عادي

المندوب المزيف

22:50 مساء
قراءة دقيقتين

كتب: محمد ياسين

يدق هاتف أحد الموظفين خلال دوامه في إحدى المؤسسات، ويتحدث إليه شخص بلغة عربية ممزوجة بلهجة آسيوية يدعي أنه مندوب مصرف الموظف الذي يتسلم من خلاله راتبه؛ ليخبره بأن بطاقته المصرفية سيتم إيقافها ولا يستطيع بعد اليوم استخدمها. لحظات يرتبك الموظف ويسأل المتصل لماذا؟ وكيف؟ وما الحل؟

لحظات تمر على الموظف ويتذكر أثناء الاتصال ما يمكن فعله لتجنب تلك الكارثة التي قد تحدث له، حيث يلتزم بمتطلبات كثيرة وأي تأخر في سداد متطلبات أسرته قد تكون له عواقب وخيمة، فيكمل الحديث مع المتصل مستفسراً عن الحل ليخبره الأخير بأنه إجراء بسيط، حيث يمكن تفادي تعطيل البطاقة من خلال تزويده ببعض البيانات الخاصة به ويتمكن من تحديث المعلومات.

وسط تردد الموظف يبادره المتصل بأن أمامه دقائق فقط حتى يتمكن من إنهاء تلك المشكلة التي قد تحدث له، فيستجيب الموظف لطلب المندوب المزعوم ويعطيه أرقام بطاقته البنكية، فيطلب منه المندوب المزعوم عبر برنامج خاص تسلل إليه الرقم السري لبطاقته، وعندها تردد الموظف في منحه تلك الرقم السري لما سمعه من أصدقائه وقرأه من حوادث عن بعض العمليات المشابهة، فبادره الآخر بكلمات حادة: أمامك دقيقة، وإلا فستفقد صلاحية سحب أي مبالغ من حسابك المصرفي، وعلى الرغم من تردد الموظف في منح المتصل الرقم السري، يكمل المندوب المزعوم واللص حديثه إلى الموظف لإشغاله عن الرسائل التي يرسلها البنك بسحب مبالغ من حسابه، وخلال لحظات تم تحويل المبلغ من حساب الموظف إلى حساب آخر، ومن ثم أنهى المندوب اتصاله وأغلق الهاتف.

بعد إنهاء الاتصال وجد الموظف رسائل عدة من البنك تفيد بسحب جميع الأموال من حسابه، وهنا أيقن الموظف أنه وقع ضحية عملية احتيال ونصب، فحاول الاتصال بالمصرف، حيث أكد موظف خدمة العملاء أنه حول جميع ما لديه لحساب شخص آخر.

وقف الموظف في مكتبه يحاول تكذيب ما سمعه من موظف المصرف، وترك عمله متجهاً إلى مركز الشرطة ليقدم بلاغاً بواقعة نصب واحتيال، ولم يتوقف عقله عن التفكير في ما وصلت إليه الأمور، وكيف سيدبر أموره ويوفر متطلبات أسرته.

خلال التحقيقات توصل قسم الجرائم الإلكترونية إلى أن المتصل محتال يستخدم هاتفاً وحساباً مصرفياً يعود لشخص وافد يقيم خارج الدولة، حيث يتم تحويل حصيلة عمليات الاحتيال لحسابه باستخدام رقم هاتف الوافد، ويتم سحب الأموال والاستيلاء عليها مستغلاً جهل بعض أفراد المجتمع بتك الطرق الاحتيالية.

جمع قسم التحريات والمباحث الإلكترونية الأدلة، وتمكن من التعرف إلى مرتكب تلك الحادثة، وتم تتبعه والتوصل إليه فقبض عليه؛ وأقر في التحقيقات بجريمته وبأنه احترف ذلك النوع من الجرائم بمعاونة آخرين ساعدوه في شراء أرقام هواتف، وحسابات بنكية لأشخاص غادروا الدولة من دون إغلاق حساباتهم، فحكم عليه وعلى آخرين بالسجن وتغريمهم المبالغ نفسها التي تمكنوا من الاستيلاء عليها بالاحتيال، ومصادرة ما لديهم من أموال وهواتف وإبعادهم عن الدولة بعد قضاء محكوميتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"