عادي

مسبار الأمل يبدأ سلسلة مهام علمية غير مسبوقة

23:16 مساء
قراءة 6 دقائق
2

دبي: يمامة بدوان
أكدت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، أن نجاح مسبار الأمل في الوصول إلى المريخ بداية لسلسلة مهام علمية غير مسبوقة، ستقدم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ البشرية، وتضع بياناتها في خدمة المجتمع العلمي العالمي.
وأوضحت أن الفريق العلمي لمسبار الأمل الذي عملت على إنجازه عقول وسواعد إماراتية، بالتعاون مع شركاء المعرفة، لديه الجاهزية الكاملة لتلقي وتحليل البيانات العلمية الجديدة التي سيجمعها على مدار سنة مريخية كاملة.
وفي ردها على سؤال لـ «الخليج»، حول الخطوة التالية بعد مسبار الأمل، أكدت أنها تتمثل في تطوير قطاع فضائي تنافسي في دولة الإمارات، بما يسهم في تحقيق الاقتصاد المتنوع القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، مؤكدة أن معظم أعضاء فريق عمل المسبار من الكوادر الإمارتية هم من خريجي جامعات الإمارات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» أمس الأربعاء، ونظمه المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات في مركز محمد بن راشد للفضاء بمنطقة الخوانيج بدبي.
وقالت إن وصول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط يوم 9 فبراير 2021 كان السيناريو الأمثل، الذي تطلع إليه فريق عمل المسبار على مدى سنوات من التخطيط والتصميم والابتكار والاختبار ووفر منهجية جديدة لدخول المهام الفضائية مدار كوكب المريخ، كما أن الفريق العلمي للمشروع تم تطويره من كوادر إماراتية بالتعاون مع شركاء المعرفة، الذين عملوا في أبحاث متميزة عن الفضاء الخارجي، تركز بشكل أساسي على المريخ، وهم جاهزون اليوم لبدء تلقي البيانات العلمية وتحليلها وتوفيرها في متناول المجتمع العلمي العالمي.


فريق هندسي
وأشادت بالفريق الهندسي الذي صمم نظام الدفع العكسي المبتكر الذي طورته كفاءات إماراتية وعمل لمدة 27 دقيقة متواصلة، مؤكدة أن خبرات الكوادر الإماراتية في قطاع الفضاء تبلورت بفعل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.
وقالت إن المراحل التالية لمهمة مسبار الأمل التاريخية ذات الأهداف العلمية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، ستزود المجتمع العلمي العالمي ببيانات شاملة عن الغلاف الجوي للكوكب الأحمر وأسباب تغير مناخه، كما أن الكفاءات والكوادر الشابة، التي يضمها فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ لديها القدرات والإمكانات لبناء قاعدة بيانات علمية متكاملة، تكون بمثابة منصة عالمية مشتركة لنقل المعرفة ومشاركة المعطيات العلمية الحيوية.
ولفتت إلى أن المشروع سيشارك أهم المعلومات والبيانات العلمية التي يتلقاها مع المؤسسات العلمية والبحثية حول العالم، تماشياً مع استراتيجيتها الرامية لتعزيز التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية في قطاع استكشاف الفضاء والعلوم والتكنولوجيا المرتبطة به من أجل مستقبل الإنسان، كما أن البيانات ستتم مشاركتها مع المجتمع العلمي العالمي ابتداء من سبتمبر 2021 دون مقابل، من أجل تعزيز المعرفة البشرية، فضلاً عن أن الجامعات المحلية ستستفيد من مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، لتمكين المزيد من الكفاءات الإماراتية الشابة في قطاعات الفضاء.
وقالت الأميري إنه سيتم إضافة أسئلة جديدة يمكن لمهمة مسبار الأمل الإجابة عنها تبعاً لحالة المسبار الفنية وأجهزته في تلك الفترة الزمنية، ومع نهاية 2022 سيتمكن الفريق العلمي للمشروع من معرفة البيانات الإضافية التي يحتاج اليها، وبناء عليه يتم تصميم المهمة الإضافية على هذه البيانات.


شركاء المعرفة
بدوره، أكد المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أن مسبار الأمل بصحة تامة، وقد أدى مهامه على أكمل وجه لدخول مدار الالتقاط حول كوكب المريخ.
وقال إن دولة الإمارات لم تبدأ من الصفر، بل من حيث انتهى الآخرون، وتعلمت من تجاربهم، وتعاونت مع شركاء المعرفة كفريق واحدة تحت هوية واحدة هي هوية «مسبار الأمل»، وهو ما مكّن المسبار خلال عملية تطويره من إجراء أكثر من 100 عملية اختبار للتصميم، وأكثر من 100 ألف عملية محاكاة لكافة سيناريوهات مرحلة الالتقاط خلال السنتين الماضيتين، حتى تبسيط التصميم إلى أفضل نموذج ممكن حتى تاريخه.
 وأضاف: تتابع المحطة الأرضية بمركز محمد بن راشد للفضاء بمنطقة الخوانيج، حركة المسبار أولاً بأول لمواصلة مهامه التالية، حيث تمت جدولة الاتصال اليومي مع المحطة الأرضية، والذي يمكّن فريق العمل من إجراء عمليات تحميل سلسلة الأوامر وبيانات العمليات المختلفة بشكل منظم.


برمجة الأجهزة
وأكد أن الأجهزة العلمية المتطورة الثلاثة على متن مسبار الأمل، تمت برمجتها لجمع مختلف المعلومات والبيانات عن طبقات الغلاف الجوي للمريخ، ومن ثم إرسالها إلى الفريق العلمي للمشروع لتحليلها ودراستها، كما تمت إعادة فحص واختبار جميع الأجهزة الفرعية الموجودة على متن المسبار قبل الانتقال إلى المرحلة العلمية، التي سيتم خلالها إجراء أول اتصال مع المسبار.
وقال إن الفريق نجح في تخطي أخطر مرحلة في رحلة مسبار الأمل، حيث إن الهدف الاستراتيجي من المشروع هو تمكين الشباب الإماراتي، وخلق بيئة تحفز البحث والتطوير، كما يجري الاتصال مع مسبار الأمل في الفترة الحالية على مدى الـ24 ساعة متواصلة، إلا أنه خلال الفترة المقبلة في غضون شهر، سينخفض الاتصال مع مسبار الأمل من مرتين إلى 3 مرات بالأسبوع، بمدة تتراوح من 6-8 ساعات.


ثقافة العزيمة
وأكد شرف أن المشروع كان تحدياً لفريق عمل المشروع، ليكون جاهزاً لكل الاحتمالات، فكرّس ثقافة العزيمة والإصرار والإنجاز محلياً وعربياً، مشدداً على أن الجميع في دولة الإمارات كان فخوراً بمهمة مسبار الأمل ومستعداً لأي نتيجة يحققها.
وحول المرحلة الأصعب التي سبقت دخول المسبار لمدار الالتقاط، أوضح أنها كانت الساعة الأصعب، حيث كانت 3 فرق تعمل معاً بتنسيق كامل في غرفة العمليات، وهي فريق التحكم الذي يتأكد من تنفيذ المسبار للأوامر، والفريق الهندسي الذي قام بتصميم المسبار والذي يعالج البيانات التي تصل من المسبار ويتأكد من صحته، وفريق العمليات والملاحة الذي يضع الخطط والعمليات للمسبار للأيام المقبلة.
وأضاف أن الجميع كان مستعداً، وكان هناك فريق رابع احتياطي لدعم الفرق الثلاثة في غرفة عمليات، وأن فريق المسبار قام بالتقييم الأولي ثم الثاني والثالث لتنتهي العملية عند الساعة الثامنة و8 دقائق مساء بتوقيت الإمارات، تلاها إعلان وصول المسبار إلى مدار الالتقاط بنجاح.
وقال شرف إن المرحلة التالية الآن هي الانتقال من المدار الأولي إلى المدار العلمي، والتي تستمر لشهرين تقريباً، للتأكد من صحة كافة الأجهزة لمعايرة المعطيات فيها إذا اقتضى الأمر، يلي ذلك تعديل المسار بشكل طفيف إذا احتاج الأمر لدخول المسبار مداره العلمي.
ولفت إلى أن المرحلة الأصعب مرت والعملية الآن أسهل إلى حد بعيد نظراً لوجود المسبار ضمن منطقة جاذبية كوكب المريخ، كما أن مهمة مسبار الأمل استفادت من الهوائيات والمختبرات المتوافرة في مركز محمد بن راشد للفضاء وحول العالم، بما خفض كلفة المشروع بشكل كبير وسرّع إنجازه في وقت قياسي.
وأضاف أن الدبلوماسية العلمية ودبلوماسية الفضاء من أبرز آفاق وفرص التعاون المستقبلي التي أرساها مشروع مسبار الأمل.


صدمة إيجابية
وعن شعوره لدى وصول المهمة المريخية العربية الأولى إلى المريخ، قال شرف: «لحظة الوصول إلى المدار بنجاح كانت صدمة إيجابية، ونريد أن تكون هناك مساهمة إماراتية بالبيانات العلمية التي يجمعها مسبار الأمل في إرسال الإنسان إلى كوكب المريخ حتى لو كان ذلك الهدف بعيد المدى».
وختم قائلاً إن حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، إلى المركز في أصعب مراحل مشروع الأمل، وبثه بشكل حي بكل شفافية، يؤكد نهج النجاح والنموذج المتميز الذي تعتمده دولة الإمارات، ومدى قرب القيادة من شعب الإمارات وتطلعاته في الدولة الكبيرة بطموحها الذي لا يعرف المستحيل.


ثالث دولة
ومع وصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ، أصبحت الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، وثالث دولة تنجح في دخول المدار من المرة الأولى، وألهمت الملايين من أجيال النشء والشباب للتخصص في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وسجلت حزمة أرقام قياسية عالمية في قطاع استكشاف الفضاء، لتنضم إلى نادي الدول التي تثري المعرفة البشرية في علوم الفضاء.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"