تطابق أمريكي «إسرائيلي»

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
نبيل سالم

يبدو أن ملامح الخطة الأمريكية للسلام، والهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، بدأت تتضح سياسياً وجغرافياً، ففي تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أشار المكتب إلى أن فرض تطبيق القانون «الإسرائيلي» على المستوطنات قد أصبح مادة لمفاوضات تشكيل الحكومة «الإسرائيلية» بعد انتخابات الكنيست الأخيرة بين حزب «الليكود» وغيره من الأحزاب اليمينية المتطرفة، حيث يطالب زعماء المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة بتوسيع نطاق تطبيق القانون «الإسرائيلي»، ليشمل جميع المستوطنات اليهودية في هذه الأراضي، وتضمين ذلك في اتفاقات تشكيل الحكومة القادمة.
ويربط التقرير بين الضغوط التي تتزايد في هذا الاتجاه، وخطة إدارة ترامب للتسوية بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، التي تدعو صراحة إلى إبقاء المستوطنات تحت الحكم «الإسرائيلي»، في إطار أي اتفاق سلام دائم، مع التأكيد على أن الإدارة الأمريكية لن تعارض توسيع نطاق القانون «الإسرائيلي» ليشمل مستوطنات الضفة الغربية.
وحسب الكثير من المراقبين، فإن المستوطنين اليهود يرون أن الفرصة باتت مواتية الآن لمثل هذه الخطوة بعد قيام إدارة ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة «الإسرائيلية» على هضبة الجولان السورية المحتلة.
ويأتي ذلك منسجماً مع تعهدات رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو التي سبقت الانتخابات «الإسرائيلية» الأخيرة بتوسيع نطاق القانون «الإسرائيلي» ليشمل جميع المستوطنات، وبأنه سيكون قادراً على فعل ذلك مع دعم أمريكي، وتأكيده رفض إقامة دولة فلسطينية، باعتبار أنها تشكل خطراً على وجود «إسرائيل» على حد تعبير نتنياهو، الذي نقل عنه بأنه أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لن يقوم بإخلاء شخص واحد من أي مستوطنة، إلا أنه رغم ذلك فإن هناك معارضة واضحة حتى داخل «الإسرائيليين» أنفسهم لفكرة ضم المستوطنات وفرض القانون «الإسرائيلي» على مناطق في الضفة الغربية المحتلة، باعتبار أن هذه الخطوة ستضطر الجيش «الإسرائيلي» والشاباك إلى السيطرة على الضفة الغربية وإدارة وتمويل حياة 2.6 مليون فلسطيني، وأن تكلفة هذه الخطوة ستبلغ 52 مليار شيكل سنوياً.
على أية حال يبدو أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة ل «إسرائيل»، واعترافه بالسيادة «الإسرائيلية» على هضبة الجولان شجع نتنياهو على التفكير بضم المستوطنات، لا سيما أن توقيت هذه الخطوة سيتبع عرض ترامب لخطته للسلام مباشرة.
الحقيقة أن المواقف الأمريكية، في ظل هذه الإدارة اليمينية تظهر بوضوح مدى التناغم، إن لم نقل التطابق الشديد بين الرؤية الترامبية للسلام في الشرق الأوسط، ورؤية الطغمة اليمينية المتطرفة الحاكمة في «إسرائيل».
ورغم أن اختلال موازين القوى، بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، بسبب الدعم الغربي عامة والأمريكي خاصة ل«إسرائيل» قد يسمح للإدارة الأمريكية بفرض بعض الحلول المؤقتة، إلا أن ما لا يمكن لهذه الإدارة وغيرها أن تحققه أبداً في إطار هذه السياسة المشجعة ل«إسرائيل» هو السلام؛ لأن أي سلام لن يدوم أو يستمر ما لم تتوفر له الشروط المناسبة للبقاء، وبالتالي فخطة السلام الأمريكية المزمعة لن تستطيع بناء السلام؛ لأنها تستند أو تتماهى مع الرؤية «الإسرائيلية»، التي تثبت يوماً بعد يوم معاداة «إسرائيل» للسلام، وتنكرها لكل المواثيق والأعراف الدولية، المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"