نحن والمناخ وإنقاذ الأرض

00:01 صباحا
قراءة 4 دقائق

لا شك في أنه تحد كبير أن تعقد قمة المناخ العالمية القادمة والتالية في منطقتنا، إذ تستضيف مصر قمة «كوب27» العام القادم، وتستضيف الإمارات قمة «كوب28» العام التالي في 2023. وحين تقرر نحو 230 دولة موقعة اتفاقية الأطراف استضافة بلدين عربيين قمتهم في هذا الوقت الحرج بالنسبة لتغير المناخ على كوكب الأرض فهذا إدراك من العالم لأهمية هذه المنطقة.
 تختلف استضافة قمة المناخ العالمية، وفي هذا الوقت تحديداً، عن بقية صناعة استضافة المؤتمرات التي أصبحت الإمارات رائدة فيها وتسعى مصر لتطويرها. فالتحديات التي يواجهها العالم بشأن التغير المناخي تتعاظم كل يوم، وحسب خبراء الأمم المتحدة ما لم تتصرف البشرية الآن وبسرعة فقد يفوت الأوان للحد من أضرار الاحتباس الحراري.
 ورغم أهمية قمة «كوب26»، التي استضافتها بريطانيا في العاصمة الاسكتلندية جلاسكو على مدى أسبوعين هذا الشهر، إلا أنها تركت الكثير من القضايا من دون حسم واضح. ويعني ذلك أنه سيكون على مصر والإمارات في القمتين القادمتين بذل أقصى جهد، برئاسة كل منهما للقمة في العامين المقبلين، لسد تلك الثغرات.
 صحيح أن قمة «كوب26» انتهت باتفاق 200 دولة على عدة أمور، لكنها رغم أهميتها لم ترق إلى طموحات أنصار البيئة والمحذرين من كوارث التغير المناخي. وربما كان الإنجاز الأهم للقمة هو الاتفاق على القواعد المنظمة لسوق تداول نقاط انبعاثات الكربون. وكانت قمم المناخ العالمية السابقة، منذ قمة كيوتو نهاية القرن الماضي حتى قمة باريس (كوب21) في عام 2015 حاولت تنظيم سوق انبعاثات الكربون ولم تتمكن من ذلك.
 في غير ذلك، جاء الاتفاق الذي خلصت إليه قمة جلاسكو أقل مما طمح إليه كثيرون، وكان تعبير الأمين العام للأمم المتحدة الأدق تعبيراً عن نتائج القمة. ففي ختام القمة وصفها أنطونيو جوتيريس بأنها «خطوة مهمة، لكنها ليست كافية»، وأضاف: «حان الوقت لننتقل إلى مرحلة حالة الطوارئ. إن معركة المناخ هي معركة عمرنا، وهي حرب لا بد أن نكسبها».
 يمكن تلخيص ما جاء في الاتفاق على أنه أبقى مستهدف جعل معدل الزيادة في درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة والتعهد بتسريع الالتزام بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2030، والتعهد بمضاعفة التمويل للدول النامية كي تتمكن من التكيف مع أهداف مكافحة التغير المناخي.
 مع ذلك، لم يكن في الاتفاق ما هو ملزم بشأن تقليل معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض. كما أن التعهد بمضاعفة تمويل الدول النامية والفقيرة لم يخف أن التعهدات السابقة بنحو مئة مليار دولار سنوياً للدول النامية لم تتحقق. ليس ذلك فحسب، بل إن تلك التعهدات لا ترقى إلى مطالب الدول النامية لتصل إلى تحقيق أهداف الأمم المتحدة للمناخ. فالهند على سبيل المثال تطالب وحدها بأكثر من تريليون دولار على مدى العقود القادمة لتتمكن من الوصول إلى تلك الأهداف، ليس عام 2050 كما تطالب الأمم المتحدة بل في عام 2070.
 حتى ما اعتبر إنجازاً بالإشارة للمرة الأولى منذ عقود من اتفاقات مكافحة التغير المناخي إلى بدء التخلص من الفحم لم تتعد كونها إشارة. فقد تمكنت الصين، أكبر مستهلك للفحم في توليد الطاقة، ومعها الهند من الضغط لتعديل تلك الفقرة بحيث لم تعد تعني «نهاية عصر الفحم» كما كان مأمولاً. ومعروف أن الفحم هو أكثر مدخلات الطاقة انبعاثاً لثاني أوكسيد الكربون في الجو. هناك أيضاً أستراليا، أكبر بلد يصدر الفحم في العالم، وهي ليست مستعدة للتخلي عن مواردها من عائدات تصديره.
 كل ذلك يعني أنه سيكون على القمة التالية في مصر والتي بعدها في الإمارات أن تسدا كل تلك الثغرات في اتفاقية الأطراف لمكافحة المناخ. ومع وجود إدارة أمريكية حالية متحمسة لمكافحة المناخ، وتجعل تلك القضية بين أولوياتها، يمكن للبلدين العربيين أن تكون قمتا المناخ العالمية فيهما الفرصة الأهم لتعزيز الالتزام بأهداف الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ. فمصر بدأت مشواراً على طريق التحول نحو الطاقة النظيفة، بأكبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وتعتمد في مشروعاتها المستقبلية على الطاقة المستدامة. وكان للدعم الإماراتي قبل سنوات دور مهم في هذا التحول في مصر.
 أما الإمارات فكانت ريادتها في الطاقة النظيفة سابقة على أغلب دول العالم، إذ بدأت هذا التوجه قبل عقدين. كما يشترك البلدان حالياً في التوجه نحو استزراع الصحراء وزيادة المساحات الخضراء، التي تلعب دوراً مهماً في اقتناص الكربون من الجو فضلاً عن أهميتها لحياة البشر من ناحية الغذاء.
 ومن الآن وحتى القمة التالية العام القادم والتي بعدها بعد عام، ستكون أعين أنصار البيئة ومكافحة تغير المناخ على مصر والإمارات. وبالتأكيد يبدأ البلدان من الآن جهودهما للبناء على ما تحقق في قمة جلاسكو، ربما لتكون قمة «كوب28» في الإمارات العام بعد القادم الختم الأخير على التزام البشرية بحماية الكوكب وضمان استدامة الحياة عليه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

يشتغل في الإعلام منذ ثلاثة عقود، وعمل في الصحافة المطبوعة والإذاعة والتلفزيون والصحافة الرقمية في عدد من المؤسسات الإعلامية منها البي بي سي وتلفزيون دبي وسكاي نيوز وصحيفة الخيلج. وساهم بانتظام بمقالات وتحليلات للعديد من المنشورات باللغتين العربية والإنجليزية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"