ألعاب العنصرية في «إسرائيل»

03:32 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يصر الاحتلال «الإسرائيلي»، على تقديم الدليل تلو الآخر على عنصريته المبالغ فيها ضد العرب عامة، والفلسطينيين بشكل خاص، انطلاقاً من الفلسفة العنصرية المستحكمة بالعقل «الإسرائيلي»، والتي باتت تشكل هوية هذا العقل، وتحدد اتجاهاته. فرغم حملات التحريض السياسي المتواصلة ضد الفلسطينيين، أصحاب الأرض الفلسطينية المحتلة، ومحاولات «إسرائيل» المستميتة لإلصاق صفة الإرهاب بكل من يخالفها، أو يسعى إلى التخلص من الاحتلال، منذ إقامة «إسرائيل» على أنقاض الوطن الفلسطيني، فإن هذه السياسة العنصرية البغيضة، باتت تستخدم حتى ألعاب الأطفال، لممارسة الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، والتحريض عليه.
أما جديد هذه الممارسات العنصرية، فهو ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، مؤخراً، بأن الموقع الإلكتروني للقناة السابعة «الإسرائيلية»، دشن لعبة تحمل عنوان «اضرب الفلسطيني» وفي هذه اللعبة الإلكترونية المصممة، بإيحاء من العقل «الإسرائيلي» العنصري، فلسطينيون يقفزون وهم يحملون السكاكين أو البنادق والزجاجات الحارقة، ويطلب من الأطفال قتلهم. كما يتم خلال اللعبة توجيه الأطفال على الصفحة الرئيسية إلى هذه اللعبة تحت شعار «الأطفال يساعدون قوات الأمن ويقتلون الفلسطينيين الذين يهاجموننا».
وحسب الصحيفة «الإسرائيلية»، يوجد في خلفية اللعبة صور متغيرة لما يسمى ب«برج داوود» و«الهيكل المزعوم» في تلميح إلى الأماكن المقدسة حول الحرم القدسي، وكذلك صور ل«برج عزرائيلي» التجاري في تل أبيب والحرم الإبراهيمي. وعلى جانبي اللعبة صور لشعارات تحمل عبارتي «شعب إسرائيل حي» و«اجعلوا الجيش ينتصر»، وفي اللحظة التي يضغط فيها الطفل على صورة الفلسطيني، تظهر عبارة «تم إحباطه». وفي نهاية اللعبة تظهر قائمة تحدد عدد عمليات التصفية التي نفذها الطفل «الإسرائيلي» والنقاط التي حصل عليها.
قد يبدو هذا الخبر غير ذي أهمية بالنسبة للبعض، باعتباره أحد التطبيقات الإلكترونية والألعاب المنتشرة حول العالم بكثافة، والتي تفترض وجود أعداء وهميين، يحاربهم الأطفال وينتصرون عليهم، لكن المتبصر بالفلسفة العنصرية «الإسرائيلية»، وتاريخ الصراع العربي «الإسرائيلي»، يدرك جيداً أن مثل هذه اللعبة، تأتي في إطار سياسة مرسومة، تهدف إلى شيطنة الفلسطيني، وإلصاق صفة الإرهاب بالمقاومين الفلسطينيين المدافعين عن أرضهم ووطنهم، من جهة، وتأسيس عقول الأطفال اليهود على العنصرية، وكراهية الآخر، أي بمعنى أدق برمجة عقول هؤلاء الأطفال بشكل يتوافق، والفلسفة الصهيونية العنصرية، التي تقوم على أساس التمييز بين الشعوب والبشر وتقود إلى استعمال العنف والإرهاب ضدها، من أجل فرض تفوقها وهيمنتها ومصالحها على الشعوب الأخرى.
والحقيقة أن الاحتلال «الإسرائيلي» البغيض يسعى جاهداً إلى ترسيخ الأفكار العنصرية، القائمة على فكرة خاطئة ومختلقة بأن اليهود هم «شعب الله المختار». وأنهم أنقى الأعراق البشرية وأذكاها إلخ.. من هذه المصطلحات ذات الطابع العنصري، والتي تعد ترجمة حقيقية للأفكار النازية التي نادت بتفوق العرق الآري، ولكن بعد استبدال العرق الآري باليهودي.
ولا نبالغ أبداً إذا قلنا إن «إسرائيل» نموذج للدولة والمجتمع العنصري، بكل ما في الكلمة من معنى، حيث تمارس العنصرية من قبل أعلى الهرم الاجتماعي والسياسي في «إسرائيل» وصولاً إلى القاعدة، وفق منهجية محكمة، تسعى إلى تعزيز الكراهية والبغضاء تجاه الفلسطينيين والعرب في أوساط المجتمع «الإسرائيلي»، وضمن النظام الرسمي، ناهيك عن التشريعات العنصرية التي يقرها الكنيست بين حين وآخر، ولاسيما المتعلقة منها بالاستيطان ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وبناء جدار الفصل العنصري، وغيرها من القرارات والتشريعات التي تقدم كل يوم الدليل تلو الآخر على العقلية العنصرية التي تحكم الطغمة الحاكمة في «إسرائيل»، ولذلك لا غرابة في وجود أو اختراع لعبة إلكترونية للأطفال تعزز توجهات الاحتلال العنصرية.
ولعله من المفارقة أنه في الوقت الذي يسعى مروجو هذه الألعاب الإلكترونية في صفوف الأطفال «الإسرائيليين»، إلى التحريض على الفلسطينيين، نلاحظ أن قانون محاكمة الأطفال في «إسرائيل» يبيح محاكمة الأطفال الفلسطينيين من سن اثني عشر عاماً، ولكن السؤال هنا، هو ماذا ينتظر الاحتلال من أطفال تبرمج عقولهم على القتل، وكراهية الآخر، وهل سيسري على هؤلاء المغسولة عقولهم، قانون محاكمة الأطفال المفصل للأطفال الفلسطينيين الرازحين وأهاليهم تحت حراب الاحتلال؟!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"