«بريكست» خاص بجبل طارق

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

رافائيل ميندر*

أحدثت اتفاقية التجارة الأخيرة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ارتياحاً في بريطانيا والاتحاد الأوروبي؛ لكن بعض القضايا تُركت على طاولة المفاوضات - بما في ذلك ما يجب فعله بشأن جبل طارق؛ الإقليم البريطاني في الطرف الجنوبي من إسبانيا الذي طالما طالبت مدريد بالسيادة عليه.

 وكشفت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، عن اتفاق في اللحظة الأخيرة بين المفاوضين من بريطانيا وجبل طارق، يجنب المسافرين والبضائع حالات الانتظار الطويل على الحدود اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2021.

 ويسمح مشروع الاتفاق بالتنقل من دون جواز سفر بين جبل طارق وإسبانيا. وتراقب هيئة أوروبية اتحادية عمليات الوصول بحراً وجواً إلى جبل طارق. وسيحتاج القادمون من بريطانيا إلى المرور عبر مراقبة الجوازات كالعادة.

 وضغطت إسبانيا التي تصر على فصل السيادة على جبل طارق، من أجل فصل المحادثات بشأن جبل طارق عن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 يُعرف جبل طارق أوروبياً باسم «الصخرة»؛ بسبب السمة المهيمنة على أراضيه التي تبلغ مساحتها 2.6 ميل مربع؛ لكن أهميته العسكرية والاقتصادية كبوابة إلى البحر الأبيض المتوسط فاقت كل الاعتبارات الأخرى.

 ونظراً لعزلتهم الجغرافية، كان سكان جبل طارق إلى جانب المسؤولين يخشون عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل الاستفتاء في عام 2016؛ حيث صوّت 96 في المئة من ناخبي جبل طارق للبقاء في الاتحاد الأوروبي؛ لكنّ البريطانيين عموماً صوتوا للمغادرة.

 وأمضى المفاوضون في مدريد ولندن وجبل طارق الأسابيع الأخيرة من عام 2020 في شغل دائم عبر مؤتمرات الفيديو؛ للتغلب على عقبة الموعد النهائي في الأول من يناير/كانون الثاني، المحدد مسبقاً للتوصل إلى اتفاق؛ لضمان الحركة السلسة للبضائع والأشخاص داخل وخارج جبل طارق، حتى مع عدم وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

 وتم حل كثير من المشكلات بما في ذلك الاعتراف المتبادل بتصاريح العمل وتراخيص القيادة، بسهولة نسبية؛ لكن النقاط الشائكة تمثلت في قضايا حراسة حدود جبل طارق.

ويريد سكان جبل طارق الوصول من دون مراقبة إلى البر الرئيسي الإسباني، على غرار ما تتمتع به الدول الأوروبية التي تعد جزءاً من منطقة شينجن؛ خوفاً من عمليات التفتيش على الحدود التي يمكن أن تتركه معزولاً ومضغوطاً اقتصادياً.

 وتوجد حالياً ضوابط حدودية قليلة في جبل طارق؛ لأن بريطانيا لم تكن جزءاً من اتفاقية شينجن. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أرادت إسبانيا التأكد من أن الإقليم لن يتحول إلى نقطة دخول مجاني للمسافرين إلى البر الرئيسي الإسباني.

 وقالت غونزاليس لايا: إن الأمر قد يستغرق نحو ستة أشهر حتى يتم إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاق في إطار معاهدة جديدة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن جبل طارق؛ لكنها وعدت بأن إسبانيا ستحافظ على حركة المرور بأكبر قدر ممكن من السهولة عبر حدود الإقليم.

 وقال فابيان بيكاردو زعيم جبل طارق في مؤتمر صحفي منفصل بعد إبرام الاتفاق: «نعتقد أننا قد نتمكن الآن من إعادة ضبط علاقتنا مع إسبانيا وإبرازها في صورة أكثر إيجابية، وسوف نتجنب أسوأ الآثار التي ترتبت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».

 وتعثرت المحادثات؛ لأن إسبانيا أرادت تولي مسؤولية مراقبة الحدود؛ لكن جبل طارق اقترح بدلاً من ذلك أن تتولى تلك المهمة وكالة «فرونتكس»، وهي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي تراقب حدود الدول في منطقة شينجن.

 ولم يشارك المسؤولون في بروكسل في محادثات جبل طارق الأخيرة، بينما أصرت حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على ألا يكون لاتفاق حدودي جديد أي تأثير على السيادة البريطانية وحرية الحركة بين بريطانيا وجبل طارق.

وأثارت المفاوضات البطيئة غضب أولئك الذين يضطرون إلى عبور الحدود يومياً؛ حيث تعاني الشركات التي تنقل البضائع عبر الحدود آثار الوباء.

وتم عزل نحو 2000 من سكان جبل طارق البالغ عددهم 34000 نسمة؛ بسبب فيروس كورونا، وقررت السلطات هناك قبل عيد الميلاد إغلاق الحدود مع بريطانيا؛ لاحتواء انتشار فيروس متحول يبدو أنه أكثر عدوى.

 وقد تولت بريطانيا شؤون الدفاع والعلاقات الدولية في جبل طارق منذ تأمين السيطرة على الإقليم بموجب معاهدة أوتريخت لعام 1713. وتتمتع حكومة جبل طارق باستقلالية كبيرة في التعامل مع القضايا التجارية والمالية، ما ساعدها على أن تصبح مركزاً أوروبياً للخدمات المالية وألعاب الإنترنت.

* كاتب صحفي سويسري مقيم في مدريد «ذي جارديان»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي سويسري مقيم في مدريد

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"