عندما تسهل القوانين الفكر المتطرف

04:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

أحداث مؤسفة هزت نيوزيلندا والعالم، راح ضحيتها أكثر من 91 مسلماً بين 51 شهيداً، و40 جريحاً، بعد أن أمطر منفذ الجريمة الإرهابية المصلين بوابل من الرصاص وقتلهم بدم بارد، ولم يفرق بين أطفال أو رجال أو نساء.
كان السبب الرئيسي في ذلك، الدوافع الإرهابية العنصرية والكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وقد رسم عبارات متطرفة على سلاحه الناري المرخص من قبل الحكومة النيوزلندية. والجدير بالذكر أن عدد سكان هذه الدولة 5 ملايين نسمة، والأسلحة المرخصة فيها تصل إلى 1.5 مليون سلاح، وليست للشرطة النيوزيلندية إحصائيات مؤكدة عن عدد الأسلحة الموجودة في نيوزيلندا.
للأسف، فإن الإرهابي الذي قتل المصلين الأبرياء لن يخضع لعقوبة الإعدام، وهذا يرجع للقانون النيوزيلندي الذي ألغى عقوبة الإعدام نهائياً في الجرائم الجنائية، بموجب تعديل دستوري عام 1989. وبالتأكيد يرجع التعديل إلى ضغوطات مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية على الحكومة حين ذاك، وعلى ذلك فإنه إذا أقرت المحكمة إدانة الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت، فإن العقوبة تكون هي السجن مدى الحياة، مع عدم إمكانية العفو عن المحكوم عليه إلا بعد قضائه 10 سنوات على الأقل في السجن؛ أي أنه يمكن أن نراه مرة أخرى بعد 10 سنوات، طليقاً حراً يتجول في شوارع نيوزيلندا، أو في المدن الأسترالية، إن لم تتم إعادة النظر في قانون الجرائم الجنائية.
إذا رجعنا للتاريخ الحديث والفعلي للتحريض وزرع الكراهية ضد المسلمين، فإننا نرى ذلك في آخر انتخابات أمريكية، حيث اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مواقف مشينة ضد المسلمين والمهاجرين حول العالم، وكان خطابه الانتخابي يضج كراهية وعنصرية ضد المسلمين، ومن بعدها تناول بعض السياسيين والمسؤولين حول العالم بكل وقاحة، ودون مراعاة لمشاعر المسلمين، خطابات مثيلة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تدعو إلى العنصرية ورفض اللاجئين والمهاجرين، والعالم كله شاهد على السيناتور الأسترالي العنصري فرايزر أنينج، وهو يردد مواقف عنصرية كريهة، حيث تعرض للرشق بالبيض على رأسه من قبل شاب استفزه خطابه ورفض ما قاله عن المسلمين.
العالم اليوم متفق على أن المسلمين جزء لا يتجزأ من المجتمعات العالمية، فلهم الحقوق الكاملة مثلهم مثل أصحاب الديانات الأخرى.
فالإرهاب لا دين له، ولكن المنظمات السرية الإرهابية تستغل الأديان في الإرهاب، والأديان من ذلك براء.
ويحرص الإرهابيون عبر التاريخ، على زرع الطائفية والكراهية والعنصرية بين الناس، وتغذية خطابات العنف والتشدد التي تحمل معاني التطرف ورفض الآخر وعدم تقبله، وزرعها في عقول الضعفاء الذين يتم استغلالهم من قبل هذه المنظمات الإرهابية لقتل البشرية وإبادتها. وأكبر مثال في عصرنا الحديث، هو ما يقوم به الكيان الصهيوني من إبادة للشعب الفلسطيني على مدار 70 سنة، ونهب أرضه بالقوة من منطلقات عنصرية يُغذيها فكر صهيوني خبيث.
فجرائمه من أبشع الجرائم في حق المسلمين في عصرنا هذا، حيث أبيدت قرى وارتكبت مجازر بحق مئات آلاف الأطفال والنساء والرجال، وما زالت ترتكب حتى الآن تحت أنظار العالم وبصره، حيث يقف من دون حراك بسبب القوة العالمية المسماة الولايات المتحدة، التي تغض الطرف عما يفعله هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني الأعزل؛ بل توفر له كل أسباب الدعم والقوة كي يواصل جرائمه.
ربما حان الوقت أن تقوم الحكومة النيوزيلندية بمراجعة تشريعات وقوانين العقوبات وحيازة الأسلحة، وإلا فإن هذه الجريمة الإرهابية قد تكون مجرد بداية، وعلى الأجهزة الاستخباراتية أن تكون يقظة أكثر، ويكون لديها إشعار قبل وقوع مثل هذه الجرائم التي ستهدم كل ما حققته نيوزيلندا من تعايش بين البشر على أرضها.
تعازينا الحارة لأسر الضحايا، والأمة الإسلامية، والشعب النيوزيلندي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"