عادي

«صالات العرض».. جدل مستمر بين التشكيليين

23:18 مساء
قراءة 4 دقائق
3

الشارقة: علاء الدين محمود
تشهد الإمارات انتشاراً واسعاً لصالات عرض الفنون التشكيلية الخاصة بمؤسسات ثقافية، صنفها البعض بأنها الكُبرى في العالم العربي، كما أن الإبداعات البصرية وبصفة خاصة التشكيل، تجد اهتماماً كبيراً، وصل إلى حد أن صار هو الفن الأول في الدولة، ورغم ذلك فإن البعض يرى أن المعارض الخاصة بالفنانين الإماراتيين قليلة، ولا تعكس التطور الكبير للفن التشكيلي في الإمارات.
وفي كل مرة يطرح فيها سؤال المعارض الخاصة بالفنانين الإماراتيين، ومدى تناسبها مع المنجز التشكيلي المحلي، يثار جدل وتنشأ عدة أسئلة، أو آراء وربما اختلافات تتمثل في: ثنائية المنجز الفني المحلي مقارنة بالأجنبي، كما تطرح أسئلة لها صلة مباشرة بالفنانين الإماراتيين الكبار، مقابل أجيال الفنانين الشباب، فالبعض يرى أن صالات العرض تركز على الأسماء الأجنبية، أو أسماء محلية بعينها حفرت لنفسها اسماً، كما يثار مرة أخرى موقع المؤسسات الثقافية من كل هذا الجدل.
«الخليج»، بدورها طرحت هذه الأسئلة وتشعّباتها على عدد من الفنانين الإماراتيين، وخرجت بحصيلة من الآراء المتنوعة والمفيدة.
تشير الفنانة د. نجاة مكي إلى وجود أعداد كبيرة من المؤسسات والمتاحف الفنية، وصالات العرض في كل أنحاء الإمارات، وتبعاً لذلك، فإن هنالك العديد من المعارض التي نظمت لفنانين إماراتيين، إلى جانب التي تقام لمبدعين من الخارج، وهي تعكس بالفعل حجم المنجز الإبداعي الإماراتي، ونسبة لوجود أكثر من 200 جنسية مقيمة في الدولة، فإن هذه المعارض مجتمعة تعكس وتروّج للفن الإماراتي، وتستجيب في ذات الوقت لأذواق متباينة وتنفتح على ثقافات متعددة، فالفن مسألة تفاعل، حيث إن وجود معارض لفنانين إماراتيين هو أمر في غاية الأهمية، وكذلك افتتاح دور العرض لتشكيليين من الخارج.

دعم مؤسسي

وتؤكد د. مكي على ثراء وتطور الحركة التشكيلية في الإمارات بصورة كبيرة، وهي مسألة تعود بشكل أساسي للدعم والتشجيع والاهتمام الكبير الذي يجده هذا الفن من قبل المسؤولين والمؤسسات الثقافية والفنية، باعتبار أن ذلك الدعم هو جزء من استراتيجية دعم الثقافة والفنون في الدولة، وهو ما مكّن الإمارات من الوصول إلى مصافّ العالمية في هذا الفن.

خريجو كليات الفنون 

بدوره يرى الفنان حسين شريف أن هناك انتشاراً كبيراً للمعارض الفنية في الإمارات، إلا أن حصة الفنان المحلي للمشاركة في هذه المعارض أقل مقارنة مع الفنان الأجنبي، ويتبع ذلك مسألة تركيز المؤسسات الثقافية والفنية على الفنانين القادمين من خارج الدولة، في حين أن الجامعات والكليات الإماراتية تقوم بتخريج العديد من الفنانين الشباب، ومعظم هؤلاء يتوارى عن المشهد التشكيلي لأسباب مختلفة، وهذا يطرح، كما يؤكد حسين شريف، قضية تبحث عن حل من قبل تلك المؤسسات، خاصة أن هؤلاء الفنانين الشباب مؤهلون، ويتميزون بموهبة عالية صقلت بالعلم والدراسة الأكاديمية.
ويؤكد حسين شريف على ضرورة الاهتمام بالفنان المحلي، إلى جانب الفنانين الرواد المعروفين في الساحة، ممن تقام لهم المعارض بصورة مستمرة، وهؤلاء من وجهة نظره أعدادهم قليلة، وهذا يتطلب تكوين قاعدة أكبر من التشكيليين، عبر الاهتمام بالخريجين كشريحة مهمة، فمعظم المعارض التي تقام هي نتاج جهد فردي، أو من قبل جمعيات تهتم بالفن التشكيلي.

مكانة عالمية

من ناحية أخرى، يرى الفنان خليل عبد الواحد، أن الحركة الفنية التشكيلية في الدولة تشهد تنامياً ملحوظاً، وتوجد العديد من المؤسسات الثقافية في أبوظبي والشارقة ودبي، وأن هناك العديد من المعارض التي تسع الجميع، والحقيقة أن الفنان الإماراتي قد لمع اسمه وحاز مكانة عالمية، فهنالك عبد القادر الريس الذي تعرض لوحاته في متاحف ومعارض عالمية، وكذلك كان الراحل حسن شريف صاحب التوجه الفني المختلف، وهذه المكانة العالمية لم ينلها فقط الرواد، بل وكذلك مجموعة من الفنانين الشباب مثل مطر بن لاحج، الذي تعرض أعماله في الخارج، بالتالي فإن الأعمال التشكيلية الإماراتية ذات محتوى فني كبير ومميز، والمعارض التي تقام تعكس هذا المحتوى، وتشير إلى تطور التشكيل الإماراتي.
ويرسم خليل عبد الواحد لوحة تشكيلية بالكلمات تحاكي قصة تفوق الفنانين من أجيال الرواد، عندما أكد على أنهم قد اجتهدوا وعانوا كثيراً حتى وصلوا لمرحلة النجاح، حيث مثلت حياتهم الفنية سيرة من الجهد والمعاناة، حتى وصلوا إلى العالمية، فلم تكن مسيرة هؤلاء كما يؤكد ورديّة كما يتخيل البعض، بل هم تميزوا بالإصرار على مواصلة الدرب والنجاح؛ لذا، فإن تسابق المؤسسات والدور الفنية لعرض أعمالهم أمر مفهوم، وعلى الفنانين الشباب أن يبذلوا مزيداً من الجهد لتطوير أدواتهم الفنية، وعلى الرغم من وجود العقبات، فإن على الفنان أن يتحلى بروح التحدي، والمثابرة، وألّا يتعجل مسألة عرض أعماله.

خطط مدروسة

أما الفنان أحمد شريف، فيرى أن هنالك انتشاراً كبيراً للمعارض الفنية في الإمارات، ووجود الفنان المحلي في هذه المعارض أقل مقارنة مع الغير، وهو يعتقد بضرورة أن تبذل المؤسسات الثقافية جهداً أكبر للاهتمام بالفنان الإماراتي، وأن تكون هناك خطط مدروسة لتطويره، لكي لا يظل الفنان الإماراتي في حالة انتظار، وأن تقوم هذه المؤسسات بدعوته للمشاركة في المعارض الفنية، ويشير أحمد شريف إلى الجهد المقدر لبعض المؤسسات الفنية مثل جمعية الإمارات للفنون التشكيلية ودورها المهم في إقامة معارض للمبدعين الإماراتيين.
ويلفت أحمد شريف إلى وجود ندرة في معارض الفنانين الشباب، وهذه مسألة يجب الالتفات إليها والعمل على تجاوزها، فهي التي تعكس مدى تطور الفن التشكيلي في الدولة، وهذا يتطلب موقفاً إيجابياً من المؤسسات الثقافية من أجل الاهتمام بفئة الشباب والخريجين، فمستقبل الفنون البصرية هو في المجهود الإبداعي الذي يقوم به الشباب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"