خطة انتخابات خطرة

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

اعتمدت لجان الحزب الديمقراطي الأمريكي الانتخابية، استراتيجية غريبة من نوعها، لتحقيق الفوز في الانتخابات النصفية على خصومهم الديمقراطيين. وتتمثل هذه الخطة في إنفاق ملايين الدولارات، لتشجيع وتصعيد بعض المرشحين من الحزب المنافس من الشخصيات المعروفة، باعتناق أفكار اليمين المتطرف، والمؤيدة لترامب ومزاعمه بسرقة انتخابات 2020 الرئاسية.

وقاد منظمو هذه الاستراتيجية حملات إعلانية ضخمة، وأنشطة أخرى في السر والعلن، لدعم المرشحين المتطرفين في الحزب الجمهوري. وقد نجحت هذه الاستراتيجية في نهاية الأمر في تقليص مكاسب الجمهوريين، وحققت الفوز للعدد الأكبر من المرشحين الديمقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ وحكام الولايات الأمريكية.

وتكمن الفكرة في محاربة المرشحين المعتدلين داخل الحزب الجمهوري، وتقليص فرصهم في الفوز بترشيحات الحزب لمصلحة المرشحين المتطرفين. لقد كان وجود مرشحين معتدلين من الحزب الجمهوري يطرح صعوبات كبيرة أمام الحزب الديمقراطي، بسبب عقلانية طروحاتهم لجماهير الناخبين، وصعوبة مواجهتهم والتغلب عليهم. بينما كان من السهل هزيمة شعارات المتطرفين، ودحض دعايتهم، وتشويه صورتهم أمام الناخبين، وبالتالي إسقاطهم في السباق الانتخابي، وكسب المقاعد على حسابهم.

وقد حذر عدد من قادة الحزب الديمقراطي من هذه الخطة التي تنطوي على احتمالات خطرة ونتائج عكسية. وقالوا: إن الأموال الهائلة التي ينفقها الحزب الديمقراطي، لتلميع مرشحين متطرفين من الحزب الآخر، يمكن أن تؤدي إلى انتخاب هؤلاء الأشخاص الذين يقول الديمقراطيون إنهم يشكلون تهديداً للديمقراطية الأمريكية.

ومع ذلك مضى الحزب الديمقراطي قدماً في تنفيذ هذه الخطة طوال فترة الحملات الانتخابية لانتخابات نصفية الكونغرس وحكام الولايات. والمدهش في الأمر أن هذه المغامرة حققت نجاحاً نسبياً في عدد كبير من الدوائر الانتخابية، فقد حصل الحزب الديمقراطي على أغلبية معززة في مجلس الشيوخ، بينما حصل الجمهوريون على أغلبية ضئيلة في النواب. كما حقق الديمقراطيون مكاسب لافتة في انتخابات حكام الولايات الأمريكية.

وقال المتحدث باسم جمعية الحكام الديمقراطيين، ديفيد تورنر: «إن التعريف بالجمهوريين خلال وقت مبكر، وعدم السماح لهم بالخروج من تصنيف المتطرفين، كان أمراً حاسماً لهزيمة رافضي نتائج الانتخابات في جميع أنحاء البلاد».

لقد عَبَرت الخطة، لكن مخاطرها غير المنظورة لم تبدأ بعد. فقد دأب قادة الحزب الديمقراطي على أن يطرحوا حزبهم باعتباره الحامي والمدافع عن القيم الديمقراطية، معتبرين خصومهم الجمهوريين أعداء لها، وخطراً عليها. ولكن ألا تمثل هذه الاستراتيجية الانتخابية تلاعباً بالقيم الديمقراطية، وانتهاكا لأخلاقيات العمل السياسي؟

طرح النائب الديمقراطي السابق تيم رومر، هذا السؤال على قادة الحزب وجماهيره، مشيراً إلى أن الخطة تنطوي على نتائج مدمرة في نهاية المطاف، لأنها تعني التضحية بالمكانة الأخلاقية العالية للحزب الديمقراطي، وتساعد في تضخيم مزاعم ترامب حول نزاهة الانتخابات.

وربما بسبب الزخم الذي أفرزته نتائج الانتخابات، والفوضى الناجمة عن اختيار رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، فإن مثل هذه الأسئلة لم يتم طرحها أو مناقشتها بشكل جدي، يماثل أهميتها وخطورتها. لكن ذلك قد يبدأ اليوم أو في أي وقت.

[email protected]

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3hruvc8j

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"