ذاكرة الزمن

02:22 صباحا
قراءة 5 دقائق
د. محمد فارس الفارس

منذ ظهور التصوير في منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت الصورة أهم وثيقة تسجل الأحداث. وعلى مدى أكثر من قرن ونصف القرن، التقطت الكاميرات ملايين الصور لحروب وكوارث ومناسبات سعيدة وحزينة لأفراد وجماعات ودول. ولاشك أن الصورة تعني كثيرا في توضيح أي حدث، وتشد القارئ وتجذبه وتحفزة على القراءة باستمتاع.

في هذه الصفحة، لدينا صور كل منها يتحدث عن مناسبة أو حدث معين نعود من خلالها لقراءة التاريخ برؤية معاصرة.

«الفرضة» ظهرت مع بزوغ دبي تجاريا ً

قبل النفط، كانت كلمة «فرضة» تستخدم كثيراً في دول الخليج العربي، وهي لفظ عربي وتعني «المرسى والميناء البحري التجاري الرئيسي للمدينة» التي تنزل عليه البضائع وتفرض وتحصل منها الرسوم الجمركية. ويقابلها في البر لفظ «قصبة» وهو لفظ يطلق على المدينة الداخلية الأولى التي تعتبر مدخلاً لإقليم به مدن كثيرة وعديدة.
وكان نشوء «الفرضة» متزامناً مع بروز مدينة دبي حيث أصبحت الميناء الرئيسي الذي يتم فيه تفريغ وشحن البضائع.
وكانت الرسوم المستحقة على هذه البضائع تؤخذ من التجار ضمن ما يدفعونه مقابل استئجارهم الدكاكين واشتغالهم في سوق المدينة.
ويرجع تاريخ تنظيم وتأسيس الفرضة كمصلحة حكومية، أو كما يطلق عليها حالياً بالدائرة أو الهيئة ذات الدخل والتابعة للحكومة، إلى عهد الشيخ حشر بن مكتوم بن بطي (1859- 1886) والذي قام بتكليف موظفين مختصين بشؤون الفرضة مهمتهم تحصيل الرسوم الجمركية عند تنزيل البضائع مباشرة من السفن. وكان مقر الإدارة في بر دبي قرب مجلس الحاكم بمنطقة الفهيدي. وفي عهد الشيخ راشد بن مكتوم (1886-1894م) أنشئت إدارة خاصة للفرضة والأسواق بديرة مرتبطة بالحاكم وبإشراف ومتابعة شخصية منه. وقام الشيخ راشد بتخصيص فرضة بر دبي وأسواقها لتجارة وسفن الهند وإيران وشرق إفريقيا وذلك لكونها سفناً كبيرة تقف على مقربة من السواحل مقابل مدخل الخور لضحالة مياهه، وتقوم بتفريغ حمولتها في سفن أصغر تأتي ببضاعتها إلى فرضة دبي. وكانت مراسي بر دبي ومياهها أعمق من مراسي ومياه منطقة ديرة، وخصص سوق بر دبي لتجارة الذهب والصرافة والمواد المنزلية والأقمشة والكماليات، بينما خصصت أسواق ديرة للبضائع والمواد الغذائية والاستهلاكية.

«الصوت» فن قديم ازدهر في البحرين

«الصوت» هو فن خليجي قديم تعود جذوره إلى الدولة العباسية، وقد تركز قديماً في منطقة الحجاز. ونما هذا الفن وازدهر في البحرين ثم انتقل إلى الكويت عن طريق الشاعر والمطرب عبدالله الفرج. ويعتمد هذا الفن في غنائه على الأصوات ذات الحناجر الحادة، وكان يغنى في الماضي على آلة العود فقط ثم أدخلت آلة «المرواس»، وهو طبل صغير لنقر الإيقاع عليه، ولأدائه نظام خاص، فالمطرب يبدأ أولاً بالتقاسيم على العود ثم الموال وبعده يبدأ الغناء الموقع، أي المصحوب بإيقاع، وينتهي بالتوشيحة. ويصاحب غناء «الصوت» رقصة تسمى «الزفان» يؤدي فيها شخصان مع المطرب حركات تعبيرية راقصة.

وهناك عدة أنواع لفن «الصوت»، الأول هو صوت الاستماع، وهذا الصوت يبدأ به المطرب في بداية الحفلة وقصيدته عادة ما تكون موعظة من المواعظ، والثاني صوت العربي، وهذا النوع يأتي بعد صوت الاستماع وقد أطلق عليه صوت العربي نسبة للقصيدة التي يغنيها المطرب حيث يجب أن تكون من قصائد الشعراء القدامى مثل امرئ القيس وقيس بن الملوح والمتنبي . والثالث يسمى الصوت المروبع .

وللتفرقة بين الصوت البحريني والكويتي، فإن جميع الألحان التي غناها المطربون القدامى في البحرين والذين اشتهروا بهذا الفن، وهم محمد بن فارس وضاحي بن وليد ومحمد زويد، هي ألحان بحرينية قديمة. وغنى المطرب البحريني الشهير محمد زويد بعض الألحان الكويتية منها على سبيل المثال «مرَّ ظبيٌ سباني» و«لحاك الله» و«أنوح إذا الحادي»، وعندما عاد عبدالله الفرج إلى الكويت في نهاية القرن التاسع عشر، نقل معه فن الصوت إلى الكويت، فاحترف غناءه مطربوه مثل محمود الكويتي وعبداللطيف الكويتي وعوض الدوخي وحمد خليفة.

عبدالله الجابر الصباح رجل التعليم

يعتبر الشيخ عبدالله الجابر الصباح واحداً من أهم الشخصيات الكويتية التي تقلدت مناصب مهمة لفترة طويلة من الزمن، واشتهر بعقاله المربع الذي يسمى «الشطفة» وكان يميزه عن الآخرين.
وبدأ بروز الشيخ عبدالله عام 1915 عندما انضم إلى القوات الكويتية ليخوض معها ثلاثاً من أهم المعارك التاريخية التي تصدى فيها الكويتيون للأطماع المحيطة بهم، إذ اشترك في معركة حمض عام 1919 التي بنى على أثرها سور الكويت عام 1920، كما اشترك مع والده في معركة الجهراء عام 1920 وفيها فقد والده، ثم معركة الرقعي عام 1928. وابتداء من 1928 بدأ بتقلد المناصب، حيث تولى رئاسة المحكمة العامة وما يتبعها من دائرة تسجيل الأملاك ومعاملاتها، وأتيح له النظر في قضايا الغوص وأهل البادية والتجار والبحارة، ثم أصبح رئيساً لدائرة البلدية عام 1932، وأشرف على تخطيط الكويت الحديثة وتنظيمها. وتولى دائرة الأوقاف والمساجد ووضع القوانين والنظم للأوقاف الخيرية كما أسندت إليه دائرة الأيتام التي أنشئت عام 1949، إلا أن أهم مناصب الشيخ عبد الله ترؤسه لدائرة المعارف لمدة 28 عاماً بدءاً من عام 1936، حيث أسس البدايات الأولى للتعليم النظامي، وأصبح وزيراً للتربية والتعليم حين تحولت الدائرة إلى وزارة من 1962 إلى 1964. وخلال توليه مسؤولية التعليم، افتتحت مدارس الشرقية عام 1937 - 1938 والقبلية عام 1938 - 1939 وتتابع إنشاء المدارس وأرسلت البعثات إلى بعض الدولة العربية مثل مصر ولبنان والبحرين. وواجه حملة قاسية من رجال الدين الذين رفضوا افتتاح مدرسة لتعليم البنات، واستطاع إقناع بعض رجالات الكويت بتسجيل بناتهم في أول مدرسة للبنات، واستقدم وفداً نسائياً من العراق لإقناع العائلات بضرورة تعليم البنات، كما اهتم بإنشاء المدارس خارج الكويت.

تاريخ الدمام يتمحورحول قلعة

تمثل حقبة ما قبل عهد الملك عبدالعزيز، تاريخ الدمام القديم الذي يتبلور حول قلعة الدمام أو القلعة البرتغالية التي شيدها البرتغاليون داخل البحر على بعد 20 كيلومتراً من القطيف بالقرب من ساحل الدمام.
واختير موقع القلعة بعناية لتمكينها من الكشف عن السفن المقتربة من السواحل. وشهدت القلعة منذ عهد الدولة السعودية الأولى إلى عهد الملك عبدالعزيز كثيراً من المتغيرات تتمثل في استيطان بعض الأسر الخليجية، خاصة تلك التي قدمت من البحرين.
وبدأ تاريخ الدمام والخُبر الحديث بنزوح عديد من الأسر التي تنتمي إلى قبيلة الدواسر وعائلات أخرى إليها قادمة من البحرين عام 1923 ورحب بهم الملك عبدالعزيز واستوطنوا فيها.
ويقال إن كلمة الدمام اشتقت من أصوات الطبول التي تقرع للسفن القادمة وتصدر عنها أصوات «دُم.. دُم.. دُم» تسمع من مسافات بعيدة فأطلق الناس مسمى دمام على موقع قرع الطبول.

وبعد فترة من استقرار النازحين في الدمام توجه وفد من العائلات إلى الرياض لمقابلة الملك عبدالعزيز، ورحب بهم وأمر بتمليكهم أراضي سكنية ، وشيد المستوطنون مساكن على هيئة عشش متناثرة بالقرب من الشاطئ. وتناثرت تلك المنازل بصورة عشوائية على شاطئ الخليج، وبعد ظهور النفط، توافد كثير من الناس من داخل المملكة وخارجها إلى الظهران القريبة من الدمام للالتحاق بشركة «أرامكو» للنفط، وعلى أثرها زاد الطلب على المساكن في الدمام، وازدادت وتيرة البناء في المدينة، وظهرت أحياء خارج حدود الدمام القديمة. وشهدت الدمام تحولات مهمة في تاريخها بإنشاء سكة الحديد وميناء الدمام ونقل عاصمة المنطقة الشرقية إليها مما وضعها في مصاف المدن الرئيسية في السعودية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"