عادي

«صندوق النقد» يتوقع مساراً أسرع للتعافي في الإمارات 2021

18:11 مساء
قراءة 6 دقائق
يسفغ

دبي: عبير أبو شمالة

توقع تقرير حديث من صندوق النقد الدولي أن تتعافى اقتصادات الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتسجل نمواً يصل متوسطه إلى 3.3% هذا العام، ورجح أن يتواصل النمو بقوة ليسجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لها متوسط نمو يصل إلى 4% بحلول العام المقبل.
وقال الدكتور جهاد أزعور مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى الصندوق في مدونة حديثة حول تطورات توقعات آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة، إن الأداء الأقوى المتوقع من الإمارات ودول مجلس التعاون في 2020 أسهم في رفع متوسط النمو الاقتصادي المتوقع لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بزيادة قدرها 1.2%، ليصل الانكماش الكلي في العام الماضي إلى 3.8%. وتوقع أن يسهم برنامج التطعيم الناجح في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي في تعزيز مستويات النمو الاقتصادي وتشجيع تعاف أسرع في العامين الجاري، والمقبل. وبحسب تقديرات الصندوق يتوقع أن يصل النمو الحقيقي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.1% هذا العام ليرتفع إلى 4.2% بحلول العام المقبل.
وأكد أن الطريق إلى التعافي الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، يعتمد على إجراءات احتواء الفيروس، وفرص الحصول على اللقاحات وتوزيعها، والمجال المتاح للسياسات حتى تدعم النمو، فضلاً عن الإجراءات التي تخفف من وطأة الآثار الاقتصادية العميقة الناجمة عن الجائحة. فالموجة الثانية من الفيروس التي بدأت في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي ألحقت الضرر بالعديد من بلدان المنطقة، حيث فاقت معدلات الإصابة والوفيات إلى حد بعيد تلك المعدلات المسجلة أثناء الموجة الأولى. واستأنفت معظم البلدان تطبيق بعض القيود الانتقائية للمساعدة في الحد من آثارها الإنسانية والاقتصادية السلبية، بينما بدأت بعضها بالفعل حملات التطعيم.

تعزيز الحماية الاجتماعية

وأكد أهمية التعاون لتحقيق التعافي المستدام، وقال: بينما لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله للتصدي لهذه الأزمة الآنية، فلا بد للمنطقة أيضاً أن تتحرك بسرعة وبالتوازي بغية تحقيق تعاف اقتصادي لما بعد الجائحة يتسم بالصلابة والاستقرار، ويكون أكثر احتواء للجميع. ويتطلب ذلك معالجة تأثير الأزمة غير المتوازن في سوق العمل، وكبح تصاعد عدم المساواة فيه، وتعزيز الحماية الاجتماعية، والتصدي لموروثات الأزمة، لا سيما فرط المديونية، وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة وتقليص بصمة الدولة في الاقتصاد، ومكافحة الفساد. ولتسريع وتيرة التعافي وتجنب مغبة الدخول في عقد ضائع، ينبغي البدء بالعمل الآن في تنفيذ الاستثمارات عالية الجودة في مشروعات البنية التحتية الخضراء والتحول الرقمي.
وقال إن إجمالي التمويل الذي قدمه الصندوق في العام الماضي لمساعدة دول المنطقة على مواجهة تبعات الجائحة وصل إلى 17.3 مليار دولار.

 الحصول على اللقاحات

ولفت في الوقت نفسه إلى وجود أوجه تفاوت في خطط نشر اللقاحات على مستوى المنطقة بأكملها، تقتضي تنفيذ سياسات فعالة لتجنب إطالة أمد الأزمة أو تحقيق تعاف غير متوازن، فبلدان المنطقة التي لديها أكثر شركات إنتاج اللقاحات تنوعاً (في ظل اتفاقات ثنائية مع شركات صينية وروسية وغربية) تشمل دول مجلس التعاون الخليجي والبلدان الكبيرة التي تتمتع بالطاقة الإنتاجية (مثل مصر والمغرب وباكستان). وتتمتع الفئة الأولى بأوسع نطاق تغطية، وأقرب فرصة للبدء بعملية التطعيم، كما تتمتع بخطط أكثر تطوراً لنشر اللقاحات، مستهدفة في ذلك عقد اتفاقات تشمل في بعض الحالات الحصول على جرعات تتجاوز ما يلزمها لتطعيم سكانها بالكامل. وهناك عدد قليل من البلدان الأخرى، بما في ذلك عدة بلدان في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، يُتوقع كذلك أن تحقق نسبة تغطية كبيرة لسكانها ولكنها تعتمد في ذلك على شركة، أو شركتين فقط، ما قد يبطئ عملية التطعيمات.
غير أن العديد من البلدان، بما فيها الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، لا تزال معتمدة على التغطية المحدودة التي تتيحها مبادرة «كوفاكس» التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية. وتحيط بهذه البلدان مخاطر كبيرة على وجه الخصوص، نظراً لمحدودية قدراتها في مجال الرعاية الصحية وضآلة التمويل المتاح لآلية «كوفاكس»؛ ما قد يؤخر توافر اللقاحات على نطاق واسع حتى النصف الثاني من 2022.

آفاق النمو الإقليمية

قال أزعور إن مسارات التعافي تباينت منذ صدور عدد أكتوبر/ تشرين الثاني من تقرير الصندوق حول آفاق الاقتصاد الإقليمي، حيث تم تعديل تقديرات النمو لعام 2020 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بزيادة قدرها 1.2 نقطة مئوية، ليصل الانكماش الكلي إلى 3.8%. ويرجع ذلك بقدر كبير إلى الأداء الأقوى من المتوقع في البلدان المصدرة للنفط، نظراً لأن عدم ظهور الموجة الثانية من الفيروس في بعض البلدان أعطى دفعة للأنشطة غير النفطية، كما جاء تأثير الموجة الأولى أقل من المتوقع. أما في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فقد ظلت تقديرات النمو في عام 2020، في المتوسط، من دون أي تغيير، بانكماش قدره 2.1%، نظراً لتحييد أثر قوة النمو في بعض البلدان في أوائل السنة بضعف النشاط الاقتصادي في الربع الرابع من السنة نتيجة ظهور الموجة الثانية، بينما تعرضت بلدان أخرى لآثار أسوأ من المتوقع من جراء الصدمات على مدار السنة.
واكد أن فرص الحصول على اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 سيكون لها دور بالغ الأهمية في التعافي خلال الفترة القادمة. فبالنسبة لعام 2021، لم يطرأ تغيير يذكر على توقعات الصندوق مقارنة بتوقعات شهر أكتوبر، وإن كانت تعكس فروقاً كبيرة بين البلدان، فقد جاءت التنبؤات أكثر إيجابية، أو لم يطرأ عليها تغيير يذكر بالنسبة للبلدان التي لديها مجموعة متنوعة من الشركات المنتجة للقاحات، وتلك التي تتمتع بالطاقة الإنتاجية، بينما تبدو الآفاق الاقتصادية أضعف بالنسبة للبلدان الأقل حظاً في الحصول على اللقاحات والبلدان الأشد تضرراً بالموجة الثانية. وإضافة إلى ذلك، ففي البلدان التي قدمت دعماً أكبر من خلال سياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة جائحة «كوفيد - 19»، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد تعافياً أقوى، يسانده في ذلك مستوى الهبوط الاقتصادي الأقل عمقاً في عام 2020.

أجواء عدم اليقين 

وقال أزعور إن المخاطر لا تزال مرتفعة. فتجدد الإصابات بالعدوى قد يؤخر تحقيق التعافي في حالة عدم توافر اللقاحات والحيز المتاح من السياسات. وقد تتسبب تحورات الفيروس الأخيرة بخلق المزيد من التحديات. فازدياد احتياجات الإنفاق قد يتسبب بتفاقم المخاوف بشأن استمرارية القدرة على تحمل الدين في العديد من البلدان، خاصة في حالة حدوث زيادة حادة في علاوات المخاطر العالمية، أو ارتفاع أعلى من المتوقع في أسعار الفائدة العالمية ينتج عنهما تشديد أوضاع التمويل، وازدياد مخاطر تمديد الديون. وأخيراً، قد يتسبب التأخر في توزيع اللقاحات أو سوء إدارته، إلى جانب ازدياد مواطن الخطر، بإشعال القلاقل الاجتماعية مجدداً.

ضيق حيز السياسات

وقال إنه بينما تبعث اللقاحات بارقة أمل فإن المسار سيكون طويلاً ومتعرجاً. وعلى المدى القصير، ستظل الأولوية الرئيسية هي ضمان توافر الموارد الكافية لنظم الرعاية الصحية، بما في ذلك تمويل عمليات شراء وتوزيع اللقاحات، إلى جانب مواصلة الاستثمار في الفحوص والعلاجات ومعدات الوقاية الشخصية. وستظل صحة الناس ركيزة حيوية يقوم عليها التعافي الاقتصادي. وسيظل تحقيق التوازن بين دعم التعافي والإبقاء على الديون في حدود يمكن الاستمرار في تحملها مطلباً صعباً بالنسبة إلى العامة، وضرورة استئناف إجراءات الضبط المالي في العديد من البلدان في عام 2021. وإذا تسببت حالات تجدد العدوى بتهديد التعافي، فبإمكان البلدان التي تتمتع بحيز معقول للتصرف من المالية العامة أن تعزز الدعم المؤقت الذي تتيحه لحين توافر اللقاح على نطاق واسع، من خلال توفير الإمدادات الحيوية للأسر المعرّضة للخطر والشركات التي تتمتع بمقومات البقاء. أما البلدان التي تعاني ضيق الحيز المالي، أو انعدامه، والتي بلغت نسبة ديونها إلى إجمالي الناتج المحلي في المتوسط 72% في عام 2020 (بزيادة قدرها 11 نقطة مئوية)، فينبغي أن تحافظ على مستوى نفقاتها، أو تعيد تخصيصها لتلك السياسات الموجهة التي ستحقق الأثر الاجتماعي والاقتصاد الأكبر، مثل الإنفاق ذي الأولوية على الصحة العامة، والاستثمار في الشباب، ورفع مهارات القوى العاملة. ومع ضيق الحيز المالي، ورغبة في دعم الطلب، ينبغي أن تظل السياسة النقدية تيسيرية ما لم يكن التضخم واستمرارية المركز الخارجي معرضين للخطر. وفي البلدان ذات العملات المرنة، ينبغي مواصلة استخدام سعر الصرف كهامش وقائي حسب الحاجة.

الحد من التباين

وقال إن التعاون الدولي والإقليمي سيكون عاملاً أساسياً في عالم يواجه تعافياً اقتصادياً غير متوازن، فيه من يملكون اللقاح، ومن لا يملكونه. وسيضمن تعزيز الشفافية بشأن عقود اللقاحات إمكانية الحصول عليها على نحو متكافئ. ومن الضروري ضمان عدالة توفير اللقاحات للبلدان الأفقر والبلدان التي تعاني أوضاع الهشاشة والصراع، فضلاً عن ضرورة تعزيز التمويل لآلية «كوفاكس». ومن شأن التنسيق على المستوى الإقليمي أن يسهل إعادة توزيع اللقاحات الزائدة ممن تمكنوا من تأمين فائض منها (بما في ذلك من خلال طاقة الإنتاج المحلي) إلى من لا يملكون الإمدادات الكافية. وينبغي إعطاء الأولوية للدول الهشة والمتأثرة بالصراعات للحيلولة دون وقوع مآس إنسانية أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"