صدر مؤخراً، تقرير السعادة العالمي 2021، عن منظمة الأمم المتحدة والذي يعمل على قياس عدد من المؤشرات في 149 دولة (2018 – 2020) شملت السعادة، الرفاه، الصحة العقلية، الروابط الاجتماعية، وآراء السكان في المحاور المطروحة حسب مقياس تدريجي من 1 إلى 10 بشأن عناصر مثل الدعم الاجتماعي، حرية اتخاذ القرار، الفساد والكرم، وقد تصدرت فنلندا قائمة الدول في ما يتعلق بمستوى السعادة، وحلت الإمارات في المرتبة ال25.
وكشف التقرير عن أن ارتفاع نسبة حالات الوفيات بسبب الجائحة لتصل إلى مليونين حالة وفاة في عام 2020 والذي قدر بزيادة 4% عما قبل الأزمة، هو من الأسباب الرئيسية وراء تعرّض معظم سكان العالم لمشاكل نفسية وعقلية قاد إليها عدم الاستقرار الاقتصادي، تمثلت في القلق، الاكتئاب، الضغط النفسي، إضراب الحالات العقلية، إضافة إلى أمراض عضوية متعددة، كما أن نسبة الأشخاص الذين يشكون من الحزن والقلق ارتفعت بنسبة 10% عما قبل الجائحة. أما على صعيد اقتصادي فسجل مستوى دخل الفرد العالمي تراجعاً بنسبة 5% خلال عام 2020، وقد تراجعت في معظم الدول أعداد الشواغر المتاحة للعمل بنسبة 20% بسب تأثيرات مرتبطة بمهارات الأشخاص ومستوياتهم الاجتماعية، ما أثر في مستوى الرضا العام والسعادة ليتراجع بنسبة 12%، خاصة في الدول التي لا تملك أنظمة عمل مستقرة، ومرنة.
وفي ما يتعلق بالرفاه، فقد قاس التقرير مستوى هذا المحور بناء على مؤشرات تقديرات الحياة، المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية، حيث يشير إلى أن أهم العوامل التي عززت التعامل الإيجابي مع هذه الأزمة تمثلت في: الامتنان، الصمود، التطوع، التواصل، التمارين الرياضية، والعناية بالحيوانات، وفي المقابل تسببت عوامل أخرى بإضعاف مناعة الأفراد النفسية والجسدية في بعض المجتمعات، مثل: الشعور بعدم اليقين، وقلة الفرص، وضعف إمكانات التواصل الرقمي.
ورغم أن وباء «كوفيد-19» حال دون تحقيق معايير السعادة التي عرّفتها الأمم المتحدة ب«مدى رضا الشخص عن حياته» بالنسبة إلى لكثير من المجتمعات، إلا أن ذلك يدفعنا للعودة من جديد وأكثر من أي وقت مضى، إلى الفهم الحقيقي لهذا المفهوم، وهو بالنسبة إلى المجتمعات «التلاحم والحفاظ على الهوية»، وبالنسبة إلى الأفراد «تبني فلسفة السعادة» كأسلوب حياة وثقافة يومية مبنية على العمل، التعلم مدى الحياة، السلوك الإيجابي في الفهم والتفاعل، المرونة، الإصرار، الصبر والمقاومة، ما يساهم في تعزيز مناعة الفرد والمجتمع وقت الأزمات.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
