عادي

فحص دم بسيط.. يكشف الزهايمر مبكراً

20:57 مساء
قراءة 5 دقائق
1

أكدت دراسة حديثة أن اختباراً للدم لاكتشاف وقياس جزيئين يعملان كمؤشرات على احتمالية إصابة الشخص بمرض الزهايمر في وقت لاحق من حياته، يمكن أن يكون بمثابة تقدم كبير في التعرّف على هذا المرض وتطوير أساليب علاجه.

وفقاً للدراسة التي أجراها باحثون من جامعة «لوند» في السويد، فقد عُثر على الجزيئين P-tau181، وهو أحد أشكال بروتين «تاو»، وعديد الببتيد الليفي العصبي الخفيف (NFL) في البلازما، وهو السائل الأصفر الذي يشكل 55% من الدم.
وفي عينات أخذت من 557 متطوعاً تتراوح أعمارهم بين 60 و 70 عاماً، كانت المستويات العالية من البروتينين «P-tau181» و«NLF» في الدم من أكثر المؤشرات دقة لتطوّر حالة المريض من معاناته من ضعف إدراكي بسيط إلى مواجهته لمشاكل حادة في الذاكرة والتفكير، وهي أعراض شائعة تصيب مرضى الزهايمر.
ويشير الباحثون إلى أن هذا الفحص البسيط للكشف عن مستويات الجزيئين في الدم، يمكن أن يسمح للأطباء بتتبع تطوّر مرض الزهايمر في الفئات العمرية الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة به.
وقال الباحثون من جامعة لوند: «قد يكون الجمع بين المؤشرات الحيوية لبلازما الدم مفيداً جداً في التجارب السريرية لتحديد الأفراد المصابين بالضعف الإدراكي البسيط والذين ستتطور حالتهم إلى الإصابة بالزهايمر».
ثورة في عالم التشخيص المبكر
ووصف البروفيسور مسعود حسين من جامعة «أكسفورد»، الذي لم يشارك في الدراسة، بأنها ثورة في عالم التشخيص المبكر للزهايمر، مضيفاً: «للمرة الأولى، لدينا فحص دم يمكنه التنبؤ جيداً بخطر التطوّر اللاحق لمرض الزهايمر لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض إدراكية بسيطة».
وأوضح حسين: «نحن بحاجة إلى المزيد من الأبحاث للتحقق من فاعلية هذا الاختبار، ولكن في ضوء النتائج الحديثة الأخرى، قد تكون هذه الخطوة ثورية في مجال التشخيص المبكر، وكذلك في مجال اختبار علاجات الجديدة للمراحل المبكرة من الزهايمر».
ويعاني حوالي 50 مليون شخص حول العالم من مرض الزهايمر، والذي يمثل ما بين 50% و70% من إجمالي حالات الخرف.
وعلى الرغم من أن السبب الدقيق للإصابة بالزهايمر لم يتم فهمه بالكامل بعد، إلا أنه يُعتقد أنه ناجم عن تراكم غير طبيعي للبروتينات في خلايا الدماغ وحولها.
بروتين تاو
ويعتبر تراكم بروتين تاو في المخ السمة المميزة لمرض الزهايمر وأمراض الدماغ الأخرى، ويوجد في الغالب في الخلايا العصبية للدماغ. ولكن بالنسبة للأشخاص المصابين بالزهايمر، تكون هذه البروتينات مختلة ومشوهة. ومن المعروف أن مرض الزهايمر يتميز بوجود تشابكات أو تكتلات من بروتين تاو في الدماغ، ولطالما أشار العلماء إلى وجود ارتباط بين انتشار بروتين تاو وتطوّر المرض.
وهنالك بروتين آخر مهم وهو بيتا أميلويد، والذي ارتبط تراكمه إلى حد كبير في دراسة سابقة باضطراب الإدراك العصبي المعتدل.
ومع ذلك، يستمر تراكم بروتين «تاو» طوال فترة المرض، وفقاً لتقرير مؤسسة «برايت فوكس فاونديشن». لذلك، يرتبط إجمالي كمية «تاو» غير الطبيعية في الدماغ بمرحلة المرض وشدته.
وعلى الرغم من عدم معرفة سبب تراكم هذه البروتينات في الدماغ، يدرك العلماء أن هذه العملية تبدأ قبل ظهور أعراض الزهايمر بسنوات عديدة.
وبقيادة أوسكار هانسون من جامعة لوند، طوّر الباحثون وصادقوا على نماذج اختبارات يمكن أن تتنبأ بخطر إصابة الفرد بالتدهور الإدراكي، والذي قد يتطوّر لاحقاً إلى الزهايمر.
واستخدم الباحثون بيانات 573 مريضاً يعانون من ضعف إدراكي بسيط، وقارنوا بين دقة العديد من الاختبارات بناءً على مجموعات مختلفة من المؤشرات الحيوية في الدم للتنبؤ بالتدهور الإدراكي والخرف على مدى أربع سنوات. وتم تحديد مستوى التدهور في وظائف المخ عند هؤلاء المرضى عبر اختبار الحالة العقلية المصغر أو اختبار «فلوشتاين»، وهو فحص يتألف من مجموعة من الأسئلة والاختبارات لعدد من القدرات العقلية المختلفة، بما في ذلك ذاكرة الشخص ومدى انتباهه ولغته.
ووجد الباحثون أن بروتين «P-tau181»، إحدى السمات المميزة لمرض الزهايمر، وبروتين عديد الببتيد الليفي العصبي الخفيف المعروف بكونه علامة على تضرر المحور العصبي في الدماغ، هما من أهم علامات التنبؤ بالإصابة بالزهايمر. وكان الاختبار دقيقاً بنسبة 90% في تحديد أولئك الذين أصيبوا بالمرض.
مزيد من التجارب
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة سارة إيماريسيو من مركز أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة: «مثل الخرف، يعد الضعف الإدراكي البسيط مصطلحاً شاملاً يصف العديد من الأعراض، ويمكن أن يكون سببه عدد من الأمراض الأساسية المختلفة»، مضيفةً: «نحن نعلم أن 50% من الأشخاص المصابين بالضعف الإدراكي البسيط ستتطور حالتهم إلى الإصابة بالخرف، ومن المهم أن نحاول تحديد الأشخاص الذين سيصابون بالمرض وأولئك الذين لن تتطور حالتهم، حتى نتمكن من تقديم الاستشارة والعلاج المناسبين».
ومع ذلك، يعتقد علماء آخرون لم يشاركوا في الدراسة أن هنالك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث على مجموعات أكبر من المرضى.
وقال الدكتور ريتشارد أوكلي، رئيس الأبحاث في جمعية الزهايمر البريطانية: «لقد شملت هذه الدراسة بضع مئات من الأشخاص فقط، ولكن إذا كانت المؤشرات الحيوية للدم قادرة على التنبؤ بمرض الزهايمر في مجموعات أكبر وأكثر تنوعاً، سيكون بإمكاننا رؤية ثورة في كيفية اختبار أدوية الخرف الجديدة»، مضيفاً أن «اختبارات الدم للتنبؤ بالخرف تتقدم بسرعة فائقة، ولكن في حال لم تضاعف الحكومات تمويل أبحاث الخرف، فلن يستفيد المصابون بالخرف من هذه الإنجازات الجديدة».
من جهتها، قالت البروفيسورة تارا سبيرز جونز، خبيرة أمراض التنكس العصبي في جامعة إدنبرة، إن الدراسة تعتبر خطوة مهمة على طريق تطوير فحوص دم للكشف مبكراً عن مرض الزهايمر، إلا أنها أكدت ضرورة إجراء المزيد من البحوث للوصول إلى الهدف المنشود.

الزهايمر والتلوث
حذرت دراسة جديدة نشرت في مجلة «جاما لعلوم الأعصاب» من أن كبار السن الذين يعيشون في مناطق تعاني من التلوث، أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر. ودرس الباحثون فحوصاً لصور مقطعية بالإصدار البوزيتروني (PET) لأكثر من 18 ألف من كبار السن في الولايات المتحدة والذين يعانون من الخرف أو الضعف الإدراكي البسيط.
ومن ثم قام الباحثون بتحديد مستويات تلوث الهواء في الأحياء السكنية التي يعيش فيها هؤلاء المرضى، بناء على بيانات وكالة حماية البيئة الأمريكية، والتي تقيس مستوى غاز الأوزون والجسيمات المعلقة في الهواء.
ووجد الباحثون أن فحوص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني لكبار السن الذين يعيشون في أكثر المناطق تلوثاً أظهرت وجود تكتلات من لويحات الأميلويد في الدماغ، وهي بروتينات صلبة تتجمع معاً بين الخلايا العصبية. وعلى الرغم من أن الخرف لا يرتبط ارتباطاً رئيسياً بهذه اللويحات، إلا أن تجمعها في الدماغ علامة مميزة لمرض الزهايمر وتفاقمه لاحقاً.
وقال الدكتور ليوناردو إيكارينو، أحد المشاركين في هذه الدراسة إن التعرض المستمر واليومي للجسيمات المعلقة، حتى في حدود المستويات التي تعتبر طبيعية، يمكن أن يسهم في إحداث استجابة التهابية مزمنة، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤثر ذلك في صحة الدماغ بعدة طرق، بما في ذلك المساهمة في تراكم لويحات الأميلويد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"