أول بيت للشعر

23:36 مساء
قراءة دقيقتين

محمد عبد الله البريكي

استقبلت مدينة المفرق في الأردن أول مكرمة من مكارم مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بإنشاء بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي، وقد حظيتُ بشرف تأثيث هذه الولادة، وبثقة دائرة الثقافة بالشارقة مشكورة في إشراقة هذا الضوء الساطع الذي تشظى إلى هالات من الجمال والوهج الشعري، ولم يكن هذا السطوع يحدث لولا تلك اللحظة التي أطلق فيها صاحب السمو حاكم الشارقة تلك المبادرة الكبيرة التي غيرت مشهدية الشعر، فاتسعت خارطة البهجة والدهشة، وتشظت جزيئات الحلم لتعبر المدن حاملة ضوء القصيدة العربية، سابحة به في مجرات الطموح، ومدارات الأحلام.

ها هو أول بيت، يحشد الدهشة في الدورة السابعة من مهرجان المفرق للشعر العربي بوجود صناع الفرح في القصيدة، الذين يسيلون عطراً في الزمن، وماءً في شرايين الذائقة العالية، وهم يثبتون أن الشعر بخير، وأن الذائقة لا تحيا إلا بخيره، ولا تعتل إلا إذا اعتل، فالشعر العربي متجدد بما يمتلكه من ثراء اللغة واتساع أخيلتها وانزياحاتها وصورها ومجازاتها، ولا تتوقف قوافله المحملة بخيرات ديوان العرب ما دامت هناك أيادٍ كريمة تعطي «عطاء من لا يخشى الفقر» فكرم سموه وفير، وخيره على الشعر وأهله كثير، وولادات الدهشة تتربى في عز ورعاية كريمة من سموه، فهو كمن قد قال: «تعوّدَ بسْطَ الكفِّ حتى لو انَّهُ/ دعاها لقبضٍ لمْ تُجِبْهُ أنامِلُهْ».

إنني وأنا أقرأ برنامج فعاليات هذه الدورة، أشعر بفرح عارم، لأن بقاء الشعر الحقيقي هو حياة الشاعر، وحياة الشاعر الحقيقي حياة الإنسانية التي تنبت من جذور رقة المعنى، وصفاء الشعور، ففي ظل ما يعيشه العالم من قلق وخوف وترقب وحذر، تجد في ظل هذا الدخان الخانق، والألم الجاثم على الأرواح، واحات خضراء تحلق حولها طيور الشعر، وتتدلى فيها ثمار الكلام، ويستظل الهارب من هجير الأيام تحت ظلال معانيها الآسرة الساحرة، فممالك القصيدة تبنى بالعلم والعطاء، والمحافظة على هذه البيئة النقية يحتاج إلى جهود وفية، فعطاء صاحب السمو حاكم الشارقة ليس ماءً راكداً في مساحة ضيقة من هذا الكون، إنه الغيمة الماطرة التي تتنقل بثقل خيرها، لتمطر في أماكن كثيرة، ويصل خراجها لينعم به الشعر وأهله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nhh28a4m

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"