وأخيراً فهموا الدرس

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

في تصريحات تبدو مغايرة، لما درجت عليه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالتفاؤل بشأن خطة السلام الأمريكية المنتظرة، اعترف وزير الخارجية مايك بومبيو أن خطة السلام الأمريكية قد تُرفض في نهاية المطاف.
وحسب ما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» عن بومبيو، فإنه لا توجد ضمانات بأن الإدارة الأمريكية قادرة على فك عقدة الصراع الفلسطيني - «الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن الخطة المذكورة غير قابلة للتطبيق، وقد لا تكتسب زخماً.
واعترف الوزير الأمريكي أن خطة السلام الأمريكية تتضمن أمرين جيدين، وتسعة أمور أخرى سيئة، مشيراً إلى أن الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط ستتخلى عما سمّاها ب «المعايير» القديمة التي تتعلق بقضايا مثل القدس والمستوطنات، زاعماً فشل هذه المقاربة القديمة.
واحتج بومبيو مراراً عندما سألته رئيسة اللجنة الديمقراطية في مجلس الشيوخ نيتا لوي، عما إذا كانت إدارة ترامب تتمسك بالموقف الأمريكي المتبع منذ عقود بدعم حل الدولتين بين «إسرائيل» والفلسطينيين.
وقال بومبيو إن الولايات المتحدة تريد «توسيع النقاش»، وذلك في رد على سؤال عما إذا كان اتفاق السلام سيركز كما في الماضي على ترسيخ الحدود والاعتراف المتبادل ووضع القدس والمستوطنات في الضفة الغربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين، زاعماً أن هذه كانت المعايير التي احتلت النقاشات سابقاً وقادت إلى الوضع الحالي الذي وصفه ب«اللاحل».
ولو تمعنا جيداً بتصريحات الوزير الأمريكي، سنرى أنها اعتراف مسبق بالفشل، رغم كل الحشد الإعلامي والسياسي الذي تسعى إدارة ترامب إلى توفيره لنجاح «خطتها العتيدة» التي أقل ما يقال فيها، هو أنها ليست سوى محاولة أمريكية مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية، واستكمالاً للخطوات العدائية التي اتخذتها الإدارة الترامبية اليمينية، والتي كان أبرزها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان، وإغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، وانسحاب الولايات المتحدة من منظمات الأمم المتحدة التي تتهمها بالانحياز ضد «إسرائيل»، وخفض ووقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ناهيك عن المحاولات الأمريكية المستميتة، لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
والحقيقة أن من يتابع المواقف الأمريكية، يكتشف من دون أي عناء، ذلك التطابق، بين الرؤيتين الأمريكية و«الإسرائيلية»، فيما يتعلق بالكثير من القضايا، وأهمها المستوطنات «الإسرائيلية»، والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية.
ففي كلمة له أمام لجنة «آيباك»، قال السفير الأمريكي في القدس ديفيد فريدمان، إن ترامب يدفع من أجل خطة السلام، لأنها ستحقق أهداف «إسرائيل»، وإن الإدارة الأمريكية تفهم أن «إسرائيل» ستواجه «تهديداً وجودياً» في حال تخلت عن السيطرة الأمنية على الضفة الغربية.
وبغض النظر عن المواقف الأمريكية المؤيدة ل«إسرائيل»، فإن ما نقل عن الوزير الأمريكي يؤكد بشكل لا يقبل الشك، أن رهان الإدارة الأمريكية، على فرض خطتها للسلام بدأ يتبدد، وأن الإدارة الترامبية تثبت مرة أخرى جهلها، بالكثير من الحقائق التاريخية، التي تفرض نفسها بقوة، وأولها أن أي قوة مهما بلغت لن تستطيع، فرض حل على الشعب الفلسطيني، لا يضمن له ولو الحد الأدنى من حقوقه المشروعة، وإن استطاعت فرض حل كهذا من منطلق القوة والأمر الواقع لحين من الزمن، فإن هذا الحل لا يمكن أن ينهي الصراع في المنطقة، لسبب وحيد وهو أنه صراع وجودي بين المحتل «الإسرائيلي» الغاصب، وأصحاب فلسطين التاريخية، ولذلك فإن على دونالد ترامب، الذي استعان بديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة لدى «إسرائيل»، وصهره جاريد كوشنر، لتلقينه جرعة في التاريخ، أن يذاكر في التاريخ أكثر، ومَنْ أفضل من التاريخ معلماً؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"