لماذا إحياء المسألة اليهودية؟

02:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يبدو أن الحركة الصهيونية، التي أفرزتها الرأسمالية الغربية، واستغلت الديانة اليهودية، لتمرير مخططاتها الاستعمارية، تحاول الآن إنعاش ما كان يعرف بالمسألة اليهودية، ولكن هذه المرة ليس على مستوى أوروبا، وإنما داخل العالم العربي والإسلامي، فمع أن المنظمات الصهيونية استطاعت استقدام اليهود من مشارق الأرض ومغاربها إلى فلسطين، تحت ذرائع وأساطير، وشعارات دينية، إلا أنها تحاول الآن من خلال منظمات «إسرائيلية» إحياء ما سمي بالمسألة اليهودية، بغية العبث في العالم، كما جرى في السابق، وفي تقارير إخبارية، من ضمنها تقرير لموقع المونيتور الإخباري في الولايات المتحدة، الذي ينشر دراسات حول الشرق الأوسط، فإن منظمة «إسرائيلية» تدعى ياد لأحيم أي «يد الأخوة» نشطت مؤخراً في البحث داخل العالم العربي والإسلامي، عن «مسلمين لهم جذور يهودية». حسب مزاعم المنظمة «الإسرائيلية»، التي تدعي أنها غير صهيونية، وإنما تهدف إلى منع «اليهود المسلمين» من الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، وإعادتهم إلى اليهودية.
لكن من يتابع الأنشطة «الإسرائيلية» في العالم يدرك من دون كبير عناء أن هذه العملية قد تكون مقدمة لخطوات لاحقة، ضمنها الهجرة إلى «إسرائيل» وتزويد المشروع الاستيطاني «الإسرائيلي»، بخزان بشري جديد، تماماً مثلما فعلت الحركة الصهيونية، في بدايات المشروع الاستعماري «الإسرائيلي» في فلسطين، مع اليهود العرب، الذين كانوا يعيشون بسلام في المنطقة، حيث مارست الإرهاب بحقهم لدفعهم إلى الهجرة إلى «إسرائيل».
ويزعم التقرير أن نجاحاً مفاجئاً سجلته حملة، قامت بها شبكة «إسرائيلية»، على مواقع التواصل الاجتماعي، في يونيو/حزيران الماضي، توجهت من خلالها إلى من سمّتهم «المسلمين ذوي الجذور اليهودية» لإعادتهم إلى «الشعب اليهودي» حسب تعبير منظمة «ياد لأحيم» «الإسرائيلية»، التي تدعي أنها تحارب «من أجل عدم ضياع أي يهودي»، وأنها تحارب الاندماج والانصهار، وتعمل على «تكريس قيم اليهودية».
ويزعم القائمون على هذه الحملة الصهيونية أن حملتهم كانت لها أصداء، في بعض الدول العربية.
وحسب المعلومات التي توردها بعض الصحف يقود هذه الحملة الشاعر والمغني «الإسرائيلي»، زيف يحزقئيل، الذي يتقن اللغة العربية، ويعزف ويغني أغاني لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ، وبات معروفاً للفلسطينيين والعرب عامة.
ويتوجه يحزقئيل إلى مشاهديه وهو يحمل العود بيده قائلاً: «من كانت أمه أو جدته يهودية، فهو يهودي»، ويضيف أن «الشعب اليهودي يريد عودتهم بأذرع مفتوحة.. هذه فرصة لكل من ولد لأم يهودية، ليقول لنفسه إنه يريد تجديد العلاقة مع الخالق... فإذا كنت ابناً لأم يهودية، فقد حان الوقت لتبدأ حياتك من جديد».
والحقيقة أن خبراً كهذا إن دل على شيء فإنما يدل على العقلية العنصرية التي تعادي الآخر، وترفض اندماج اليهود في المجتمعات الغريبة والتي يطلق عليها حسب الفلسفة اليهودية الغونيم أو الأغيار، وهي فلسفة لم تشكل خطراً على المجتمعات الأوروبية في حقبة المسألة اليهودية، وإنما شكلت خطراً على اليهود أنفسهم، وهو ما يذهب إليه المفكر الراحل عبدالوهاب المسيري الذي يرى أن المسألة اليهودية ومنذ العصور الوسطى مساحة لا يمكن تجاهلها في تطور تاريخ القارة، بحيث أصبحت مصطلحاً فضفاضاً وأنها ليست إلا عنواناً لمشكلة سياسية اجتماعية اقتصادية ديموجرافية أفرزت في النهاية الحل الصهيوني.
فهل تحاول الحركة الصهيونية إحياء المسألة اليهودية من جديد، في مناطق أخرى من العالم لاستثمارها الآن في تغذية المشروع «الإسرائيلي»، وتسمين مشروعاته الاستيطانية، بمخزون بشري يتم تضليله بذرائع دينية، كما تم تضليل ملايين اليهود في الماضي، لدفعهم إلى ما يسمى في العقل اليهودي «أرض الميعاد»؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"