مرصد التواصل الاجتماعي

04:57 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

لا تزال الأخبار المزيفة تمثل تحدياً كبيراً أمام جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح من الصعوبة بمكان، أن يثق أحدنا بجميع ما ينشر عبر المنصات المختلفة، حتى وإن قدّمتها مصادر موثوقة، فحتى هذه الأخيرة، يمكن أن تتعرض للارتهان من أطراف كثيرة، تعمل وفق مخططات من مصلحتها إثارة الفتن والفوضى في المجتمعات المختلفة.
وما يرفع نسبة التحدي في التعامل مع آلاف المنشورات والقصص الإخبارية يومياً؛ الزيادة المفرطة في الكم لا النوعية، وسهولة تلقي المحتوى، حتى وإن لم يرغب الفرد في ذلك، إلى جانب استخدام آليات الحجب المتعمد من الخوارزميات؛ عبر استراتيجيات «فقاعة التصفية» التي تحدد ما نراه أو ما لا نراه في صفحاتنا الخاصة؛ بناء على سلوكاتنا المسبقة في البحث والقراءة عبر الشبكة.
كما أن تطور المهارات اللغوية للذكاء الاصطناعي بشكل متسارع، بدأت تثير قلق المراقبين والأكاديميين، على الرغم من أنها في الأغلب تثير شهية المجتمع التجاري، وحتى مسألة فهم اللغة الطبيعية التي تعد عائقاً في الوقت الحالي، أمام أنظمة التعلم العميق وتعلم الآلة، يقابلها التقدم المتسارع في إنتاج النصوص الخبرية، والمنشورات الشديدة الإقناع للمستخدم؛ عبر برنامجي «ترانسفورمر وبيرت» اللذين طورهما محرك «جوجل» للترجمة بين اللغات، وإنتاج النصوص، فضلاً عن نجاح منصات: مثل «فيسبوك» و«تويتر» في استخدام روبوتات الدردشة المحاكية للإنسان، ولن يطول الوقت حتى يبدأ الذكاء الاصطناعي، بتحويل أدوات الاستجابة الصوتية على الشبكة، إلى أدوات ناطقة بصورة يصعب تمييزها عن أصوات البشر.
ويمكن القول: إن مهارة التمييز والتفصيل، أثناء الاطلاع على المحتويات المقروءة والمسموعة والمرئية باتت ضرورة ليس للعاملين في الحقل الإعلامي وحسب؛ بل لجميع الأفراد؛ إذ إنه يتعلق بأمن الدول إعلامياً ومعلوماتياً على السواء، أما هذه المهارة فيجب تعميمها عبر مناهج للدراسات الرقمية في جميع المراحل الدراسية، بما يتناسب مع اختلاف الخبرات والفئات العمرية. كما يمكن تخصيص دورات تدريبية مختلفة عبر الشبكة؛ لإحداث نقلة نوعية في التعامل مع مشكلة التزييف الإخباري تبحث بها الأدوات المختلفة والمتاحة عبر الشبكة؛ مثل: بحث الصورة العكسي عبر محرك «جوجل»، والتعرف إلى برامج «البوت» الجيد منها والخبيث، فضلاً عن المواقع المخصصة لفحص الحقائق والبيانات المختلفة.
إن تأسيس مرصد عربي لوسائل التواصل، على غرار المراصد العالمية؛ مثل: «فاكت جيك» و«سنوبس» و«بوتومتر»؛ لتبيان دقة المزاعم السياسية، وفحص الحقائق والبيانات، واكتشاف الصور المزيفة، يعد مشروعاً في غاية الأهمية، وبحاجة إلى حشد الجهود البحثية والإعلامية؛ لتطوير آليات «تصفية» للأخبار والمعلومات والمواد السمعية والمرئية والصور، تتمتع بموثوقية عالية، وتدعم فكرة النشر المسؤول بين مستخدمي الشبكة، كما تحقق نوعاً من الأمن الإعلامي والمجتمعي، لمستخدمي المحتوى والأخبار في الفضاء الرقمي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"