سياسات توزيع اللقاح في أمريكا

00:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

تايلور كوين *

نظراً لأن مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن اللقاحات الأمريكية الجديدة المضادة ل«كوفيد-19» فعالة وآمنة، فإن مسألة كيفية توزيع هذه اللقاحات تكتسب أهمية أكبر في الجدل الدائر حول «عدالة التوزيع».

 يشير أحد الاستطلاعات إلى أن الأمريكيين يعتقدون أن العاملين في مجال الرعاية الصحية وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، يجب أن يتلقوا اللقاحات في وقت مبكر جداً. لكن لماذا؟

 هناك حقائق مثيرة للقلق. فالعديد من طرق التوزيع غير العادلة يجعل الحديث عن عدالة التوزيع مبالغاً فيه. ولا بد من تحديد الأولويات بحيث تعطى الأفضلية لخطط التوزيع التي من شأنها إنقاذ المزيد من الأرواح، وإنعاش الاقتصاد بسرعة أكبر.

هناك نقطة مركزية ولكنها مهملة، وهي أنه ليس ضرورياً إرسال اللقاحات إلى كل جزء من أراضي الولايات المتحدة، وسيكون من الأفضل تركيز التوزيع في عدد صغير من المناطق، بحيث يمكن تحقيق نتائج أفضل من تلك اللقاحات.

ولتوضيح تفاصيل التوزيع حركياً نضرب مثالاً افتراضياً، وهو أن يكون لدينا 20 ألف جرعة، وهناك عشرون ألف مدينة وقرية أمريكية، فهل نعطي لكل مدينة جرعة واحدة التزاماً بمبدأ العدالة؟

 مثل هذا الحل سيضعف التأثير الكلي للعملية، رغم أن كل مستفيد من الجرعة سيكون أكثر أماناً. أما الخطة «العادلة» تلك فسوف تضعف فاعلية اللقاح في تنشيط المجتمع، أي أن فتح المدارس والمصانع والشركات لن يتحقق.

 بدلاً من ذلك، لنفترض أنك اخترت مدينة واحدة أو منطقة محددة جيداً، ووزعت جميع الجرعات البالغ عددها 20 ألف جرعة هناك. عندها لن تنقذ 20 ألف شخص فقط، بل تخلق منطقة آمنة وفعالة. من هنا يبدأ النشاط البشري في الانتعاش.

 بمرور الوقت، قد يؤدي التنقل والهجرة والاختلاط إلى فقدان بعض الفوائد الأولية لجرعة اللقاحات المركزة جغرافياً. لهذا يجب أن تذهب الجولة الثانية من توزيع اللقاح إلى الأشخاص الذين من المرجح أن يختلطوا مع المنطقة المستهدفة الأولى التي باتت آمنة. مثل هذه الخطة تضمن تحقيق فائدتين: الأولى حماية الأشخاص في المنطقة الثانية المختارة حديثاً، و الثانية الحد من قدرة هؤلاء الأشخاص على تعطيل الفوائد المكتسبة في المنطقة الأولى.

ونعرف بالتجربة أن سياسة التطبيق التي تتبعها الحكومة الأمريكية لا تتوافق مع هذا المنطق؛ حيث يتم توزيع مشاريع البنية التحتية وغيرها بشكل متوازن بين الولايات. لذا من الصعب حالياً تغيير هذا النهج، خاصة أن القضية غاية في الحساسية، وتتوقف عليها حياة الناس.

ومع ذلك، فإن توزيع اللقاحات بطريقة مركزة جغرافياً من شأنه أن يخلق بعض التجارب الطبيعية، ويولد معلومات ذات قيمة وطنية. على سبيل المثال، إذا تم تطعيم كل شخص تقريباً في منطقة ما، فسيكون لدى الدولة فكرة أفضل عن كيفية تغير الطلب على لقاحات الإنفلونزا وزيارات طبيب الأسنان والتعليم المنزلي، والعديد من الخدمات الأخرى. وإذا اتضح فيما بعد أن هناك آثاراً جانبية غير متوقعة للقاح، فسوف تتضح بسرعة أكبر، حيث يبلغ الأطباء المحليون عن أي نوع من الشكاوى.

في الوقت نفسه، ستكون هناك قيود عملية على التوزيع الجغرافي المركّز. فإرسال عدد كبير جداً من اللقاحات إلى أماكن قليلة جداً سيؤدي إلى فترات انتظار طويلة ومشاكل في التخزين. ومع ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تفكر في توزيع أكثر تركيزاً جغرافياً مما تفعله عادة.

* أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون. «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"