تعلّم التعلّم

04:32 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

تختلف عملية التعلم عن المعرفة، فالأولى شخصية وخاصة، بينما الثانية مشتركة وعامة، كما أنها لا تكتشف، بل تبنى وتتكون، كما يقول الأكاديمي الأمريكي جوزيف نوفاك، الذي يعد أول من نشر مفهوم الخرائط الذهنية في ستينات القرن الماضي. ولكن ما مدى إدراكنا لهذه الحقيقة، وهل يعلم معظمنا طرق التعليم الأمثل التي تتناسب مع طبيعة شخصيته، وطريقة تفكيره، والسياق الثقافي والاجتماعي الذي يحيط به، أو طبيعة تخصصه المهني، وبيئة عمله، وخصائصها المختلفة؟
إلى أين نتجه عندما نرغب في تعلم مهارة جديدة؟ إلى الشبكة، أم الشركة؟ وفق دراسة أجرتها شركة ديجريد المتخصصة في تقنيات التعلم، يتجه ٥٥% من الموظفين إلى زملاء عملهم لاكتساب مهارات جديدة، ما يدفع الكثير من المؤسسات في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- إلى تبنى هيكل رسمي لتعليم الزملاء في أماكن العمل.
وتواجه هذه الآلية الكثير من التحديات في مؤسساتنا المختلفة، بسبب الأفضلية المعطاة للمدربين من خارج العمل، بسبب الفكرة الشائعة القائلة إن الخبراء الخارجيين هم أكثر قيمة في ما يتعلق بتطوير مهارات الموظفين، إلا أن التجارب المختلفة أثبتت أن التعلم عبر «حلقة» داخلية بين الزملاء هي حاسمة، إذ تتضمن مراحل اكتساب المعرفة، والتطبيق، والحصول على التعليقات، والتفكير في المحصلة النهائية، من دون أن ننسى اعتماد النتيجة على الاستعداد عموماً للتجربة، والوقوع في الخطأ، وتحدي الأفكار السائدة، والتعبير عن المواقف لأشخاص يتشاركون بيئة العمل ذاتها.
قد تواجه فكرة دفع الموظفين في طريق التعلم ذاتياً، واستثمار أوقات فراغهم أثناء ساعات العمل، أو بعدها تحدياً كبيراً، إلا أننا نعيش في زمن المعلومة المجانية، والمتاحة في أي وقت ومكان، إذ تسمح لنا هواتفنا الذكية، وسياراتنا، ومكاتبنا، بفضل الحلول التكنولوجية المختلفة بالوصول إلى أي مهارة نريدها في ثوان، الأمر الذي يحتم علينا طرح سؤال مهم وهو: ما هي الطرق الأفضل لتحقيق تجربة تعليمية فعالة ومؤثرة على مستوى أدائنا في الوظائف المختلفة؟ يحتاج الأمر لإدارة للوقت، ومصادر التعلم، بعيداً عن الثقة المفرطة التي قد يشعر من خلالها الأشخاص بسهولة تقليد أي شخصية ناجحة، أو إجادة أي مهارة يريدونها.
علينا أن نتحول من مجرد متلقين للمعرفة إلى أشخاص منتجين، بفضل ما اكتسبناه من تطبيقات جديدة، وعملية. ويذكر إيد أوبرين مساعد في العلوم السلوكية بجامعة شيكاغو، بعض استراتيجيات التعلم، وأهمها يكمن في: تخصيص المزيد من الوقت لممارسة ما نتعلمه، واختباره في الواقع، والبدء بالتفاصيل الصغيرة والبسيطة وصولاً إلى تلك المعقدة والكبيرة في المهارة المطلوبة، والحرص على دمج التلقي والتعلم مع التطبيق والممارسة في آن، وكل ما سبق ذكره يمثل أفكاراً يمكن دمجها ضمن منهجية متكاملة داخل المؤسسات، عبر تعيين خبراء لتعليم التعلم قادرين على رسم مسارات ناجعة، وإدارة العملية بمزيج من الخبرات المتاحة، وأدوات تعلم المهارات التي أصبحت أكثر بساطة من أي وقت مضى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"