استغلال الصداقة

أوراق قضائية
02:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
كتب:إيهاب عطا

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
عديم الإنسانية.. قاسي القلب أو ربما خائن العشرة.. أوصاف يصح أن يوصف بها شرطي متقاعد من جنسية آسيوية يبلغ من العمر55 عاماً ارتكب جناية بشعة في حق طفلة لم تتجاوز الرابعة عشرة، وقد جره إلى هذه الجريمة غياب عقله وبعده عن الله واتباع شهواته ووساوس الشيطان، وغره قربه من والد الطفلة وصداقته له، وبدلاً من أن يصون المودة وحق الصداقة والعشرة التي بينهما، استغل فرصة وجوده مع الطفلة البريئة وكرر اغتصابها مرات عدة في أوقات متفرقة، وقد غرر بها في المرة الأولى وهي لا تدري نواياه ولا تعرف طبيعة الأفعال الإجرامية الدنيئة التي يضمرها لها.
كان «س.ش» الشرطي الآسيوي الذي قضى في الدولة معظم عمره، قد تعرف إلى صديقه «ط» والد الطفلة المجني عليها واستمرت الصداقة بينهما طوال 20 سنة، كانا يتبادلان الزيارات الأسرية بين الحين والآخر وجرى تعارف بين أسرتيهما، فكانت الثقة بين الرجلين حتى أصبحا أكثر من أخوين؛ لكن الشيطان تدخل ونزغ في صدر«س.ش» ووسوس له بأن يهتك عرض ابنة صديقه بعدما زينها الشيطان في عينيه وكانت على قدر من الجمال بين أترابها ولم تكن قد تجاوزت الرابعة عشرة من العمر.
أغوى الشيطان في إحدى المرات «س.ش» بينما كان يجلس مع المجني عليها وشقيقها في سيارته على أحد الشواطئ؛ حيث اعتاد اصطحابهما بدلاً من أبيهما كما كان يفعل صديقه مع أولاده أحياناً، وفكر في حيلة خبيثة ليبعد بها شقيقها عن مسرح الجريمة «السيارة»؛ حيث أعطاه مبلغاً من المال وطلب منه أن يذهب إلى أقرب مطعم لشراء طعام لهم جميعاً، وبمجرد أن ذهب شقيق الطفلة بدأ «س.ش» يتحرش بها، ثم اعتدى عليها، وبمكره ودهائه أقنع الطفلة الضحية بأنه مثل والدها ويجوز له أن يلعب معها، وهي لا تدري حقيقة تلك الأفعال المشينة التي ارتكبها وأبعاد الجريمة التي انتهك بها عرضها. سكتت الطفلة على مغتصبها ولم تخبر والدها بناء على توصية «س.ش» وأفهم المجرم الذئب الذي تودد إلى الطفلة بأسلوب لا يخلو من تهديد أنها إذا أخبرت والدها فسوف ينالها من العقاب مالا تتخيله، فصدقته المسكينة وانصاعت لأمره، وتمادى في استغلاله ذلك؛ حيث اعتاد تكرار تلك الأفعال معها؛ حيث يعطي شقيقها المال لشراء الطعام إضافة إلى مبلغ آخر يعطيه إياه ليشتري لنفسه أي شيء يعجبه أو يحتفظ به وكأنها رشوة للغلام؛ كي يبعده عن مسرح الجريمة.
استمرت الحال لأسابيع عدة لكن شكوك والد الطفلة بدأت تدور حول الصديق المجرم، فأصبح يتساءل: لماذا هذا الخروج المتكرر مع ابنته وابنه والوقت الطويل الذي يقضيه معهما وإصراره على أن تكون الطفلة برفقة شقيقها في كل مرة؟ وأخبر الرجل زوجته بشكوكه طالباً منها مراقبة ابنتهما، وبالفعل بدأت الأم في التركيز على ملاحظة ابنتها بعد عودتها من تلك النزهة مع صديق والدها، فبدأت تلاحظ على ابنتها تبدل حالها وارتباكها وشرودها كثيراً على غير عادتها، فسألت الأم ابنتها عن السبب وراء كل هذا وما إذا كان شيء يشغلها، فكانت الطفلة المسكينة تنكر في البداية حتى ألحت عليها الأم فانخرطت في البكاء وحكت لأمها تفاصيل ما حدث من المرة الأولى وتكرر مرات عديدة، فهرولت الأم المصدومة وحكت التفاصيل كاملة للأب ونزل عليه الخبر كالصاعقة، وتماسك كي يفكر في حل لتلك المصيبة ولم يجد مفراً من إبلاغ الشرطة بعد تفكير طويل، وسرعان ما حققت الشرطة في الجريمة وأحالت المتهم إلى النيابة العامة في دبي، والتي بدورها أحالت المتهم إلى القضاء، فأدانته المحكمة وأصدرت ضده حكماً بالسجن خمس سنوات والإبعاد عن الدولة، لكن الحكم لم يقنع نيابة دبي العامة التي استأنفت على الحكم وطالبت بتشديد العقوبة ليكون المتهم عبرة لأمثاله ممن يخونون ثقة الأصدقاء ويرتكبون مثل تلك الجريمة التي تدمر حياة طفلة بريئة لم يكن لها أي ذنب إلا أنها ابنة صديق هذا الوحش الجبان، فصدر حكم محكمة الاستئناف على الذئب البشري بالسجن 10 سنوات والإبعاد وها هو يقبع خلف قضبان السجن ليجني ثمرة ما اقترفه من الإثم نادماً على لحظات أطاع فيها الشيطان ودمر بها سمعته وسمعة أسرته وأولاده.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"