الإمارات وتعزيز العلاقات الإنسانية

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد خليفة

دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ نشأتها، على تعزيز مفهوم الأخوة بين البشر، وذلك من خلال تعاملها الحضاري الراقي مع الجنسيات الأجنبية التي تعيش على أرضها، وأيضاً من خلال إقامتها علاقات راقية مع مختلف دول العالم، إضافة إلى سعيها الدائم إلى تقديم المساعدات لكل المحتاجين، بغض النظر إلى أعراقهم وأديانهم. وقد كان، ولا يزال، دافعها الأول، ومحركها الرئيسي، لسلوك هذا السبيل، هو الإيمان بأن الإنسانية لُحمة واحدة، وأن الأمم والشعوب هي مثل القبائل والعائلات في المجتمع الواحد.

 وعندما تصاعدت نزعة التطرف في العقدين الأخيرين من هذا القرن، وحاول راعوها أن يخلقوا نوعاً من الصراع الديني والحضاري، خصوصاً بين الشرق والغرب، سارعت دولة الإمارات إلى وأد هذا السلوك، فعملت على التقريب بين الأديان والحضارات، لتعزيز الوئام بين الأمم والشعوب، لا سيما بين الشرق المسلم والغرب المسيحي.

 ففي الرابع من فبراير عام 2019، صدر عن «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية» الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية» بين بابا الفاتيكان فرنسيس الأول والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الإنسانية، وبناء جسور التواصل والتآلف والمحبة بين الشعوب، إلى جانب التصدي للتطرف وآثامه. وقد كان لهذه الوثيقة أهمية كبرى، إذ إنها الوثيقة الأولى التي تصدر عن قيادات إسلامية ومسيحية، كما عبّرت بصدق عن رغبة تلك القيادات في العمل الجاد والواعي على نبذ العنف وخطاب الكراهية، وتركيز الاهتمام على ما فيه رفاه البشر. وقد كان المحرك لكل ذلك، والراعي والشريك القيادة الإماراتية الواعية، وعلى تراب الإمارات، أرض زايد، واحة الخير وكعبة الإنسانية. 

 وفي خطوة أخرى تؤكد المكانة الكبيرة التي تحتلها دولة الإمارات في المجتمع الدولي، ملتقى الإنسانية الكبير، اعتمدت الأمم المتحدة مبادرة قدمتها دولة الإمارات بشأن الاحتفال ب«يوم عالمي للأخوة الإنسانية» في 4 فبراير(شباط) من كل عام. ابتداءً من عام 2021. وهذا يعكس، ولا شك، ثقة الأمم المتحدة في القيادة الإماراتية، وبعد نظرها، وإيمانها العميق بالأخوة الإنسانية بين شعوب العالم أجمع، وهذا إنجاز تاريخي كبير يضاف إلى سجل الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات خلال مسيرتها الطويلة، وهو دليل على الحضور العالمي الواسع لها. وأنها بقيادتها الحكيمة تمثل روح هذه الأمة التي كانت على مرّ تاريخها مثالاً للأخلاق السامية. 

 إن دولة الإمارات لا تسعى، من وراء ذلك، إلا لترسيخ منهج التسامح، من خلال المثال الحضاري، والتصور الشامل لحقيقة الروابط والوشائج بين كافة البشر، في تصور رفيع للوجود والحياة، وهو تصور كامل ذو خصائص متميزة ينشئ حياة إنسانية ترتقي إلى ذلك الأوج السامي من المحبة والتسامح، وتجسيده في صورة واقعية. وبذلك تريد، هذه القيادة الرشيدة، للبشرية الخير واليسر والعدل والحق، بما يحقق غاية الإنسان في الارتقاء إلى نظام أخلاقي راقٍ قوامه المحبة والتسامح، وعماده الأخوة الخالصة من شوائب الزيف الإنساني، ويكون منبعها ذاك الينبوع الصافي الذي تنساب منه الفضائل والأسس التي تقوم عليها شتى العلاقات الإنسانية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"