكن حين تسترجعنها الآن، ما أهم المحطات في حياتك؟

- كل مرحلة كانت جزءاً في ما وصلت إليه، ولكن هناك محطات معينة لها خصوصية لأنها ترتبط بأشياء أنجزتها وأعتز بها، منها فترة عملي مديرة لمدرسة المنار الابتدائية بالشارقة، فهذه إحدى المحطات المهمة في حياتي بالتأكيد، فأثناء عملي مساعدة مديرة بمدرسة الشارقة بنات، شرّفنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بزيارة المدرسة التي تعد أول تجربة في مجال المدرسة النموذجية، ويومها سمعت من سموه مقولة كانت هي المحرك لأحد أهم الإنجازات في حياتي وهي (أتمنى أن أرى جميع مدارس الشارقة نموذجية) . بقيت هذه الجملة في مخيلتي حتى عينت مديرة لمدرسة المنار، فعملت ليل نهار وبكل طاقتي حتى أجعل هذه المدرسة أول مدرسة نموذجية بكامل هيئاتها الإدارية والتدرسية .

رحلة تميزك وتفوقك ماذا وراءها في رأيك؟

- التميز هو جزء من تكويني الشخصي، فأنا لم أتعمده ولكني كنت أسعى له بشكل تلقائي منذ كنت طالبة مثالية متفوقة، ثم مدرسة ثم مديرة مدرسة نجحت في أن أجعلها الأولى من نوعها لتحصد الجوائز العالمية على مستوى الشرق الأوسط . وأبرز الأشياء التي أعدها وراء أي عمل متميز أنجزته هوأني يوما لم أرض بأن أتبع ما هو موجود، ولكني كنت أميل إلى الابتكار والتغيير، فأنا لا أحب التقليد، حتى وأنا طالبة صغيرة اتبعت وسائل تعليمية خاصة بي مختلفة عن غيري، فكنت أميل إلى المذاكرة بشكل خاص ابتكرته وهو كتابة على قصاصات صغيرة من الورق، ولم أكن أعرف وقتها أنها إحدى الوسائل التعليمية الحديثة، كما اكتشفت فيما بعد، وهذا الحب للابتكار والتغيير كان رفيق حياتي الدائم في كل مكان وجدت فيه .

هل تجدين أن رحلة نجاحك كانت ممهدة؟

- بالعكس، كان بها الكثير من التحديات، ولكن عدم اليأس من المحاولة وتكرارها والإصرار على تحقيق الهدف أياً كان، سبب رئيس في أني حققت تقدماً في حياتي، فأنا أعيش بقناعة داخلية بأن المعوقات هي بداية الانطلاق، لأنها تفجر الطاقات الكامنة بداخلي وأبذل أفضل ما لدي من جهد وهذا يأتي بنتيجة في الأغلب .

منصبك الحالي الأمينة العامة لمجلس الشارقة للتعليم تشغلينه منذ عام ،2006 فما هي أهم إنجازاتك حسب تقديرك؟

- توليت أمانة المجلس بوصفي أمينة، وكنت وقتها مختارة كأفضل إدارية عربية من خلال جائزة الشيخ محمد بن راشد للأدارة العربية المتميزة، ومنذ توليت هذا المنصب اعتبرته مسؤولية وأمانة، وتفرغت له ليل نهار حتى أكون على قدرالثقة التي شرفت بها . لم أدخر جهداً، ولدي ما أعتز به من إنجازات، أذكر منها مشروعات مثل برنامج الارتقاء بالقيادات الإدارية والتدريسية، ومشروع المكتبة العربية الذي يدعم القراءة، وحالياً بصدد تنفيذ خطة استراتيجية يشرفني أن يكون لي دور، في وضع ما تتضمنه من مشروعات، وأنا ما زلت أعمل بنفس الأسلوب، فمثلا ليس لدي مستشارون ولكن كل أفكاري هي ابتكارات أكتبها بخط يدي، ومعظمها من أجل تطوير المشروعات التعليمية، ساعدتني فيها الخبرة التدريسية والعمر الذي قضيته في مجال التربية والتعليم .

من هم أصحاب الفضل الذين تعدينهم شركاء في صناعة نجاحك؟

- زوجي، رحمه الله، كان المشجع الأول لي، لأنه كان مؤمناً برسالتي ويقدرها، وهذا كان دافعاً كبيراً لي وأحد أهم أسباب نجاحي، وهو صاحب الفضل في أنني اليوم وبعد وفاة شريك حياتي منذ ست سنوات، أقول بكل إيمان إنني كنت أسعد امرأة في العالم، فقد حققت الكثير مما كنت أطمح إليه مهنيا، وكنت في ذات الوقت أستمتع بسعادة زوجية عشت فيها 22 عاماً مع زوج كان يجعلني أشعر خلالها كأننا مازلنا في مرحلة الخطبة، ومنحني الله ابنين ناجحين كانا النور في حياتي، ابنتي مهندسة ومتزوجة وأنجبت لي حفيدين هما أجمل بسمة تضيء دنياي، وأبني عمره 25 عاماً وهو يعمل وموفق في حياته .

النجاح العملي غالباً ما ينعكس بشكل تقصير في جانب آخر من جوانب الحياة، هل هذا ينطبق عل تجربتك؟

- العمل والرغبة في التميز كانا دائماً على حسابي أنا، وخاصة وقت راحتي، فقد كنت ربة أسرة، وأهتم بزوج وطفلين، وكنت حريصة دائماً على الموازنة بين عملي وأسرتي فأعطي طفليَّ حقهما وزوجي حقه، ولكني كنت كثيراً أبخس نفسي حقها في الوقت والراحة، وكثيراً ما كنت أنتظر حتى يتوجهوا إلى النوم لأبدأ عملي ودراستي، وهذا كان على حساب راحتي، ولكن العمل كان عشقاً وعبادة بالنسبة إليّ، وهو مصدر أساسي لشعوري بالسعادة والرضا، ولكن للامانة هناك جانب أشعر بأني مقصرة فيه هو الجانب الاجتماعي، فغالباً لا أجد للعلاقات الاجتماعية وقتاً، ولكني أحاول تعويضه من خلال الرسائل وبرقيات المجاملة في كل مناسبة، فأنا لا أنسى المجاملات الاجتماعية وأعدّها جزءاً من برنامجي اليومي كنوع من التوازن في علاقاتي وتواصلي الاجتماعي .

ما هي هواياتك؟

- الموسيقا سماعاً وعزفاً أيضاً، فأنا أعزف على أكثر من آلة سماعياً، وطبعا القراءة في مختلف المجالات، خاصة مجال التنمية البشرية، فأنا أعشق عبارات التميز وأحب تطبيقها في حياتي، فجملة مثل (لا مستحيل إلا المستحيل نفسه) قرأتها وآمنت بها وطبقتها في حياتي، لأنني مقتنعة بأن المبررات التي نضعها لأنفسنا هي العقبة الأكبر في مسيرة نجاحنا، ويجب أن نناضل من أجل أفكارنا وطموحاتنا وأن نقنع الآخرين بها .

متى تتخلين عن شخصية التربوية وتكونين فقط المرأة والإنسانة؟

- الشخصية التربوية ترافقني في كل لحظة من حياتي، لأنها جزء من تكويني الشخصي، فأنا أمارسها عفوياً مع أسرتي سواء ابنيّ أو أحفادي أو أشقائي أو زوجاتهم وأطفالهم، فأنا حتى هذا الوقت أحرص على أن أدرّس لأبناء أشقائي دروسهم كلما وجدت فرصة لهذا .

وكيف تقضين أوقات راحتك؟

- إجازاتي يومان في الأسبوع هما الجمعة والسبت، ورأى أن الجمعة هو اليوم الذي يمكن أن أسميه إجازة حقيقية لي من مهام ومشاغل الوظيفة التي أحاول أن أريح منها ذهني بعض الوقت وأجعله يوما أسرياً لا عمل فيه، بل أكرسه لأولادي وأحفادي الذين يعيشون في أبوظبي، أما يوم السبت فهو ليس إجازة بالمعنى المفهوم لأنه يوم متنوع أقضيه بين الأسرة والعمل، والوقت الوحيد الذي أفرع فيه رأسي من العمل لأكثر من يوم، هو عندما أجد فرصة أو وقتاً للسفر إلى الخارج .

ما الطموحات التي تشغلك؟

- طموحي لا سقف له، وهو ليس في المراكز أو المناصب، ولكني أعدّ الوقوف في مكان واحد بالنسبة إليّ هو الركود والإفلاس، فالتطور والتقدم والارتقاء الوظيفي تستمد أهميتها بالنسبة إليّ من الإنجاز وتحقيق التميز،وتشغلني أيضاً اهتمامات ذات صلة بعملي، فحالياً نحضر لبرنامج تلفزيوني باسم (المجلس التربوي) بالتعاون مع تلفزيون الشارقة، والبرنامج فكرتي ويتضمن تسليط الضوء على القضايا التربوية التي تهم مجال التربية والتعليم، وجسدت فيه طموحاتي وأحلامي للصورة التي أتمنى أن يكون عليها تعليم المستقبل في الإمارات . وطرحت أفكاري أيضاً في فيلم وثائقي بعنوان (تعليم وتميز) عرض في مؤتمر التميز المؤسسي، ومن الإنجازات التي أعتز بها إصدار مجلة (المسار) شهرياً، وهي تلقي الضوء على الأنشطة المختلفة في المؤسسات التعليمية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"