الجمهور يعود وهي طبيعته بأن يفعل، وفي ظل هذا التهافت الرقمي والإنهاك الإخباري والمعلوماتي الذي تطفح به الشبكة الإلكترونية يبدو جلياً أن الأمر بات خانقاً، إلا أن الرهان على الأصيل سينجح دائماً، على المحتوى المعد بحنكة الخبراء والمتخصصين في مجال صناعة القصة الإخبارية، وكذلك الثقافي المنوع والحوارات التي تخطف الأنفاس وتهذب النفوس.
وإن كانت التحديات التي تواجه القنوات والمؤسسات الإعلامية لا تزال تقف بالمرصاد، فإن الأمر قابل للمواكبة والتجاوز، حين توضع الاستثمارات في مكانها الصحيح لصالح المتلقي وحده والذي لم يعد متفرجاً، فرغبته في التعبير والمشاركة هي أكثر انطلاقاً وثباتاً، ولكن الدروس المستقاة من التجارب السابقة كبيرة، وأبرزها أن «لا تصدق كل ما تراه العين، أو ما تسمعه الأذن»، بل لا تصدق ما تنقله أنت نفسك من دائرة الواقعي إلى مشهد الافتراضي؛ لأنك لن تعلم أين تختبئ الحقيقة.
تشير كل التقارير الصادرة عن المؤسسات الإعلامية العالمية، أن هناك حراكاً عائداً إلى القواعد، فالجمهور الذي خطفته التكنولوجيا السهلة، عاد ليشتري الصعب بالاشتراكات المدفوعة، وهو يؤكد بذلك حقه في أن يختار ما يريد، وإن كان بثمن، ألا يعكس ذلك طبيعة متفردة للمتلقي؟ ولنا في صحيفة «نيويورك تايمز» مثل، فقد تجاوز عدد اشتراكاتها الرقمية في 2019 الخمسة ملايين، وهي تخطط لبلوغ العشرة ملايين اشتراك بحلول 2025، والأمر ذاته يحدث مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية، والتي سجلت في عام 2019 أكثر من 160 مليون زيارة لمختلف منصاتها الإخبارية.
نجح الأمر حين توفرت الخدمات المقدمة عبر أجهزة المستخدم اللوحية، والخدمات التشاركية مع من يريد، أو خدمة التوصيل الباكرة لنسخته العالمية، إلى آخر تلك الخيارات المخصصة وفقاً لطبيعة الشخص وحاجاته ومكان إقامته وحتى علاقته، أما إذا أردنا أن نتحدث عن المحتوى ذاته فهو لم يغفل فكرة إشباع فضول القارئ لمعرفة التفاصيل الصغيرة في قلب حدث كبير، أو شغفه بالكلمات المتقاطعة، وكل ما ذكرت هو استراتيجية تسويقية بارعة قوامها المتلقي وخصائصه.
إن القواعد مهمة في عملنا الإعلامي، لكنها قواعد بروح جديدة تنظر «للمتابع» الذي رسمنا تصوراتنا الخاصة عنه لسنوات طويلة، مرددين عبارة «الجمهور يريد ذلك»، متناسين أن من نقدم له الحكاية لا يمثل الجمهور كله، وهذا باختصار أصل الفكرة، فمن يريد عودة متجددة للجمهور، تحقق له شروط السوق الجديدة من نسبة متابعات وإعجاب ومشاركات، وما يقترن بذلك من ارتفاع في القيمة الاقتصادية لمساحات البث والإعلان، عليه أن يفكر بمنطق الجمهور المتلهف للعميق والسطحي، والمواد الطويلة وتلك الخاطفة، والكلمة المؤثرة والصورة الجذابة، وللخبر المزيف والحقيقة في آن.
صفية الشحي
مقالات أخرى للكاتب
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
قد يعجبك ايضا
![«المركزي الصيني» يضخ 30 مليار دولار في النظام المصرفي](/sites/default/files/2024-07/6194735.jpeg)
![رئيس الوزراء الإسباني يدلي بشهادته في قضية فساد تستهدف زوجته](/sites/default/files/2024-07/6194723.jpeg)
![سيف بن زايد يزور «بيوت منتصف الطريق» للخدمات التأهيلية الاجتماعية](/sites/default/files/2024-07/6194719.jpeg)
![«نيكاي» يغلق مرتفعاً مترقباً اجتماعات المركزيين الأمريكي والياباني](/sites/default/files/2024-07/6194712.jpeg)
![18.2 مليار درهم التداولات العقارية في الشارقة النصف الأول 18.2 مليار درهم التداولات العقارية في الشارقة النصف الأول](/sites/default/files/2024-07/6194705.jpeg)
![سعود حبيب الصايغ سعود حبيب الصايغ](/sites/default/files/2024-07/6194686.jpeg)
![](/sites/default/files/2024-07/6194650.jpeg)
![رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس جمهورية فانواتو بذكرى الاستقلال رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس جمهورية فانواتو بذكرى الاستقلال](/sites/default/files/2024-07/6194630.jpeg)