أحلام السلام وأوهامه في 2020

03:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق

على المستوى الإنساني يشارك خبراء العلاقات الدولية المواطن العادي آماله وأحلامه بعام جديد ينعم فيه العالم بالسلام والأمن، إلا أن توقعاتهم ودراساتهم لا تنبئ بذلك مع الأسف. لا يستسلم الخبراء للأمنيات الطيبة لأن لديهم من المؤشرات ما يبدد أية أوهام عن أحوال العالم في العام الجديد، وهي في حدها الأدنى لن تكون أفضل كثيراً مما كانت عليه في 2019.
هذه ليست دعوة للتشاؤم، ولكن قراءة واقعية في تقارير الجهات المعنية، وهي تفيد بأن العالم شهد خلال العام المنصرم أربعة أنواع من الحروب والصراعات المسلحة قسمها الخبراء وفقاً لعدد الضحايا.
وهذه الحروب والصراعات التي أشرنا إليها في نفس هذا المكان قبل أسابيع، ستتواصل على الأرجح إن لم تتصاعد وتيرتها في العام الجديد. النوع الأول هو الحروب الرئيسية التي سقط فيها أكثر من عشرة آلاف قتيل في 2019، وتضم أربع حروب هي أفغانستان وسقط فيها 41 ألف قتيل، ثم اليمن 20 ألفاً، تليه حرب المخدرات في المكسيك ب 17 ألفاً، ثم سوريا أكثر من عشرة آلاف قتيل. والأرقام كلها لا تشمل القتلى منذ بداية الحرب.
النوع الثاني هو الحروب التي لم يتجاوز عدد ضحاياها عشرة آلاف قتيل في 2019، وتجري على سبع جبهات هي تركيا والأكراد، وليبيا والعراق ونيجيريا ومالي، والصومال وجنوب السودان.
ويضم النوع الثالث 25 صراعاً مسلحاً في آسيا وإفريقيا وأوربا (أوكرانيا)، بينما يضم النوع الرابع صراعات وبؤر عنف في 17 منطقة. ولا يتوقع الخبراء التوصل إلى تسويات سياسية تنهي هذه الصراعات في 2020.
وفي دراسة سنوية لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حول احتمالات استمرار وتصاعد أهم 30 صراعاً في العالم أعلنت نتائجها الأسبوع الماضي اعتبر الخبراء أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستظل في 2020 كما كانت في العام المنتهي، أكثر مناطق العالم التهاباً وتصديراً للحروب والصراعات.
وإذا كان هذا التقييم يمثل لنا خبراً سيئاً، فإنه من وجهة النظر الأمريكية لا يثير قلقاً كبيراً؛ لأن فرص تهديد هذه الصراعات للمصالح الحيوية للولايات المتحدة، أو جذبها للتدخل تظل محدودة، باستثناء حالة واحدة هي حدوث اعتداء إيراني يستدعي الرد. وللمجلس إحصائية مهمة عن ظروف التدخلات الأمريكية السابقة في أزمات خارجية تفيد بأنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تفجرت 120 أزمة عالمية، بواقع 15 أزمة في كل ولاية رئاسية مكونة من أربع سنوات. وقد أثارت هذه الأزمات قلق واشنطن وأجبرتها على بحث التدخل العسكري الذي جرى فعلاً في 40 أزمة منها. الجديد الآن، أن احتمالات هذا التدخل باتت أضعف في ضوء السياسة التي تتبعها الإدارة الحالية.
وبناء عليه لا يتوقع الخبراء تدخلات أمريكية واسعة في الأزمات الخارجية. وستكون احتمالات التدخل مقتصرة على الحالات التي تتعرض فيها المصالح الأمريكية أو أحد الحلفاء الرئيسيين، لتهديد أو عدوان خارجي مباشر. ويحصي الخبراء 13 صراعاً أو تهديداً فقط على سبيل الحصر يظل التدخل مطروحاً فيها أكثر من غيرها، على رأسها تعرض الولايات المتحدة نفسها أو أحد حلفائها لهجوم إلكتروني على مؤسساتها أو مرافق البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه وغيرها، يلي ذلك تعرضها أو أحد الحلفاء لهجوم إرهابي كبير.
التهديدات الأخرى التي قد تستدعي تدخلاً عسكرياً كلها مرتبطة بأزمات خارجية مع إيران، أو كوريا الشمالية، أو الصين في بحرها الجنوبي، أو روسيا في أوكرانيا، أو في الصراع بين تركيا والأكراد، فضلاً عن خطر الهجرة الجماعية من أمريكا الوسطى والجنوبية إذا تفجرت أزمات داخلية واسعة النطاق في دولها.
لا يسعنا في النهاية سوى الانضمام للمواطن البسيط في أحلامه الوردية بالسلام والرخاء والأمن، قلوبنا معه، ولكن عقولنا تظل تتابع ما يقوله الخبراء، ولا يمكننا تجاهل الواقع المخيف الذي تقدمه دراساتهم العلمية عما ينتظر العالم في 2020.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"