سقف النزاع الباكستاني الأفغاني

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

ترتبط التوترات في العلاقات الباكستانية الأفغانية بقضايا الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية من جهة، والخلاف التاريخي بين الدولتين على ترسيم الحدود المشتركة من جهة أخرى. ويمكن استخلاص هذا الاستنتاج من خلال تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين في الحكومات والأنظمة المختلفة التي تولت السلطة في البلدين، وسجل التصعيد الذي يتخذ أشكالاً سياسية أحياناً وعسكرية أحياناً أخرى أزمة بين البلدين، لكن من دون أن يتسبب في حرب شاملة.
 ويفصل باكستان عن جارتها أفغانستان خط حدودي بطول 2611 كم يسمى «خط ديورند»، نسبةً إلى «هنري مارتيمور ديورند» سكرتير الشؤون الخارجية في حكومة الهند البريطانية. وتم ترسيم الخط الحدودي في عام 1893، لتوضيح حدود الدولة الأفغانية، وورثت باكستان هذا الترسيم بعد إعلان استقلالها في عام 1974. وهو ترسيم للحدود يحظى باعتراف الأمم المتحدة ودولها الأعضاء، غيرأن الحكومات الأفغانية المتعاقبة لم تعترف أبداً بشرعيته.
 ويسير خط ديورند جنوباً مخترقاً منطقة قبائل البشتون ثم منطقة قبائل البلوش، وهو يقسم أبناء القبيلتين وجماعات عرقية أخرى على جانبي الحدود بين الدولتين. ويوصف الخط على نطاق واسع بأنه أحد أخطر الحدود في العالم من المنظور الجيوسياسي والجيوستراتيجي.
 وكانت أخطر مراحل التوتر في علاقات البلدين في عام 1952 عندما نشرت حكومة أفغانستان مخطط أرض لم تطالب فيه فقط بإقليم البشتون داخل باكستان، بل وأيضاً بإقليم بلوشستان الباكستاني. ومع تصاعد التوتر قطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية بين عامي 1961 و1963، بعد أن قدمت الحكومة الأفغانية الدعم للجماعات الانفصالية المسلحة في باكستان وأدى ذلك إلى نشوب مناوشات عسكرية محدودة.
 وبعيد تسلم حركة طالبان مقاليد السلطة في كابول بدأت الحكومة الباكستانية إنشاء سياج على المنطقة الحدودية بأسلاك شائكة مزدوجة بارتفاع أربعة أمتار ومزودة بكاميرات مراقبة دقيقة. وأوضحت أن الهدف من الجدار الحدودي هو السيطرة واحتواء هجمات الجماعات الإرهابية التي تنطلق من الأراضي الأفغانية. غير أن قيادة حركة طالبان رفضت بشدة فكرة إقامة السياج الحدودي وقامت عناصرها في قوات الحدود بإزالة بعض أجزائه، كما أنشأت نقاطاً حدودية معسكرة لمنع إكمال الجدار.
 يتمثل التهديد الإرهابي الذي تحدثت عنه إسلام أباد، خصوصاً في جماعة طالبان باكستان، التي انتقلت إلى الأراضي الأفغانية وبدأت تشن عملياتها ضد الجيش الباكستاني من هناك.
 وأثارت أحدث مظاهر التصعيد العسكري التي وقعت الأسبوع الماضي، ردود فعل متباينة بين الحكومتين الباكستانية والأفغانية. واتهمت كابول الجيش الباكستاني بقصف مخيمات لاجئين باكستانيين في المنطقة الحدودية والتسبب في مقتل أكثر من 40 شخصاً. وتجنب الجيش الباكستاني التعليق على الغارات التي استهدفت ولايتي خوست وكونار الحدوديتين، لكن وزارة الخارجية طالبت سلطات طالبان باتّخاذ «خطوات صارمة بحق جماعات إرهابية تشن هجمات ضد مواقع الجيش الباكستاني من داخل الأراضي الأفغانية وتحظى بحصانة السلطات في كابول».
 وعلى الرغم من حجم الخسارة الفادحة للتصعيد العسكري الأخير، إلا أن الثابت أن التوترات الحدودية لن تتوقف ما لم يتم التوصل لاتفاق سياسي يكتسب صفة الديمومة ويحقق الاستقرار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"