عادي
ندوة مساحة «تويتر الخليج» توصي بدعم السلع وزيادة الرواتب

التضخم.. ضريبة عالمية تنهك المستهلك

01:37 صباحا
قراءة 6 دقائق
دبي: حمدي سعد

 

شدد خبراء اقتصاديون عبر مساحة «تويتر الخليج» على ضرورة وعي الأفراد تجاه أزمة التضخم التي يشهدها العالم حالياً، وعلى دور الحكومات في الرقابة على الأسواق وتفعيل بعض الإجراءات المالية لكبح جماح هذه الموجة بما لا يؤثر سلباً في النمو الاقتصادي، عبر دعم جزئي للسلع الاستهلاكية الضرورية والنفطية إضافة إلى زيادة الرواتب لمساعدة أفراد المجتمع على مواصلة الإنفاق، ما يعود بالنفع على الاقتصاد الكلي.

أكد الخبراء خلال ندوة حوارية عبر تويتر «الخليج»، بعنوان «من يطفئ لهيب الأسعار؟»، على ضرورة متابعة الحكومات لحركة الاقتصاد العالمي وتأثرها السلبي بالحرب الروسية الأوكرانية وتوجهات الاقتصادات العالمية، لاسيما السوق الأمريكي على مستوى علاج تضخم الأسعار وبالأخص الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار.

وتباينت آراء الخبراء حول أسباب التضخم وهل هو داخلي أم خارجي، وكذلك على مستوى رفع الفائدة على الاقتراض أو وضع بعض الحلول للحد من التداعيات السلبية للتضخم على الاقتصادات والأفراد وآليات تخفيفها.

تضخم داخلي وخارجي

في بداية الندوة التى أدارها رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة الخليج، خضر مكي، استهل الدكتور أحمد بن حسن الشيخ الخبير الاقتصادي المعروف مداخلته بالتأكيد على أن التضخم عنوان اقتصادي كبير متعدد الجوانب والتبعات وهو نوعان: داخلي وخارجي، مشيراً إلى أن التضخم الحالي في دول الخليج ومنها دولة الإمارات تضخم وارد من الخارج بسبب تأثير الحرب الروسية الأوكرانية مؤخراً وقبلها عمليات التيسير الكمي التي قامت بها الإدارة الأمريكية لمواجهة تبعات «كوفيد-19» على المجتمع الأمريكي والقيام بطباعة كميات ضخمة جداً من الدولارات، بحدود قياسية تجاوزت معالجة أزمة الرهن العقاري العام 2008.

1
أحمد الشيخ

وأضاف الشيخ أن قرارات مواجهة التضخم تكمن في قيام الأفراد بعمليات ضبط للإنفاق على السلع الأساسية والبعد عن السلع الترفيهية قدر الإمكان إضافة إلى بعض الإجراءات الحكومية تجاه رفع الفائدة على الإقراض وإن كان له تأثير سلبي في النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات.. إن رفع سعر الفائدة ليس الحل الأمثل كونه يحد من التضخم لكنه لا يوقفه.

ورأى الشيخ أن القطاعات المستفيدة من التضخم هي النفط وبعض المعادن بسبب زيادة الطلب عليها، فيما يظل المستهلك النهائي هو الحلقة الأضعف تجاه التضخم، كونه مجبراً على شراء السلع الأساسية رغم ارتفاعها المتواصل لاسيما المواد الغذائية.

وقال الشيخ: ربما لا تتوافر لدينا كل الأدوات الكافية لكبح جماح التضخم، لكن في الإمارات رأينا عودة النمو الاقتصادي الجيد في الدولة منذ الربع الأول من العام 2021 بسبب سياسة الدولة الرصينة وأفضل الحلول تتركز على دعم السلع الأساسية بشكل مؤقت للحد من التأثير السلبي لارتفاع الأسعار لأن دعم السلع على المدى البعيد له تأثيرات سلبية.. نعم يمكن رفع الفائدة على الاقتراض لكن بنسبة بسيطة.

ورداً على سؤال حول سقف ارتفاع أسعار البترول وما هي الخيارات الممكنة في ظل الصراع الروسي الأوكراني الحالي قال الشيخ: نمر بصراع بين روسيا والغرب حالياً على أرض أوكرانيا وتبعات هذه الصراع على الوضع الاقتصادي العالمي لاسيما على منتجات الحبوب مثل القمح والذرة والشعير، حيث تستحوذ روسيا وأوكرانيا على نحو 30% من الإنتاج العالمي لهذه الحبوب وإذا استمرت الحرب طويلاً ستزيد التبعات عل هذه الأسعار أما بالنسبة لأسعار البترول فيتوقع أن تتراوح بين 150 و 180 دولاراً للبرميل وبالنسبة لوضع الدول الخليجية تستطيع الاتفاق فيما بينها لدعم المنتجات النفطية لتخفيف آثارها السلبية في القطاعات الأخرى.

وأضاف الشيخ: يجب إعطاء حوافز للشركات للاستيراد من أسواق بديلة مثل الهند نظراً لقربها من الإمارات ودول مثل السعودية ومصر لتوفير فارق كلف الشحن على السلع والمنتجات تشجيع الشركات، لاسيما الصناعية على الاستيراد من أسواق جديدة. وفي ما يتعلق بنقطة ارتباط العملات الخليجية بالدولار فلها تأثيرات إيجابية خلال فترات الرخاء وسلبية في وقت التضخم.

أزمة التضخم الأمريكي

1
محمد علي ياسين

من جانبه قال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال»: ليس كل التضخم ضاراً بالاقتصاد، فعندما تكون نسبته أقل من نسبة نمو الناتج المحلي للدول يكون الاقتصاد في وضع أفضل، لكن عندما يرتفع بأكثر من نسبة نمو الناتج المحلي للدول يكون النمو سلبياً في حقيقة الأمر. فعندما تكون نسبة نمو الناتج مثلاً 4% والتضخم 4% كذلك يكون نمو الناتج صفراً وفي حال الاقتصاد الأمريكي التضخم وصل حاليا إلى نحو 9.7% والنمو 4% وهذا وضع سلبي ومنذ العام 2008 لم يعانِ الاقتصاد الأمريكي كما يعاني حالياً بسبب التضخم الكبير.

وأكد ياسين أن أحد أهم أسباب ارتفاع التضخم في أمريكا هو تأخر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) رفع معدلات الفائدة وبات صناع القرار المالي هناك في حيرة بين رفع الفائدة وبين الخوف على النمو الاقتصادي الذي شهد تباطؤاً كبيراً منذ سنوات لحقتها أزمة «كورونا» لتزيد من التأثيرات الكبيرة لعمليات ضخ السيولة لجيوب الأمريكان لمساعدتهم للتغلب على تبعات الجائحة لكن في النهاية كان للتضخم الأمريكي تأثيرات في الدول المرتبطة بالدولار.

وحول القطاعات المستفيدة من التضخم قال ياسين: توجد بطبيعة الحال قطاعات مستفيدة من التضخم مثل: قطاعات الطاقة والمعادن وشركات النظم التقنية، مقارنة بالسندات التي تعاني بشدة حالياً، لذا نرى حالة من الخوف في الأسواق المالية على مستوى بيع السندات بشكل خاص.

وأضاف ياسين، أن دولة الإمارات تشهد منذ سنوات نسب تضخم منخفضة وبعد «كورونا» بدأت الدولة تتجاوز مرحلة التباطؤ بسبب هذه الأزمة وبالتالي فإن موقف الاقتصاد الإماراتي أفضل في ناحية النمو والتعافي، لذا على الحكومة أن تدعم هذا الاتجاه الصعودي للنمو في الدولة.

وأوضح ياسين أن الحديث عن دور الحكومات في كبح جماح التضخم يختلف من حكومة إلى أخرى. ففي أمريكا دائما ما يتطلعون إلى قرارات الفيدرالي عبر رفع الفائدة مقابل الاقتراض، ما يساهم في تباطؤ الشراء، لذا تتغير قرارات الفيدرالي الأمريكي شهرياً حسب الأرقام الواردة عن السوق وإذا لم يتحرك الفيدرالي بسرعة ستكون تأثيرات التضخم سلبية جداً في النمو الاقتصادي.

وشدد ياسين على ضرورة تفعيل الرقابة الحكومية على الأسعار وتقبل فكرة زيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص حتى يستطيع المستهلكون البقاء في أعمالهم ومواصلة الإنفاق في الأسواق نحتاج لرفع الرواتب بنسب 7 إلى 10% وحتى يستطيعوا مواجهة ارتفاع الإيجارات والنفقات الكبيرة الأخرى لاسيما على التعليم والصحة كوننا دخلنا مرحلة النمو بعد «كورونا» وإذا لم يتم رفع الرواتب سيخلف حالة من قوية من ترشيد الانفاق إجبارياً ما سيؤثر في العديد من القطاعات ومنها العقارات والتجزئة بشكل خاص.

ارتفاع 40%

1
إبراهيم البحر

بدوره أوضح إبراهيم البحر، الخبير بقطاع التجزئة، أن الارتفاع في أسعار المواد الغذائية بلغ 40% خلال الشهرين الأخيرين، ومنها الدواجن المجمدة التي ارتفع سعرها أيضاً 40%، إلا أن المستهلك الذي يعد الحلقة الأضعف في معادلة التضخم، عليه واجب إعادة ترتيب أولوياته الشرائية، ما يسهم في تخفيض فاتورته الشهرية، كما أنه مجبر على البحث عن بدائل أقل سعراً عن السلع، خاصة ذوي الدخل المحدود، حيث إن هناك عوامل عدة أسهمت في رفع الأسعار عالمياً وليس محلياً، أهمها ارتفاع تكاليف الشحن العالمية ب300%.

وقال البحر: إن الجمعيات التعاونية بالدولة تعاملت مع ارتفاع الأسعار بطريقة احترافية، خاصة تعاونية الاتحاد في دبي، والتي عملت على البحث عن بدائل عن المنتجات، وخصصت مبالغ كبيرة تجاوزت 100 مليون درهم لدعم العروض الترويجية مؤخراً، وإن التعاونيات يمكن أن تقوم بدور كبير على مستوى الاتفاق على تثبيت أسعار السلع الاستراتيجية، ومع ذلك يقع على المستهلك دور كبير في تقليل النفقات على المشتريات، من خلال إيجاد بدائل أقل سعراً، بواسطة تطبيقات منافذ البيع التي تتوافر جميعها على الهاتف الذكي، والمقارنة بين أسعارها، لاتخاذ قرار الشراء السليم من المنفذ الأقل سعراً.

ودعا البحر المستهلكين إلى عدم التقاعس في عملية الشراء من منافذ بيع عدة، بل جعل السلة الشرائية موزعة على منافذ متنوعة، بحسب الأقل سعراً لكل سلعة، ما يوفر له المال، في ظل تعدد العروض الترويجية وتسابق المنافذ والتعاونيات على جذب الأيدي الشرائية.

رائد برقاوي: ثقافة المستهلكين يجب أن تتغير

قال رائد برقاوي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «الخليج»: إن التضخم مرشح لأن يكون مشهداً عاماً في القطاعات كافة، ما يدفعنا إلى مواجهته، مع قلّة الأدوات المتاحة، لكونه مستورَداً لكن مع تضافر الجهود يمكن مواجهة تبعاته والحد من آثارها السلبية.

1
رائد برقاوي

وأكد برقاوي أن الأهم الآن هو تغيير ثقافة الاستهلاك لتقليل أثر ارتفاع الأسعار على الأسر والأفراد.

وأضاف أن الجهات الحكومية والرقابية مطالبة بالقيام بدورها تجاه موجة ارتفاع الأسعار، كما يجب تسهيل وصول المنتجات من أسواق أقل كلفة بالتنسيق مع التجار والموردين، مشيراً إلى أن لدى دولة الإمارات شراكات تجارية كبيرة يمكن الاستفادة منها عبر الوصول إلى السلع بأسعار معقولة.

وأوضح برقاوي أن الاستعداد للتضخم عملية صعبة كما مواجهته، حيث توجد أدوات داخلية يمكن القيام بها لكن توجد كذلك عوامل خارجية ذات تأثير كبير في اقتصادنا المحلي منها ارتباط العملات الخليجية بالدولار واستيراد أغلب السلع الغذائية بالذات من الخارج وما في ذلك من خضوع لآليات العرض والطلب وكلف الشحن وغيرها على الأسعار حتى تصل إلى المستهلك النهائي في السوق المحلي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"