هل تصور الكاميرات الملائكة؟

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

في شهر رمضان الماضي من عام 1438ه الموافق لعام 2017 من الميلاد، قام بعضهم بعمل فبركة فقدم صورة للناس تبين أن أنواراً ملائكية أو الملائكة أنفسها تهبط من السماء على سطح الكعبة المشرفة.
هذه الصورة الخداعة شوهدت في ليلة القدر التي يحييها المسلمون بقيام الليل وتلاوة القرآن والذكر والدعاء، فصدّق بعضهم الكذبة، ووزع المشهد عبر الرسائل الإلكترونية من غير استخدام عقل، وإلا فإن التصنع والتفبرك واضح، إذ كيف تنزل الملائكة بهذه الكثافة في ليلة القدر، في حين أن المشهور أن القرآن الكريم نزل جملة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ثم أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث وعشرين سنة، والله تعالى يقول: «نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين» (الآيتان 193-194) من سورة الشعراء».
فوضع سورة القدر خلفية لنزول الملائكة على سطح الكعبة أو الحرم المكي يكذب المشهد، لأنه لا علاقة بين الصورة الملائكية والصورة الخلفية لليلة القدر التي تتحدث عنها السورة.
وإزاء ذلك كان للأزهر رأي فيما شوهد، حيث يقول الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر عميد كلية أصول الدين بالأزهر سابقاً: «إن الملائكة لا تُرى ولكن الناس يرون حقيقتها نوراً في أنفسهم، وإذا كانت لا ترى فكيف للكاميرات تصويرها؟».
وقال بيومي أيضاً: «إن هناك ملائكة لكتابة الحسنات والسيئات وتسجيل حال العباد، وهناك ملائكة تنزل على قلب الإنسان لتملأه بالسكينة والطمأنينة، أو تتنزل لتساعد في الشدائد للتثبيت».
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون». (رواه البخاري ومسلم).
وقال أيضاً: «إن الملائكة يتجسدون في أشكال رفيعة أو على هيئة بشر» وقد قيل: إن جبريل عليه السلام كان ينزل على الرسول بصورة الصحابي دحية الكلبي الذي كان رجلاً وضيئاً طاهراً.
إذن فإذا كانت الملائكة أجساماً نورانية سامية لا ترى بالعين والكاميرات فإن الجن أجسام نارية مستترة عن الإنس، قال تعالى: «إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم» (الآية 27 من سورة الأعراف)
لكن ثبت في الحديث أن الجن يمكن أن تظهر على صورة الناس والحيوانات وغيرها.
ويُروى عن ابن جرير الطبري في تفسيره عن عروة بن الزبير قال: «لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر، فكاد ذلك أن يثبطهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن جحشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة، فقال: أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعاً»
(انظر تفسير الطبري، وذكر ابن كثير هذه القصة في كتابه البداية والنهاية ج 5 ص 62).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"