حوارات زعماء أوروبيين مع بوتين

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق

هل يقترب العالم من الحل الدبلوماسي لأزمة أوكرانيا بعيداً عن الحرب؟ وما هي دلالات تلك التحركات الأوروبية، بالتواصل مع روسيا في تبادل لوجهات النظر حول الخروج من الأزمة؟
 العالم انشغل بمبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون، والمستشار الألماني شولتز، بالاتصال الهاتفي مع الرئيس الروسي بوتين، في حوار لمدة 80 دقيقة، نقلته المصادر عن بيانات للرئاستين الفرنسية والألمانية، والكرملين في روسيا. في ما يوحي بأنها مبادرة أوروبية غربية، وليست أمريكية التوجه.
 تحدثت عن هذا الاتجاه صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، وقالت إن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، تتقدم بمبادرات إلى موسكو، من أجل التخفيف من حدة أزمة الغذاء العالمية.
 وكان رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراجي – وقبل هذا الاتصال الهاتفي بأسبوع – قد طرح هو الآخر فكرة الحل الدبلوماسي – وقال إن المبادرة الأولية التي يمكن استكشاف فاعليتها هي معرفة إمكان إيجاد تعاون بين روسيا وأوكرانيا، كما أن دراجي كان قد التقى مع الرئيس الأمريكي بايدن يوم 16 مايو 2022، وقال إن الوقت قد حان لبدء التفكير في حل سلمي.
 صحيفة «بوليتيكو» استخدمت تعبيراً مختلفاً لوصف اتصالات قادة أوروبا الغربية مع بوتين، قالت فيه، إن معظم العواصم القوية في قارة أوروبا، بدأت تعزف نغمة تختلف عما هو سائد.
 وقالت إن قادة أوروبيين يشعرون بالقلق مما يمكن أن يحدث لو أن أوكرانيا كسبت الحرب، وإن كان ذلك احتمالاً بعيداً ولا يمكن تصوره.
 وتعليقاً على هذه المخاوف قال مسؤولون غربيون إنهم وإن كانوا يتعاطفون مع أوكرانيا، إلا أنهم يخشون حدوث ما وصفه ماكرون بإذلال روسيا.
 خلاصة الحديث الثلاثي بين ماكرون وشولتز وبوتين، أن الاثنين الأوروبيين دعيا بوتين لعقد مفاوضات جدية ومباشرة مع رئيس أوكرانيا. وضرورة وقف فوري لإطلاق النار. وانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا.
 ومن ناحيته حذر بوتين من زيادة واردات السلاح لأوكرانيا. ووصف ذلك بأنه تصرف خطير، وسوف يزيد من عدم الاستقرار وزيادة الأزمة الإنسانية في أوكرانيا.
 لوحظ أن رؤساء آخرين في أوروبا بادروا بالاتصال ببوتين منهم رئيسا إيطاليا والنمسا، وكلهم يريدون الاتفاق على صيغة لتجاوز أزمة إيقاف صادرات الغاز الروسي إلى بلدانهم، والتي تركت آثاراً خطيرة في مجمل احتياجات المواطنين.
 وإذا كان ماكرون وشولتز قد صرحا مراراً بأن من حق أوكرانيا أن تحدد شروط وقف القتال، إلا أنهما أكدا مؤخراً أنهما يفضلان وقف إطلاق النار عاجلاً وليس آجلاً.
 وكان ماكرون قد ذكر في خطابه أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، أننا لسنا في حرب مع روسيا، وقال إن على أوروبا العمل على بناء توازن جديد للأمن، وهو وإن كان لم يشر إلى وجهة النظر الروسية، إلا أن بوتين سبق أن كرر مراراً ضرورة أخذ أمن روسيا في الحسبان، في إطار منظومة أمن القارة الأوروبية.
 كان لافتاً لنظر المحللين في الغرب أن اتصال زعيمي ألمانيا وفرنسا مع الرئيس الروسي، قد جاء قبل يومين من قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، والتي سادتها الانقسامات المتزايدة في أوروبا، حول خيارين، إما اتخاذ موقف متشدد من روسيا، وإما حث أوكرانيا على اتباع نهج المفاوضات الجدية مع روسيا، ووقف إطلاق النار.
 وأثار الانتباه أيضاً رد فعل عاجل للحوار الثلاثي بين قادة دولتين كبريين في أوروبا الغربية وبين رئيس روسيا، باتخاذ ثلاث دول في شرق أوروبا هي أستونيا ولاتيفيا وليتوانيا، موقفاً مضاداً، حيث انتقدت بقسوة هذه الاتصالات.
 أما عن الموقف العام في أوروبا الغربية، فلا يمكن استبعاد مشاعر الضيق المتزايدة لدى شعوبها من كثافة العقوبات الاقتصادية على روسيا، والتي ثبت انعكاس آثارها على شعوب أوروبا، والقول بأن الخسارة تلحق بالجانبين، وبحيث بدأت هذه الشعوب تتساءل عن جدوى التأييد المطلق لأوكرانيا إذا كان ثمنه متاعب حياتية تصيبها، جراء حرب اقتصادية ضد روسيا.
 وإذا كانت مبادرة الزعيمين الفرنسي والألماني قد جاءت من أوروبا بلا نكهة أمريكية، فإن ذلك قد صاحبته مقولات لمحللين أوروبيين، تقول إن المشكلة أصلها حرب بالوكالة. وهو ما فسروه بأن أمريكا هي التي توجه مسار الأزمة، وليست أوكرانيا، الطرف المباشر فيها.
 وربما تكون تلك النظرة لأصل المشكلة، هي التي كانت وراء ما بدا أنه تصرف منفرد من أكبر قوتين في أوروبا الغربية، وإن كانت التداعيات له، قد أظهرت نوعاً من القبول من دول أوروبية أخرى، ومن بعض قطاعات الرأي العام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"