الاتحاد الإفريقي وآلام التسنين

البعد الثالث
23:51 مساء
قراءة دقيقتين
منذ انطلاقته في يوليو/ تموز 2002 من مدينة (ديربان) في جنوب إفريقيا، ظل الاتحاد الإفريقي في حالة معاناة من آلام التسنين، وتقول المؤشرات إنه لم يتجاوز تلك المرحلة بسلام، إن لم تكن قد خلقت تلك الآلام قروحاً أو تشوهات في بنيته الهشة.ففي الحادي والثلاثين من يناير/ كانون الثاني 2008 انعقدت قمة الاتحاد الإفريقي العاشرة في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، وعلى جدول أعمالها بنود متكررة ومتشابهة لما ظل يُناقشه منذ قيامه رغم أن الشعار الذي اتخذه هذه المرة هو التنمية الصناعية في القارة الإفريقية. وربما غطى بند انتخاب رئيس المفوضية ونائبه والمفوضين الثمانية على أعمال القمة الأخرى بما في ذلك مصير الحكومة الإفريقية المقترحة التي يُلاحق قيامها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.فقد تأجلت الانتخابات التي كان يُفترض أن تحسمها القمة التاسعة في (أكرا) عاصمة غانا في شهر يوليو/ تموز ،2007 وفي الساحة مرشحون لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي على رأسهم وزير خارجية الجابون لي بينج، ومرشحة من زامبيا بعد انسحاب رئيس مرويشوس السابق.لقد حذر البعض عند قيام الاتحاد الإفريقي من انتقال أمراض منظمة الوحدة الإفريقية الراحلة إليه، ونادى بعض آخر بتغيير عقلية عضوية الاتحاد الإفريقي، لكن الظاهر حتى الآن إن أكبر المعضلات التي تواجه الاتحاد الإفريقي الموروثة عن المنظمة السابقة هي متأخرات الاسهامات المالية السنوية، وهذه متوقعة لأن موازنة منظمة الوحدة الإفريقية (1963 2002) ظلت في حدود الثلاثين مليون دولار سنوياً ومع ذلك لفظت أنفاسها وهي مدينة لعدد من دولها الأعضاء بما يفوق الستين مليوناً من الدولارات، فكيف تنتظم نفس تلك الدول الأعضاء في سداد أنصبتها المالية السنوية للاتحاد الإفريقي وقد تضاعفت مرتين على الأقل موازنته عن سابقتها. والداء الأهم، هو عدم تغيير العقلية القديمة للدول الأعضاء التي تتعامل مع الاتحاد الإفريقي بخلفية الواقع في دولها إضافة لكونها تعطي المندوبين الدائمين (السفراء المعتمدين في أديس أبابا) صلاحيات هائلة خاصة في وضع موازنة الاتحاد الإفريقي السنوية المتعلقة بمجالات مختلفة منها التنمية والعلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والاتصالات والتجارة والثقافة.وما لم تضح الدول القادرة في القارة وتتبرع بالموارد التي تمكن من تأسيس وتأثيث تلك المؤسسات، سيكون ما وقع في 2002 هو مجرد تغيير من اسم لآخر من دون حدوث تغيير يُذكر في المحتوى.فمن يُصدق مثلاً أن الاتحاد الإفريقي بعد خمسة أعوام ليس لديه ذراع إعلامية أو اتصالية؟ فالواقع إن خلق ثماني مفوضيات من دون أن تكون بينها واحدة للإعلام والاتصالات يدل على قِصر نظر شنيع، فكيف في عالم العولمة والتكنولوجيا وعصر المعلومة والإعلام يغيب عن الاتحاد الإفريقي أهم عنصر في بنائه وهو تسويق نفسه؟ورغم أن الاتحاد الإفريقي أصبحت قمته مرتين في العام بدل مرة واحدة، في يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز، فالمواطن الإفريقي العادي لم يشهد طحناً، لأن الجعجعة هي سيدة الموقف، ومن ثم فإن القفز فوق المراحل بالحديث عن حكومة إفريقية، لا يبشر بمستقبل واعد لمسيرة الاتحاد الإفريقي.فما ينقص الاتحاد الإفريقي كما وضح هو التزام الدول الأعضاء، ليس بالنوايا الحسنة أو مجرد الكلام، وإنما بالفعل والتجرد، وتلك عملية يلزمها إيمان وصبر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"