اقتصاد المواهب المفتوح

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

لا نبالغ حين نقول: إن مشهد التوظيف الحالي يمر بتغيرات غير مسبوقة منذ الثورة الصناعية، وأصبحت مفاهيم مثل «اقتصاد المواهب المفتوح» جزءاً من الحراك الذي يصب في مصلحة التحول إلى مستقبل عمل جديد؛ حيث تسبق سمات مثل المرونة والقدرة على التكيف، الفكر المبني على الأمن الوظيفي والتوظيف طويل الأجل والأدوار الموحدة، فماذا يعني هذا الاقتصاد؟ وكيف يؤثر في حياة الفرد، ونجاح المؤسسات؟
«اقتصاد المواهب المفتوح» ناشئ ومدفوع بشكل أساسي باتجاهات كبيرة تعمل على تغيير نظرتنا للمواهب وأنظمة العمل، وهي: التكنولوجيا، أشكال التنقل الحديثة، سرعة التغيير، البعد عن العقد الاجتماعية؛ أساس العلاقة بين الموظف والمؤسسة، تعزيز التعليم، وإتاحة الوصول إلى مصادر المواهب دون الحاجة إلى الوسيط التقليدي. هذه التوجهات أوجدت مفاهيم جديدة في التعامل مع الحاجة المتزايدة إلى الموهبة مثل: الشراكات، التعاقدات، والمواهب المستقلة، ما يستدعي إعادة النظر في مفهوم تقليدي هو «القوى العاملة» أو «الموارد البشرية».
تشير ورقة بحثية نشرتها «ديلويت» إلى أن زمن البحث في بيانات الموظفين التاريخية ولّى، وحل محله استخدام تحليلات البيانات الذي يحقق أغراضاً تعليمية وتنبؤية، كما أن الحدود التنظيمية سيعاد تعريفها، بسبب خيار المصادر المفتوحة، للاستفادة من كفاءات ليست بالضرورة في داخل الشركة، مما يتيح فرصاً غير مسبوقة بالنسبة لإدارات الموارد البشرية لقيادة هذا التوجه، كما أن بناء قيادات قادرة على فهم هذه النظم الجديدة، هو مفتاح التعامل مع مشاكل التطبيق على أرض الواقع.
في هذا السياق، تقدم دولة الإمارات نموذجاً مبشراً فيما يتعلق بتأسيس جيل جديد قادر على قيادة اقتصاد جديد ناجح، من خلال استراتيجيتها في استقطاب واستبقاء المواهب الشابة في القطاعات الاستراتيجية الوطنية؛ مثل: تكنولوجيا المعلومات، الأمن الغذائي، العلوم والتعليم، الطاقة، الخدمات المالية، الصناعة الثقافية والإبداعية وريادة الأعمال، أما الأهداف التي ستتحقق، فهي متعلقة بترسيخ مكانة الدولة في مجال تنافسية المواهب العالمية، وضمان توفر المواهب الاستراتيجية، لتمكين الاقتصاد المعرفي، وتحويل الإمارات إلى وجهة أولى ومفضلة للمواهب العالمية، ويمكن اعتبار مشروع «الإقامة الذهبية» أحد النماذج المطبقة.
خلاصة القول إن هذا الاقتصاد الواعد سيسهم لا محالة في إثراء المجتمعات، وتحقيق التحفيز الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، إلا أن التعليم المعزز ونهج التعلم المستمر، هما من المحركات الأساسية لنجاح هذا النموذج، وهو الأمر الذي نأمل بأن يتم وضعه في قلب النسيج منذ نعومة أظفار الجيل القادم، بما يحقق الاستدامة المجتمعية والاقتصادية المأمولة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"