التزاماتنا تجاه قضايا العرب والمسلمين

05:23 صباحا
قراءة دقيقتين

كثيراً ما يقرأ الإنسان ويسمع عن مسؤوليات هذه الدولة العربية الكبيرة أو تلك ذات الوزن الاستراتيجي المهم، مسؤوليتها تجاه قضايا الأمة الكبرى، فدول من مثل مصر وسوريا والعراق سابقاً والجزائر كان ينتظر منها أن تأخذ دائماً بعين الاعتبار مصالح الأمة العربية العليا خصوصاً في سياستها الخارجية . ولكن من حقنا وحق الآخرين أن نطرح السؤال الآتي: ألا تحمل الثروات العربية الهائلة مسؤولية مماثلة تجاه قضايا الأمة العربية؟ ألا تحمّل حاجة العالم لبترول الأمة وغازها من يمتلك هذه الثروات التزامات قومية وإسلامية لاستعمالهما في مصلحة حقوق شعوب العرب والإسلام تجاه الظلم الذي تمارسه الدول الغربية الإمبريالية؟

مثلاً، هل يعقل أن تُعطى الولايات المتحدة الأمريكية الضمانات والتطمينات والامتيازات بالنسبة لهيمنة الدولار كعملة عالمية، وعدم المساس بانسياب البترول والغاز لها ولحلفائها، وحصولها على تواجد عسكري وممارسة نفوذ غير عادي في حقول التربية والتعليم والثقافة والإعلام، وتشريفها باستقبالات حافلة لكل مسؤوليها من دون أن يطلب منها كمقابل تقليل انحيازها الأعمى المتجبِّر اللا أخلاقي للاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين المحتلة والتخفيف من ضغوطها اللا إنسانية على المقاومات العربية الباسلة في فلسطين والجنوب اللبناني والعراق وغيرها، بل وعدم انسياق مجلسها النيابي الانتهازي الجاهل في حملات التشهير بالإسلام وبالعروبة؟

وإذا كانت الأنظمة السياسية العربية تخاف مجرد التلميح لضرورة توازن المصالح الاقتصادية الأمريكية والأوروبية مع المصالح العربية السياسية، بشكل فيه الحد الأدنى من العدالة وحسن الذوق، أفلا تستطيع، كخدمة لأمتها، أن تمتنع عن الانخراط في خطوات سياسية واقتصادية وثقافية تخدم مصالح الغرب وتضرُّ بالأمة؟

هل أن التفاهم البشري والسلم الدولي يحتاجان حقاً لأن يقوم مسؤول بزيارة أعتى وأحقر المؤسسات الأمريكية - الصهيونية في واشنطن في نفس الأسبوع الذي تستولي فيه المؤسسة الصهيونية الحاكمة على أماكن إسلامية مقدسة من أجل تهويدها، وتعلن عن مشاريع استيطانية بربرية جديدة، وتستمر في ذبح القيادات الفلسطينية؟

هل يجوز استقبال المسؤولين الأمريكيين الكبار في الوقت نفسه الذي يجري فيه التنسيق الدولي المجرم لشن حرب أمريكية - صهيونية اقتصادية وعسكرية ضد دولة اسلامية؟ هل خلافاتنا السياسية مع تلك الدولة تبرر التناسي التام للأخوة الإسلامية وللالتزامات الأخلاقية والدينية تجاه أمة الإسلام؟

إن الأمثلة كثيرة، وتشمل اعطاء مؤسسات صهيونية غربية مسؤولية إدارة أنظمة تعليمية عربية، والتعاون المخابراتي مع جهات غربية حليفة للموساد الصهيوني، وإعطاء مساحات كبيرة لشخصيات صهيونية، وغربية ومنحازة في إعلامنا الفضائي والسمعي والصحافي، وهي جميعها تشير إلى ضرورة الإجابة عن سؤالنا الذي طرحناه، إنه سؤال يحتاج إلى مناقشات هادئة وموضوعية لتبرز، على ما أعتقد، أن هذه الدول لا تحتاج لأن تقدم تلك الخدمات لأعداء أمتها ولا تحتاج لأن تقف مواقف مشبوهة مشكوكاً في نزاهتها من قضايا أمتها الكبرى .

ثروة البترول هي مؤقتة، والهيمنة الأمريكية لن تدوم ولا تؤتمن، والذي سيبقى هو العمق الاستراتيجي العربي والإسلامي الذي وحده سيحدد الأمن المستقبلي والرخاء الاقتصادي إن لم يستعمل كنعمة فإنه سيصبح نقمة، وثمة حاجة لدرس هذا الموضوع دراسة متعمقة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

شغل منصب وزير الصحة ووزير التربية والتعليم سابقاً في البحرين. متخصص في كتابة مقالات في شؤون الصحة والتربية والسياسة والثقافة. وترأس في بداية الألفين مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث. كما أنه عضو لعدد من المنظمات والمؤسسات الفكرية العربية من بينها جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"