«المندوس» بأشكال عصرية مبتكرة

تصاميم تعيد إحياء الصندوق التراثي
00:44 صباحا
قراءة 4 دقائق
مسقط «الخليج»:

لسنوات عديدة عملت صفية سيف الغافري على تطوير تصاميمها للمندوس العماني، لتعيد إحياء هذا الصندوق الذي يمثل جزءاً من تراث العمانيين منذ القديم، ونجحت في ذلك، ولا يمكن النظر لتصاميم صفية، على أنها هي ما يميزها فقط، بل نستطيع القول إنها الفنانة الوحيدة في سلطنة عمان، التي اختارت العمل في هذا المجال بين عدد كبير من الحرفيين الرجال، الذين حافظوا على شكل المندوس التقليدي القديم، رحلة صفية مع المندوس التراثي وأفكارها العصرية التي قدمتها في معرضها الأخير «تحفة 2» في هذا الحوار:
تتذكر صفية الغافري بداية رحلتها كفنانة مع المندوس العماني، وكيف تملكتها هذه الفكرة ولم تبارحها، وكيف اشتغلت عليها لتقدم خلاصة أفكارها في أول معرض لها حمل اسم «تحفة 1»، الذي لاقى نجاحاً كبيراً، وانهالت بعده الإشادات بأفكارها وعملها الذي جمع بين القديم والجديد، بين الماضي بمساميره العتيقة النحاسية، والحاضر بتصاميمه المبتكرة التي أعادت للشباب الرغبة بامتلاك هذه القطعة، تقول صفية عن اختيارها للعمل كمصممة مناديس: «تطوير المندوس ليس بالأمر السهل، فقد اشتغلت بسرية تامة على تصاميم المناديس لمدة طويلة تجاوزت خمس السنوات، وذلك منذ أن كنت طالبة في الجامعة، واستعنت بخبرة دكاترة الجامعة لتقييم التصاميم التي كنت ابتكرها، وكانوا يشيدون بها، مما شجعني أكثر على المضي بهذا المجال، والتفرغ بشكل كامل له».

فخر

عن كونها العمانية الوحيدة التي تصدت لهذا الجانب، تقول صفية الغافري: «نعم أفتخر بأن أكون أول فنانة عمانية تعمل على تطوير المندوس العُماني، وأعتقد أنني أعدت حيوية اقتنائه لكل المناسبات والحمد لله، حازت تصاميمي التي قدمتها في معارضي التي بلغت ثلاثة حتى اليوم؛ حازت إعجاب شريحة كبيرة من المجتمع، وأعادت لهم الرغبة باقتنائه، بعد أن عزف الكثيرون عن استخدامه».

وعن قيمة المندوس وما يمثله للعمانيين، تقول صفية: «المندوس يمثل الفرح والسعادة البهجة والسرور، يمثل المناسبات السعيدة والأشياء الثمينة، لطالما اقتنته العروس لتضع فيه مجوهراتها وأغراضها الثمينة، هو قطعة كانت أساسية في كل بيت، وتحولت مع الوقت إلى تحفة نستخدمها كديكور لتزيين بيوتنا».

وتضيف: الخامة الأساسية للمندوس هي الخشب، ويضاف له النحاس والمخمل في صناعته، وأنا من عشاق رائحة الخشب، وأتذكر أنني من خلال ما روته لي والدتي الحبيبة، عن مرحلة طفولتي، أنني كنت أهوى اللعب بالأعواد الخشبية، وكنت أشكل بها أشكالاً جميلة وأغرسها في التربة وأبني عليها أعواداً أخرى، لقد كنت أهوى تجميعها والاحتفاظ بها، وهذا ما رافقني حتى اليوم».

ابتكار

لا حدود للخيال عند صفية الغافري، فهي تبدع في تخيل أشكال عديدة، وتحولها إلى تصاميم قابلة للحياة، وعن مراحل العمل، تقول: "العمل على تنفيذ أفكار عصرية مبتكرة ليس بالأمر الهين، فأنا بعد أن يجهز التصميم لدي أذهب به إلى المنجرة، وأجلس مع الشخص المختص في هذا المجال لأشرح له فكرتي، ومن ثم نبدأ العمل معاً، حتى أستخرج نموذجي، وإن حدث خطأ ولم أقتنع بتنفيذ فكرتي التي صممتها أعيد تعديلها وترتيبها، حتى أصل للشكل الذي أريده، ثم أشتغل على الألوان التي أصبحت جريئة في اختيارها لتواكب أزواق الشباب وتشجعهم على اقتناء هذه القطعة في منازلهم، ومن ثم تأتي مرحلة تركيب الإكسسوارات الخارجية، فأقوم برسم التصميم الخارجي ومن ثم تركيب الدبابيس النحاسية عليه، وأخيراً تأتي مرحلة التلبيسة الداخلية، التي غالباً ما تكون من المخمل، ومن ثم التغطية النهائية وتكون تحفتي جاهزة".

وتتنوع تصاميم مناديس صفية بين الخنجر العماني التقليدي، والسفن التقليدية، وبين أفكار أخرى جميعها مستوحى من التراث العماني الأصيل.

مهارات أخرى

رغم أن صفية الغافري، قد اختارت التخصص بتطوير المندوس العماني، إلا أنها تجمع بين هوايات عديدة، تعمل على الاستمتاع بممارستها بين الفينة والأخرى، وعن هذا تقول: «إن تخصصي في تصميم المندوس العُماني، لا يمنع أن أطور مهاراتي الأخرى في نقش الحناء والكتابة بين الفينة والأخرى، وتصميم الأزياء والحلي، وكل هذه الأمور تأخذ حيزاً من وقتي، كلما سنحت لي الفرصة، لأن التصميم يبقى هو عالمي الذي أبدع فيه وأستمتع به».

وعن اقتصار معارضها على 3 فقط، رغم كونها متخرجة من الجامعة تخصص فنون تشكيلية منذ العام 2006، ولها سنوات عدة تعمل لتطوير المندوس، تقول: «مشاركاتي بالفعل ليست كثيرة، لكنها ليست قليلة، فأنا أجد أن ثلاثة معارض، عدد مقبول، لأنني أدرس مشاركاتي جداً، وأين ستكون؟ ومن هو جمهوري المستهدف الذي لا بد أن يكون ممن يستهوون هذا النوع من الفنون والتصاميم، حتى أستفيد جيداً من معارضي وأرقى بها إلى آفاق أرحب، وأفخر بأن أعمالي تم اقتناؤها في العديد من فنادق السلطنة، إلى جانب مجموعة من المطاعم الفخمة، وخارجياً تم اقتناؤها في عدد من السفارات الأجنبية إلى جانب اقتنائها من قبل عدد من الهواة من دولة الإمارات والكويت الشقيقتين.

أفكار جديدة

تمتلك الغافري صفية أفكاراً جديدة تعمل على أن تضعها في إطارها الصحيح، لتأخذ طريقها إلى التنفيذ تقول: خطوتي القادمة التي أعمل على الإعداد لها جيداً، ستكون تجهيز غرفة العروس بجميع محتوياتها، وأعتقد أنها فكرة ستترك صدى لدى جميع من يراها».

وتختتم بالقول: رسالتي إلى كل فتاة عمانية.. «نحن لسنا أقل من غيرنا، نمتلك مواهب تؤهلنا لأن نمثل بلدنا الحبيب عمان في جميع المجالات، ولذلك مارسن هواياتكن، فليس هناك أجمل من أن نجد لأنفسنا زوايا جميلة نستريح فيها ذاتياً، كي نصنع عالمنا الخاص».
وتضيف: «أنا هنا أعمل على تقديم منتج وطني ثري، له تاريخ عريق، وحصة مميزة من ذاكرة وقلوب العمانيين، وسأعمل دائماً على العمل بكل وفاء وحب لهذا التراث والتاريخ، لأن وطني يستحق الأفضل دائماً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"