التهنئة بيوم الجمعة

01:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
تعوّد الناس في هذه الأيام أن يتبادلوا فيما بينهم التهاني بيوم الجمعة عبر الرسائل النصية التي ترسل من خلال الهاتف وتعرف ب"مسجات الجمعة" .
- هذه المسجات "الرسائل" تحمل حكماً أو أدعية أو طرائف أو نكتاً دعابية، وفي النهاية تختم بجملة "جمعة مباركة" وينشئ أحدهم هذه الرسالة بعبارة من عنده أو ينقلها من الكتب أو من الرسائل المرسلة إليه .
- والطريف في المسألة أنهم يتناقلونها فيما بعد كما هي، مذيلة باسم المرسل الأول أحياناً، وبأخطائها أيضاً في بعض الأوقات، إذ ربما عاود إرسالها من لا يحسن الكتابة أو القراءة جيداً، فيرسلها كما هي منقولة .
- هذه الرسائل قد تقرأها أحياناً وهي مليئة بالعواطف الجياشة، مستخدمة فيها كاف الخطاب، فتظن أنك معني بالعبارة .
لكن يتضح لك فيما بعد بأنك لست معنياً بتلك العبارة، فالرسالة منقولة من شخص إلى شخص، وهي كما ترسل إلى الصديق ترسل إلى العدو، بل إن بعضهم يركب الهاتف آلياً بحيث يعمم أي رسالة على مجموعة معينة في أوقات معينة، وهؤلاء مخزنة أسماؤهم وأرقامهم في الهاتف .
- إذن نتفق من البداية على أن إرسال المسجات "الرسائل" يوم الجمعة أو في أي يوم من أيام الأسبوع، من قبيل العادات وليس العبادات .
- فالعبادات قال عنها الفقهاء بأنها تحتاج إلى نية مخصوصة، وهذه الرسائل كما قلنا ترسل من غير التأكد من صحة المضمون، لأنها عبارات متداولة وغير مقصود بها أشخاص معنيون، بدليل أنها ترسل إلى الكل، وفي بعض الأوقات يرسلها رجل إلى رجل آخر، ويتضح من خلال العبارات أنها كانت مرسلة من امرأة إلى امرأة أخرى .
- يسأل بعضهم عن حكم مثل هذه الرسائل التي ترسل يوم الجمعة من شخص إلى شخص وتنتهي بعبارة "جمعة مباركة" هل يجور التهنئة بيوم الجمعة؟
- أقول: الجمعة في الإسلام عيد أسبوعي من غير شك، فهو إن لم يكن عيداً بمعنى العيد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، فإنه يوم مميز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل وإن كان طيب فليمس منه، وعليكم بالسواك"، ( رواه ابن ماجه) .
- لكن هذا الحديث لا يعني أننا نهنئ بعضنا بعضاً مثل يوم الفطر ويوم الأضحى، فالعيد قد يطلق ويراد به المعنى المجازي فقط، كما أقول لك: اليوم الذي ألتقي فيه بك هو يوم عيد .
وقد يراد بتسمية الجمعة عيداً أنه خص بشعائر معينة، وفيه ساعة استجابة، وهو يوم عطلة أسبوعية يرتاح فيه الإنسان كما يرتاح في يوم العيد .
- أما وإن الناس تركوا الجانب العبادي في يوم الجمعة، وانصرفوا إلى العادة فقط، فصاروا يتبادلون فيه عبارات جوفاء فقط، فأعتقد أنه لا يترتب عليه أمر شرعي حتى يسأل: ما حكم التهنئة بيوم الجمعة؟
ويغالي بعض المشايخ إذن إذا كانوا يفتون بشرعية أو عدم شرعية تهاني يوم الجمعة، لأن المسألة ليست من مسائل العبادات بل العادات كما قلنا، فلا تحتاج إلى الوقوف عندها .
- ونحن لا نريد أن نعقد الحياة، فنجعلها كلها عبادة، وعندئذ يقع الناس في حرج، مع العلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" . (رواه الدارقطني) .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"